ميدان القتال وازقة السياسة

ميدان القتال وازقة السياسة

مع تواصل حرب تشرين الثانية لوقت ازداد عما كان متوقع، افترض بعض من اصحاب النوايا الحسنة ان مفاعيل زمن الحرب التي استطالت، تمثل فرصه ذهبية لإنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي والوصول الى برنامج وحده وطنيه فلسطينية او على الاقل الى برنامج حد أدني من القواسم المشتركة لأنهاء الحالة الفلسطينية الداخلية البائسة، وبسبب حسن النية هذا بذل هؤلاء، الجهد في محاوله لتجسير الفجوة بين وجهتي نظر تفصل بينهما هوة عميقة ان في الفهم وان في المصالح وان في الارتهان لإرادة اجنبية.

استثمر في هذا الافتراض الحسن النية جهات دوليه واقليميه تبحث عن دور لها وتريد تعزيز مكانتها بالإمساك بالورقة الفلسطينية او بجزء منها، وكان اول هؤلاء روسيا التي دعت الى عقد جلسات حوار فلسطيني- فلسطيني في موسكو، كان الفشل واضحا منذ البداية خاصه عند تشكيل وفد السلطة وحركه فتح من اشخاص ذوي مهارات معروفة في افشال اي صيغه توافقيه، وفي النهاية تم اصدار بيان من بيانات العلاقات العامة لا أكثر ولا اقل..
ثاني من استثمر، ولكن بشكل خبيث في تلك النوايا الحسنة كان الولايات المتحدة، التي عادت وتذكرت حل الدولتين والمسار التفاوضي ولكن مع ادراكها ان السلطة الفلسطينية قد بلغت حالة من العجز والضعف والترهل بما لا يسمح لها باي دور سياسي لذلك طرحت فكرة اعادة تأهيلها وتحديثها واصلاحها لإبقائها موجودة وقادرة على البقاء والقيام بوظيفتها، ثم لإعادتها الى الحكم في غزة في اليوم الثاني لما بعد الحرب..
حكومة الاحتلال بدورها والتي كانت قد اعدت الخطط المعلنة لحسم الصراع والسيطرة التامة على الضفة الغربية عند تشكيلها قبل سنتين و باشرت تنفيذ برامجها في الضفة الغربية مفترضة ان المقاومة في غزة قد اصبحت مردوعة حتى السابع من تشرين اول، كانت لا زالت ترى السلطة الفلسطينية واتفاق اوسلو وقد استنفذا اغراضهما ولم تعد (اسرائيل) تحتاجهما، ولذلك قامت بتوسيع الاستيطان والسيطرة على القدس وتقسيم المسجد الاقصى مكانيا وزمانيا مع اجراءات عمليه للخلاص من كثير من فلسطينيي الضفة الغربية، وتحويل ما تبقى منها الى معازل مغلقة، هذه الخطة لا زالت قائمة وان تأجل العمل بها بسبب الحرب، واذا كانت حكومة نتنياهو لا تريد دورا مركزيا لسلطة فلسطينية في الضفة مهما قدمت هذه السلطة من تنازلات ومهما مارست من تنسيق وتعاون امني، فهي بالتأكيد لا تريدها في غزة خلافا للراي الامريكي وتعمل على انشاء جسم من عشائر متعاونة معها و عصابات التهريب و لصوص المساعدات لإدارة غزة بعد الحرب مفترضة و واهمة ان الحرب سوف تنتهى بهزيمة المقاومة.
قبل لقاء موسكو اقيلت الحكومة الفلسطينية او استقالت فالأمر سيان، ولم يشعر المواطن بوجودها ولم يفتقدها لرحيلها، الامر الذي بدا في حينه خطوة نحو تشكيل حكومة توافق وطني او حكومة تكنوقراط تحتاجها غزة بعد ما تهدم بها من جانب، واستجابة للدعوات الأمريكية الغربية لإصلاح السلطة من جانب اخر، ولإعادة الحياة لها بعد ان نخرها سوس الفساد واوهنها تقادم العمر.
الخميس الماضي كلف الرئيس الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى بتشكيل حكومة جديدة املا ان تحظى بالقبول الدولي وتستطيع جلب مزيد من الهبات والقروض لرفد ميزانية السلطة التي تعجز عن دفع رواتب موظفيها كامله وهو الامر الذي لا يبدو ممكنا فالحكومة الجديدة تتضارب الانباء حول مدى قبول الجهات الدولية بهذه الحكومة التي يبدو حتى الان انها تمثل رئيس السلطة ودائرته المصغرة لصنع القرار ليست حكومة وحدة او توافق وطني ولم تأت بالتشاور مع الاطراف الفاعلة الفلسطينية لا بل وحتى مع قيادات اللجنة المركزية في الحزب الحاكم حركة فتح.
حتى الان لا تجد الحكومة قبولا من القوى السياسية الوازنة والتي اصدرت بيانات صريحة ترفض التشكيل من حيث الاسم ومن حيث الطريقة، وان كان التصور لدى قيادة السلطة ان الاساس في نجاح عمل الحكومات الفلسطينية هو مدى القبول الامريكي الغربي والاسرائيلي لها، ولكن اغفال ان يكون للشعب والقوى الفاعلة دور او رأي، وكما بدا من طبيعة التكليف ان لا حاجة لراي الشعب ولا انتخابات او صيغه مشاركة واردة في ذهن اصحاب القرار.

في اجواء الحرب على غزه وتصاعد اعمال مقاومه في الضفة لا يبدي الشعب الفلسطيني اهتماما باي حوار سياسي او اية جولة مفاوضات، ولم يتابع حوارات موسكو ولا يلقي بالا واهتماما لتشكيل الحكومة الجديدة فالاهتمام كل الاهتمام بالمعركة ومالاتها فهي لا الحكومة ولا الحوار من يحدد مصير المسالة الفلسطينية في هذه المرحلة

جنين فلسطين المحتلة
.