الطائفة القومية أو الوطنية – طائفة اللاطائفيين

الطائفة القومية أو الوطنية – طائفة اللاطائفيين

إن استفتاء بعيداً عن الإرهاب الفكري والدموي المؤجج بحناجر الهتك والفتك والسفك، والمدجج بنيران العصف وقذائف القصف وعبوات النسف ونزوات الخطف وشهوات النزف، معبأ بإرادة التحرير عازماً على شق الطريق للمسير نحو تقرير المصير، ينادي الأحرار لتكون بهم مشيئة لا ترد، مشيئة البناء المتمردة على مشيئة الفناء.
حبذا النداء القومي الاجتماعي نداء الأقوياء الشرفاء، للانتفاض على الميليشيا المجرورة والمأجورة الذليلة التي تلعب بالوطن غير مدركة أن من يلعب بالنار ستلعب النار بهم وتلتهم نفوسهم قبل أصابعهم في كهوف عيونهم.
إن صفعة قومية من يد النهضة على وجه الرجعية الفئوية الطائفية العنصرية، تعيد إلى الأمة وعيها ويصحو عليها جيل ماع وضاع بين محتكري الشرائع في غابة سوداء، وتسترد الحياة إلى من هم من نسل الأبطال والجبابرة، من نسل الحضارة السورية القديمة.
إن سعاده فتى عرزال الشوير قد قرر عشية السادس عشر من تشرين الثاني سنة 1932 أن الكيانية المشرقية هي من دمى الاستعمار، ودعا الأمة كلها في الهلال السوري الخصيب لرفض الكيانات التي اصطنعها الانكليز والفرنسيين بخريطة سايكس – بيكو وباكراً باكراً قال:
” إنما الأفضل لنا حكم أنفسنا بأنفسنا “.
باكراً قال … وهناك من سمع ومن وعى وقرأ وفهم وأيقن وآمن ومارس فضحى وصبر.
في السادس عشر من تشرين الثاني انبلج الفجر من العتمة واهتزت البلاد وأطل الحزب يهتف بأولى كلماته للتاريخ والعالم ” تحيا سوريا “.
تحيا سوريا من لبنان الذي أرادوا له أن ينسى أنه جبل في بر الشام.
تحيا سوريا من الشام الجمهورية التي أعشاها الاستعمار بعروبته لتنسى سورياها.
تحيا سوريا من الأردن – الإمارة العبدلية – التي نسيت أنها امتداد لجنوب الشام.
تحيا سوريا من العراق – المملكة الفيصلية – الذي نسي أنه بالتاريخ والجغرافيا ودورة الحياة الروحية المادية الاجتماعية الاقتصادية كان يدعى ” سوريا الشرقية “.
تحيا سوريا من فلسطين – المستعمرة الانكليزية – التي نسيت أنها كانت ” سوريا الجنوبية ” بلاد كنعان فملأ الصهاينة فراغ نسيانها.
تحيا سوريا.. هتاف ذعرت منه فرنسا وبريطانيا … هتاف مخيف اخترق جدار الصمت.
تحيا سوريا.. يا لذعر الرجعية الفئوية والطائفية والعنصرية والكيانية والكنتونية والصهيونية.
تحيا سوريا.. بالحزب السوري القومي الاجتماعي الذي غايته:
” بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها، وتنظيم حركة تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقلالاً تاماً، وتثبت سيادتها، وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها، والسعي لإنشاء جبهة عربية “.
وهذا يتجلى في خطاب سعاده في أول حزيران 1935 حيث قال:
” إن الغرض الذي أنشئ له هذا الحزب، غرض أسمى، هو جعل الأمة السورية هي صاحبة السيادة على نفسها ووطنها. فقبل وجود الحزب السوري القومي كان مصير هذه الأمة معلقاً على إدارات خارجية، وكانت أنظارنا دائماً تتجه إلى الإرادات الخارجية بعد أن نكيف أنفسنا وفاقاً لها. أما الآن. فقد غير وجود الحزب السوري القومي الموقف. إن إرادتنا نحن هي التي تقرر كل شيء، فنحن نقف على أرجلنا وندافع عن حقنا في الحياة بقوتنا، ومن الآن فصاعداً تدير إرادتنا نحن دفة الأمور “.
ذلك كله كان يعني أننا نهضة في إنسانية الإنسان أولاً، أننا مدرسة فكرية قبل أن نكون حزباً سياسياً، أننا مؤسسات قبل أن نكون جيشاً، وأننا للوطن أولاً وأخيراً.
وقال سعاده: ” ما جئتكم بالخوارق بل بالحقائق التي هي أنتم! “
” أنتم ناضلتم عن هذه الأمة وحيدين، وأنقذتم شرف الأمة وحيدين! “
” لا بأس أن نكون طغاة على الطغيان! “
وماذا بعد للذكرى؟ لنقلها بصراحة: إن أروع ما فينا اليوم هو ماضينا … وإن التاريخ لا يعيد نفسه بل نحن نستعيده.
ذكراك يا سعاده بصمات مستريحة على صفحات الزمن، ولأنك أنت من أنت قالو فيك ما قالوا …ولكنك قلت ” أنا أموت، أما حزبي فيبقى! “، ” إن موتي شرط لانتصار قضيتي … لقد أتممت رسالتي وختمتها بدمي “.
سلام عليك يا زعيمي … سلام عليك ويميني إلى فوق .
وقال الشاعر محمد يوسف حمود:
لا تلوموه إن مضى تاركاً خــلـفــه دَمَــهُ فالطريق الذي ارتضى سار فيه وتمَّمَهُ!
إنمـا العـمـــر، خــطــوة، كل معناهــــــا الــتـــفــــــــــــــــاتُ الإنــــســــــــــــــــان للإنــــســــــــــــــانِ
ووفــــــــــــــــــاءٌ لــقــلــبـــــــــــــــــــه مـــطـــمـــئـــــــــــــنٌ وفـــنـــــــــــــــــاءٌ في وحــــــــــــــــــدة الإيــمــــــــــــــــــــــانِ
وحــــيـــــــــاةُ الــنــســـــــــور، وقــفـــــــةُ عِـــــــــــزٍ وانــطـــــــلاقٌ عــلى جَــــــنــــــــاحِ الأمــــــــــانــــــــي
يَـتـســاوى، من بَعـدهـا، قَصُرَ العيـــشُ أم امـتــــــــــــدَّ في قـــــيـــــــــــــاس الــزمـــــــــــــــــــــــانِ!
أيها القوميون الاجتماعيون لقد أدركتم في العمق معنى أقوال سعاده، وواجهتم محنة العقل منذ الثلاثينات … وأفتك من محنة العقل الخانع ، عقل المحنة الضائع !
ومستشهدين مازالوا ، اليوم كما بالأمس ، كما في الغد ، يهتفون مع معلمهم الرائد الشهيد من عرزال الميلاد حتى عمود الاستشهاد :
” بهذا الإيمان نحن ما نحن ، وبهذا الإيمان نحن ما سنكون ، وأنتم تعرفون ما سنكون ، وبما نحن وإلى ما سنكون ، سيظل يدوي هُتافنا في العالم : تحيا سوريا !” .
1 آذار 2024
عضو المجلس الأعلى الأمين عبد الله راشد