بيروت

تعود إلى السر
والوقت ينزع ما كان
بين الجدار وبين الأجنة
من خجلٍ.

تعود إلى السر
من نبضة العنق
حتى المتاهة في الحُلمْ.

ومهما ابتعدتَ
فجلدك باقٍ هنا.
ومتاعك باقٍ هنا.
وتفاصيل خوفكَ.
والآن. ها انت تقتربُ الانَ
مهما ابتعدتَ…
فهذي الشوارع تمسك وقع خطاكَ
وتنتزع الاتجاهاتِ منكَ .
وهذي الزواريب
تترك جلدك يمعنً في الأرضِ
شوقاً .

مهرّج

عيناي بحر الوحدة المُغلقة الأنحاء
أهوي شفقيَّ الوجدِ
أطوي كل وجدي بين كفَّيَّ
ولكن حين يأتي الليل
يأتي الليل في كفَّيَّ
والوجد الذي جمعتُهُ يصبح وجداً أبديّاً

إنما بعرق بين العقل والقلبِ.
وأمسى كافراً يسجد للمنفى
بريئاً، يرسمُ الأفعى على كل البراءاتِ.
أنا كالحدّ بين الصبح والإجهاد
أقتات بشهد اللحظة الأنثى
وأطعم شوقيّ المسدود قلبي
وفُتاتَالساعة الملقاة في النسيان.

عبثاً أبحث بين الحشد عن أُنثايّ،
فالجمهورُ والأضواءُ والمسرحُ والأدوارُ حولي اختلطت.
والوحدةُ الشرنقةُ المحارةُ السجنُ قميصي.
هذه الأوزار لا تجدي.
ولا يجدي قناعُ الوحدة الساكنُ في وجهي..
ولا الناسكُ قهراً في الزمان.

سافر

ولا تنس أنك شوهدت تغرق.
وأنك ما عدت ترسل عينيك
عبر اليبابِ
ولن تتضرّعَ
(إذ تتراقص فوق المسامير)
أن يستمرّ
التئامُ العناصر فيك وبعدك.
بكوا عندما اختطفوك
ذراعاك ماتا.
تماسك، تُحيطُ بذاتك مثل الجهاتِ
تجوّل كمصباح أبنائك المتعبين
وحمّل على رفضك المستحيلِ
امتدادَ ذواتِك
أدنان رؤياكَ

13 نيسان

13 نيسان 1975 بداية الحرب اللبنانية

جاؤوا يبيعون التُراب عند الظهر
والملاعق المحطّمة.
وكلّهم ولائم
وكلّهم
أيدي الخريف المجرمة.
والليل في أنفاسهم
يسأل عن رائحة الليمون
في ازقةٍ سجينةِ الرؤى
في بلد الأصنام والإسفلتْ.
وعن حصاننا الذي
أمطره نيسان بالمجازر،
وعن رغيفنا الذي أسكنت فيه نقمتي
وركضي المجنونَ
وابتسامة الخناجر.

وحائطُ المبكي الذي سميتُهُ بيروت
صار أذرع الخلاص..
وعمّد المستقبل المذهول
في ولادة الرصاص في الرصاص
نيسان يبني جيله
نيسان يبني جيله
لساعة القصاص.

في شرايين التراب

ذات ليلة
والعصافير نيّامٌ
والبيوت الصفْر مرساة السحائب والقمرْ
والدّوالي تلتقي رجف الظلال الحلوة الحنطية المبسمِ
والإسمنت يرسم حدة الأضواء
في زندٍعلى المحراثِ لم يلمَس جحود الليلِ
لم يتعب ولمْ…
والشطُّ يحزم للموانئ والصواري همّة الملاحِ والدفة …
وأطفالُعلى الأفقِ المحنى
يندهون لأهلهم في الرحلة الزرقاء:
“عودوا بالهدية”
ذات
صرتُ في حيفا غريباً …
والعصافير نيام في بساتين النقب
وعى الشط المسيّج أحفر الرملَ الغريبَ
ويأكل الرملُ الغريبُ هديتي .
يا جراح المارد المذبوح
يا أشلاءه، عدنا لمحراث الحياة،
أمتي، خنساء يافا، أحرقت فينا دموع الأُمهاتْ
سلخوا أغنيتي عن رجعة الصوت المحدّقِ
في الخرابْ
غير أني سوف أبقى،
سوف أبقى في شرايين الترابْ.

وأطفال على الأفق

الرفيق محمد سميح حمادة

مواليد 1950.
1972 بكالوريوس في الأدب الإنكليزي والأدب المقارن ودبلوم في التعليم من الجامعة الأميركية.
1973 إصدار كتاب شعر “نواقيس الفجر الآخر” عن دار الريحاني للنشر.
1975 عودة إلى الجامعة الأميركية لدراسة التصميم الإعلاني والإخراج الفني ضمن برنامج جديد أطلقته الجامعة (Associate of Arts Extension Program) لمدة سنتين.
1977 إنشاء مؤسسة متخصصة في الكلمة والصورة باللغتين العربية والإنكليزية “تريديغراف للترجمة والتحرير والفنون الإعلامية”.
1981 شارك في تأسيس “شركة موشن للدعاية والتسويق”.
1982 إطلاق برنامج الفنون الإبداعية Program for Creative Arts and Graphics.
ومن أبرز إنتاجاته “جبران خليل جبران”، “مجموعة التنوير”: لوحات من الآيات القرآنية والأدعية تمّ رسمها يدوياً ثم طباعتها طباعة عالية الجودة على كرتون مخصّص للرسم المائي، وروزنامة وبطاقات “لبنان الأغنية”.
1988 إدخال الكومبيوتر الخاص بالإخراج والتصميم الصحفي والإعلاني بالعربية.
1995 مستشار لوزير الإعلام اللبناني.
منذ 1997 محاضر زائر في كليات الفنون الإعلانية والغرافيك في جامعتَي LAU & NDU.
1999 عضو لجنة التحكيم لجائزة Print Award التي تنظمها مجلة Arab Ad.
توفي في بيروت تموز 2007.