بعيونهم: المقاومة في لبنان باتت أكثر فتكًا

كتب رون بن يشاي في يديعوت أحرونوت:

يتضح أن المقاومة في لبنان تنظيم يتعلم، ويستخلص الدروس بسرعة، ويحسّن أداء الأسلحة التي يستخدمها. والدليل على ذلك، انفجار 3 مسيّرات تابعة له في الجليل، انفجرت اثنتان منها بالقرب من بيت هيلل في الأمس، والثالثة انفجرت اليوم في “عرب العرامشة”، وأدت إلى إصابة 20 إسرائيلياً.

لم يُطلق إنذار مبكر لسكان بيت هيلل، بينما جرى إنذار لسكان قرية “عرب العرامشة”، لكن في الحالتين، لم ينجح اعتراض التهديد. ويبدو أن السبب هو أن منظومة الكشف والاعتراض في الجيش الإسرائيلي لم تكشف المسيّرات الناسفة، ولم تعترضها. لقد جرت في الماضي أحداث كهذه، حين لم تتمكن القبة الحديدية من اعتراض مسيّرات، لكن ما حدث يومها كان نتيجة خطأ، أو إخفاق، أو حظ سيئ؛ هذه الحوادث لم تكن كثيرة، ويمكن نسبها إلى حقيقة أنه على الرغم من أن القبة الحديدية مؤهلة لاعتراض المسيّرات، فإنها لا تقدم دفاعاً محكماً.  

لقد دلّت الساعات الثماني والأربعين الأخيرة على تحوّل جوهري لمصلحة حزب الله، يسمح له باختراق منظومة الإنذار والاعتراض في الشمال.

وفي هذا السياق، يجب التذكير بعدد من الحقائق التي تقدم تفسيراً لهذه الظاهرة: تتوجه المسيّرات والطائرات من دون طيار نحو أهدافها بواسطة 3 منظومات توجيه أساسية. نظام يوجّه المسيّرة نحو هدفها عبر مشغّل على الأرض، بواسطة كاميرا مثبتة على أجنحتها، أو على مقدمة المسيّرة، وتسمح هذه الكاميرا للمشغّل الموجود على الأرض بتوجيه المسيّرة نحو الهدف وتحديد وقت تسلُّلها والانقضاض على هدفها بدقة.

الأسلوب الثاني للقيادة والتوجيه، هو أن يكون نظام توجيه المسيّرات مخططاً له مسبقاً، وهو الذي يوجّهها إلى هدفها، عبر مسار محدد مسبقاً، وبحسب إشارات راديو تلتقطها من أقمار صناعية، مثل نظام الـGPS.

الأسلوب الثالث، هو أن تتخذ المسيّرة مساراً محدداً لها سلفاً، لكن التوجيه يكون بواسطة منظومة تشغيل أوتوماتيكية موجودة فيها. هذه المسيّرة من المستحيل تعطيلها لأنها لا تحتاج إلى اتصالات بعامل خارجي، كالأقمار الصناعية، أو مشغّل لها.

هذه الأساليب الثلاثة للتوجيه تمنح المسيّرات قدرة على التصرف كطائرة حربية تستغل المناطق “الميتة” التي لا تغطيها منظومة الرادار، أو أدوات كشف بصرية، وتتقدم نحو الأودية العميقة في اتجاه منطقة الهدف، ثم تحلّق عالياً وتختار بدقة، بواسطة الكاميرا، أين يجب أن تهاجم، تحديداً، وتنقضّ على هذه النقطة بالعبوة الناسفة التي تحملها. والمنطقة الوعرة والجبلية، مثل الحدود اللبنانية، تُعتبر مثالية لاستخدام المسيّرات الهجومية/الانتحارية بواسطة أحد الأساليب الثلاثة، مع تفضيل عناصر حزب الله أسلوب التوجيه الذاتي الذي لا يمكن تعطيله، ولا يحتاج إلى توجيه المسيّرة الهجومية في المرحلة الأخيرة من تحليقها، قبل انقضاضها، فالمنظومة الذاتية وجهاز الارتفاع يقومان بالعمل. لكن استخدام مسيّرات من هذا النوع يتطلب قدرة تقنية ومشغّلين وخبرات نعلم أنها موجودة لدى الإيرانيين، لكن على ما يبدو، أن حزب الله اكتسبها مؤخراً نتيجة احتكاكاته بالكيان.

المسيّرات التي أصابت بيت هيلل وتلك التي أصابت “عرب العرامشة” يبدو أنها من طراز “شاهد 136″، التي استخدمها 

حزب الله في الماضي، وهي ليست من الطراز الأكثر حداثةً “شاهد 238″، التي استخدمها الإيرانيون في هجومهم الكبير يوم الأحد. كما استخدم حزب الله أمس واليوم مسيّرات من نوع “مرصاد”، وهي تطوير للمسيّرات القديمة من صنع إيران وتحمل اسم “أبابيل”. هذه المسيّرة كبيرة وقادرة على حمل 50 كلغ من المواد الناسفة وأكثر، وعندما تنفجر بسرعة، يتسبب حجمها الكبير بضرر كبير نسبياً. ويبدو أيضاً أنه من الصعب الكشف عن “المرصاد” لأسباب عديدة. لقد تعلّم حزب الله جيداً كيفية عمل منظومتَي الرادار والاعتراض الإسرائيليتين، وفهم أن قدرته على توجيه مسيّراته مرتبطة بمنظومة الكشف المبكر، وبالفترة الزمنية لانطلاق الصواريخ الاعتراضية نحو هدف يتحرك ببطء، وهو ما يجعل من الصعب على الصاروخ الوصول إليه.

طبعاً، من الممكن تغطية كل المناطق “الميتة” في المنطقة الحدودية بالرادارات ووسائل مراقبة أُخرى، لقد فعل الجيش ذلك قبل الحرب. من المعقول الافتراض أنه في هذا السباق على التعلم بين جيش الاحتلال وبين المقاومة، فإن كفة الجيش هي الراجحة، كما من المحتمل أن ترجح كفة التكنولوجيا الإسرائيلية خلال فترة قصيرة، لكن من المهم أن نتذكر أنه في مقابل أي وسيلة نستخدمها، يعلم العدو خلال وقت قصير ما هي الأداة التي يجب أن يستخدمها ضدها، ولن تتمكن منظومة الدفاع الفعال التي تشكل القبة الحديدية، ومقلاع داود أحد مكوناتها، من اعتراض كل ما يُطلق على إسرائيل، بدءاً من القذائف والصواريخ، وانتهاءً بصواريخ كروز. المنطقة الجبلية ووعورة الحدود مع لبنان تشكلان تحدياً خاصاً من نوعه، وهذا لا يتطلب فقط حلولاً تكنولوجية، بل أيضاً استثماراً مالياً كبيراً من أجل التوصل إلى تحقيق نسبة اعتراض عالية.