سوق العقارات في كيان العدو: تراجع وركود وصفر مبيع في بعض المستوطنات

من غير المستغرب أن يتأثر بشدة سوق العقارات في الكيان الصهيوني بالحرب وبعملية “طوفان الأقصى” إلى جانب القطاعات الاقتصادية المتنوعة الأخرى التي تعاني بدورها من أزمات حادة.
وعلى قول المثل “وشهد شاهد من أهله” كشف تقرير لوزارة إسكان العدو في الثلث الأخير من كانون الأول الماضي (2023)، تراجعا بنسبة 15% في عمليات البناء الجديدة، مما يشير إلى شهر ركود في سوق العقارات ويحدث ضغطاً على كل من العرض والطلب.
في آذار 2024 لاحظ العديد من خبراء العدو الاقتصاديين التراجع الأكبر في الاستثمارات السكنية، مثل شراء المنازل أو الشقق، مما فاقم الأزمة في القطاع العقاري.
ويعد الاستثمار في الرساميل الثابتة في الكيان الصهيوني مجالاً آخر تضرر بشدة جراء الحرب على قطاع غزة، حيث انخفض بنسبة 67.8% في الأشهر الثلاث الأخيرة من عام 2023، وفقاً لبيانات المكتب المركزي للإحصاء “الإسرائيلي”.
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تنخفض الاستثمارات وتتدنى؟ هناك عدة عوامل، منها أن هناك قدراً هائلاً من عدم الاستقرار. ففي أوقات الحرب، لا أحد يرغب في شراء منزل أو شقة سكنية. زد على ذلك، أن نقص اليد العاملة يعتبر من جهة أخرى ذات أثر بالغ أيضاً على قطاع البناء.
ويعترف أحد كبار الاقتصاديين “الاسرائيليين” ويدعى إران ياشيف “أن سوق العقارات يمر زمة كبيرة. وقد تأثر الكثير من الأشخاص جراء بأذلك، سواء البائعين والمشترين أو شركات البناء وأصحاب الأعمال وحتى المصارف والمقترضين الذين يمكن أن تتأثر قروضهم. وهذا قطاع مهم جداً في الاقتصاد” على حد قوله.
هذه الأزمة في القطاع العقاري تشكل اليوم مصدر قلق الخبراء. فقد اعتبر أمير يارون، حاكم الصهيوني أن “القيود على العرض في قطاع البناء والحاجة المصرف المركزي في الكيان إلى مساكن بديلة لأولئك الذين أجبروا على مغادرة منازلهم هي عوامل ستؤثر على تطور سوق العقارات في المستقبل”.
وأشار يارون إلى مجالات أخرى تثير قلق “إسرائيل” في المجال الاقتصادي، قائلاً إن البلاد في حالة حرب، “وبسبب الحرب، انفجر معدل البطالة العام، بمن فيهم الموظفون المسرحون”.
وبحسب الأرقام التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء في الكيان الصهيوني، في تشرين الأول 2023، الشهر الأول للحرب، فقد تم بيع 930 شقة جديدة فقط في جميع أنحاء البلاد، وهو انخفاض حاد بنسبة 60% مقارنة بشهر ايلول 2023 و53% مقارنة بشهر تشرين الأول من عام 2022. وتشير الأرقام إلى أن هناك حالياً 62000 شقة غير مباعة في كيان العدو.
إذا نظرنا إلى تأثير الحرب على أسواق العقارات في الكيان الصهيوني، من الواضح أن مستوطنة “سديروت” هي الأكثر تضرراً. ففي تشرين الأول 2023، لم يتم بيع أي شقق هناك، مما يمثل انخفاضاً بنسبة 100% في المبيعات في هذه المدينة التي تضررت بشدة من عملية “طوفان الأقصى” وتم إخلاؤها منذ ذلك الحين. و”مستوطنة سديروت” هي إحدى المدن التي تقع أقصى الطرف الغربي من النقب الشمالي، تقدر مساحتها بحوالي 5 كيلومترات مربعة. تبعد عن مدينة غزة حوالي 1.5 كيلومتراً، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 19 ألف مستوطن. وقد أنشأها كيان العدو من أجل توطين عشرات الآلاف من اليهود الشرقيين في تجمعات سكنية من جهة، ولتلعب دوراً أساسياً في مواجهة المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى.
تجدر الإشارة إلى أن “مستوطنة سديروت” أقيمت في عام 1951 على أراضي قرية نجد الفلسطينية المهجرة في أيار 1948. وهي تضم مستوطنين شرقيين ومهاجرين من شمال أفريقيا ورومانيا والاتحاد السوفياتي السابق وأثيوبيا.
ثمة مستوطنات أخرى تأثرت بقوة بعملية “طوفان الأقصى” على الصعيد “بئر يعقوب” مع انخفاض مبيعات العقارات بنسبة 90العقاري منها في %، تليها “عسقلان” بنسبة 88% و”طبريا” في الشمال بنسبة 81%.
  وفي مستوطنة أسدود التي احتلتها “اسرائيل” عام 1948 وتقع في الشمال الشرقي لمدينة غزة، حدث انخفاض في المبيعات بنسبة 75%. وكانت هذه المستوطنة أحد أبرز الأهداف التي قصفتها المقاومة في عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول 2023.
أما في الوسط فتعاني مدن كثيرة أيضاً من هذا الوضع مع انخفاض مبيعات الشقق بنسبة 72%. حتى المدن التي لا تتعرض لصواريخ المقاومة (حماس أو حزب الله) فتشهد انخفاضاً كبفي م يراً بيعات العقارات بنسبة 50%.