تتواصل الحرب في غزة وعليها ويتم التحضير لمعركة رفح لا من قبل (الاسرائيلي) فقط، وانما بالتنسيق وربما بقيادة العسكريين الامريكان المباشرة، وفي اجواء تواطؤ عربي عبر عنها سامح شكري وزير خارجيه مصر اذ قال ان مصر ستفتح الحدود امام اللاجئين الفلسطينيين من رفح وتقوم بإيوائهم في سيناء وذلك لدواعي انسانيه، و هي ما يخطط له الاسرائيلي لتكون هجرة دائمة، في حين لا تبدي المقاومة خوفا من هذه المعركة كما لا تبدي ضعفا او تساهلا في التفاوض الذي لا يكاد يتوقف حتى يبدا من جديد، ايضا لا يظهر اهل غزة تعبا او رغبة في الانفكاك عن دعم المقاومة والالتفاف من حولها، اذ انها خيارهم الوحيد الذي تكيفت اوضاعهم في ظروف الحرب القاسية معها خلال الشهور الستة و نصف الماضية ثم ان الاسرائيلي لم يترك لهم خيارا في اسلوبه الذي لا يفرق بين طفلا او شيخا او امرأه او بين مواطن مدني ومقاتلا مسلح.
ومن الطبيعي ان المفاوضات غير المباشرة الساعية للوصول الى هدنة مؤقتة او وقف دائم لإطلاق النار لا تجد قبولا من طرفي الحرب (فالإسرائيلي) يريد نصرا ولو كان مظهريا ويريد وقف اطلاق نار وفق شروطه وتحرير اسراه بثمن بخس كما اعتاد في جولات القتال السابقة عندما كانت تقوم مصر بدور الوسيط والكفيل للالتزامات (الاسرائيلية) بإعادة الاعمار ورفع الحصار، ولم تكن مصر تلتزم بتعهداتها او تتعامل معها بجدية ،الامر الذي لم تعد المقاومة تقبل به اليوم ،طالما ان قرارها قد اصبح في الميدان وفي يد العسكر الاكثر قربا لأهل غزة و معرفة بأوضاعهم و معاناتهم اولا ولمحور المقاوم ثانيا .
وفي قراءة غير رغبويه تعتمد على المعطيات المتوفرة ولا تعبر عن الاماني على مشروعيتها، فان الاوضاع لا زالت برغم صعوباتها الإنسانية تبدو قويه خصوصا في القتال و السياسة وهذا امر كاف في حالتنا هذه ،اما الاسرائيلي فلا يبدو ايضا قادرا على تحقيق نصر او انجاز في هذه الحرب التي كلما طالت كلما انخفض حضوره فتناقصت حيويته الامر الذي يضعه في طريق ضيق ذات اتجاه واحد من الصعب عليه العودة الى الوراء ومن الصعب عليه السير الى الامام ومن الصعب عليه التوقف حيث هو ،الامر الذي سيضطر الامريكي في النهاية بان يتخذ المبادرة والقرار ويجرع الاسرائيلي الكاس المر للخلاص من حاله الاستعصاء هذه.
لا يملك (الاسرائيلي) امام حالة الاستعصاء هذه الا الهروب الى الامام وهو لا يجد في هروبه هذا الا احد طريقين او كلاهما، الطريق الاول هو الاستمرار في محاولاته لتوريط واشنطن و حلف الناتو الكبير و الصغير (العربي) في الحرب من خلال توسيع دائرتها لتشمل لبنان خاصة ومحور المقاومة عامة ،وهو ما حاوله مرارا ،ولكن كان يقف حائلا دونه الضغط الامريكي من جانب الذي يرى ان لديه من الهموم ما يكفيه في اوكرانيا وبحر الصين، ويتصادم ايضا مع الرؤية الإيرانية ورؤيا المقاومة اللبنانية التي ترى ضرورة الحفاظ على ايقاع الحرب الحالية بحدود المشاغلة دون الانزلاق الى الحرب المفتوحة ،الا اذا تجاوزت (اسرائيل) الخطوط الحمراء التي جعلت من ايران تغادر مربع الصبر الاستراتيجي الى مربع الفعل والرد الاستراتيجي في الاسبوع الماضي.
لكن طريقه الهروب الى الامام قد تكون في العودة للعمل على تنفيذ مشروع الحكومة الحالية بالقدس و الضفة الغربية حيث يتصور هؤلاء ان بإمكانهم تعويض عدم قدرتهم على تحقيق انجاز في غزه بتحقيق مكاسب في الضفة الغربية و القدس، الامر الذي نراه في ما يخطط له الاحتلال بالقدس عموما و بالمسجد الاقصى خاصة، كما في الاجتياحات اليومية لشمال الضفة الغربية والتي تستهدف المقاومة اولا ولكنها تستهدف تدمير المدن والمخيمات والقرى وبناها التحتية من شوارع وشبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي بما يجعلها غير قابله للسكن و العيش تمهيدا لمشروع التهجير وضم مناطق الضفة الغربية لتصبح جزءا من (دوله اسرائيل) وهذا امر يجعل من المعركة بالقدس و بالضفة الغربية لا تقل ضراوة وخطورة في ابعادها عن المعركة الدائرة في غزة وهو ما يجب ايلائه الاهتمام و اخذه على محمل الجد و الخطورة.
جنين- فلسطين المحتلة