فتحت الراهبة مايا زيادة من خلال مخاطبتها براعم الوطن ملفاً قديماً جديداً لم تقاربه الدولة منذ ان انشات وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة. فالأعاصير التي ضربت لبنان الكبير منذ إعلانه لتاريخه مترادفاً مع ما يجري اليوم في جنوب لبنان، لم يرف لهذا النظام جفن ويستدعيه للقيام بواجبه كراعي لشؤون كل اللبنانيين بالبحث عن الاسباب الرئيسة التي تبدد وتفتت المجتمع وتجعله مطية للعابثين بالوطن.
راهبة نذرت نفسها لخدمة الله، هالها ما يجري لأبناء وطنها ولجيرانه جراء آلة المحق الصهيونية ان في غزة او جنوب لبنان، توجهت لأطفال مسؤولة عن تربيتهم تذكرهم بقيم أطلقت قبل مئتي قرن من قبل السيد المسيح بوجوب توسيع دائرة محبتهم وشعورهم تجاه أقرانهم ان في مسقط رأس المخلص او لمن بشرهم برسالته وأحدث في بطاحهم اعجوبة قانا. هذا الايمان الأولي لمن اعتنقوا المسيحية، استدعى من بعض المعتنقين والمشتغلين بالشأن العام السخط والشجب ولم يكتفوا بذلك بل وطالبوا بتنحي الراهبة عما تقوم به.
كل ذلك يدل على مدى الهوة التي تفصل ابناء العقيدة الواحدة والوطن الواحد عن فهم الدين وعن مفهوم الوطن، الأمر الذي يستدعي كل من الكنيسة والدولة اعادة النظر بما تقوم به من دور اكان في تثبيت العقيدة او بديمومة الوطن. ولأننا لا نملك سلطة على الكنيسة فيما تقوم به، إلا اننا كمراقبين ودارسي تاريخ وغيرها من العلوم نطالبها بشرح وافي لرسالة السيد المسيح، اين قامت؟ لماذا كانت؟ من الذين اعتدوا عليه وصلبوه؟ وهل هناك رابط بين الذي يجري اليوم والذي جرى قبل الفي عام؟ وكيف يعامل مريديه ومعتنقي رسالته في مسقط رأسه؟
اما للنظام الذي نعيش في كنفه والمسؤول عن توطيد فكرة الوطن ونقوم بواجباتنا تجاه تمويل مؤسساته عبر الضرائب والرسوم، فإننا نطالبه بالكف عن التهرب من المسؤولية ان بتربية النشء او بتوضيح مفهوم الهدنة التي قامت قبل سبعة عقود مع من اعتدى على سلامة الوطن، وعدم الاكتفاء بالتربية والتوضيح بل القيام بواجب التصدي لمن يعتدي على التراب الوطني، والاستقالة من تلك المسؤولية انما تسقط عمن يستقيل صفة الحامي والقيم ويحق للمواطن الذي يلحق به الاذى ان يدافع عن نفسه بأي طريقة يراها مناسبة.
بالخلاصة ان الدور الذي لعبته الراهبة المبجلة وان كان مشدوداً إلى الايمان فإنما ينم عن روح المسؤولية تجاه العقيدة التي تنتمي اليها وتجاه الوطن الذي تحمل هويته، اما التجريح الذي تعرضت له من قبل البعض فيدخل في الإهمال والجهل، الإهمال من قبل الكنيسة لإفهام المريدين حقيقة التعاليم المسيحية كما ومن قبل الدولة التي عليها بناء الشخصية الوطنية بكل أبعادها والجهل وهو ما يتحمل مسؤوليته المعترضين انفسهم لافتقادهم لكنه رسالة الناصري بالوقوف ضد الظلم والقهر والتسلط ومساندة الفقراء والمعذبين بالأرض فكيف بالحري والمظلوم هم الرضع والأطفال والشيوخ وهو القائل دعوا الأطفال يأتون الي، فضلا عن جهلهم لمفهوم المواطنة سيما وان الوطن يتعرض لعدوان دائم منذ قيام دولة الكيان الغاصب .