إنها المقاطعة. هل يمكن أن تفعل فعلها مع الكيان الصهيوني؟ مما لا شك فيه أن الوضع الاقتصادي في “اسرائيل” أصيب في الصميم إثر الوضع الذي ساد وما زال بعد “طوفان الأقصى” وبعد إراقة الدماء في قطاع غزة. صحيح أن الدمار هائل وعدد الشهداء فاق الثلاثين ألف والإصابات زادت عن ال 69 ألف شخص على يد العدو الغاصب في خلال خمسة أشهر، إلا أن الخسائر لدى الاسرائيليين على كافة المستويات هائلة، ولم يشهد الكيان الصهيوني مثلها منذ نشوئه على أرض فلسطين رغم تكتم وسائل إعلامه وعدم كشف ما يدور هناك.
من أشكال هذه الخسائر التي فعلت فيها المقاطعة فعلها ، قطاع لم يكن تحت الأضواء لدى الكثيرين، ألا وهو صناعة التمور في الكيان الصهيوني، والذي له تداعياته الاقتصادية الكبيرة جداً عليه.
ربما كثيرون لا يعرفون أن “إسرائيل” تصدّر ما يقرب من 340 مليون دولار من التمور سنوياً، مما يجعلها هدفاً مهماً لحملات المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين. فقد أدت حرب العدو المستمرة على قطاع غزة إلى صعوبة كبرى ببيع التمور الإسرائيلية في السوق الأوروبية في الفترة التي تسبق شهر رمضان المبارك، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام “الإسرائيلية”.
من الأهمية بمكان معرفة أن المنتجين الإسرائيليين يصدّرون نحو ثلث صادرات التمور السنوية خلال شهر رمضان، لكن المخاوف من المقاطعة أدت إلى محاولات للتقليل من شأن المنشأ الإسرائيلي للفاكهة. ووفق وسائل إعلام العدو لا سيما صحيفة “هآرتس” تم تأجيل حملة إعلانية بقيمة إجمالية قدرها 550 ألف دولار للترويج لتمور “Mejdool” الإسرائيلية رداً على مخاوف المقاطعة.
إشارة إلى أن التدقيق في المنتجات “الإسرائيلية” بين المجتمعات المختلفة في العالم العربي والدول الأسلامية قد تزايد في أعقاب إراقة الدماء في قطاع غزة. وقال رجل أعمال له علاقات بصناعة التمور لصحيفة “هآرتس”، أن “أي شخص يقترب من الرف ويرى كلمة “صنع في إسرائيل” سوف يفكر مرتين قبل الشراء”. ويعتبر ذلك “مقلقاً بالنسبة لمجتمع العدو خصوصاً خلال شهر رمضان الذي تتزايد فيه نسبة بيع التمور واستهلاكها”.
في السنوات الأخيرة، كانت هناك حملة متنامية من قبل حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) لممارسة الضغط الاقتصادي على الشركات “الإسرائيلية” لإنهاء الاحتلال، لا سيما أن دول العدو تعد واحدة من أكبر منتجي التمور في العالم، ولا سيما تمور “Medjool” المشهورة في الأسواق العالمية.
المجموعات الداعمة لمقاطعة الكيان الصهيوني بذلت جهوداً متضافرة لضمان قدرة المستهلكين على اتخاذ خيار واضح وتجنب شراء التمور “الإسرائيلية”. وقال أحد منتجي التمور “الإسرائيليين” لصحيفة “هآرتس” أن “هناك منظمات تدخل محلات السوبر ماركت في أوروبا حيث توجد تمور تحمل علامتنا التجارية، وتلصق عليها ملصقات تقول إن المشترين يساهمون في الإبادة الجماعية”. وتفيد “حملة التضامن الفلسطينية” إن معظم التمور “الإسرائيلية” تتم زراعتها في مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية المحتلة من قبل المستوطنين الإسرائيليين. ومن جهتهم يحذر النشطاء المعادون للاحتلال الصهيوني الناس بشكل دائم ومستمر من ضرورة التحقق من الملصقات الخاصة بمصدر التمر قبل الشراء.
تشير الأرقام إلى أن حصة إسرائيل البالغة 50% من سوق تمور ال”Mejdool” تجعلها واحدة من أكبر الأسواق من حيث الحجم في العالم. فقد بلغت قيمة صادرات التمور من “إسرائيل” وحدها 338 مليون دولار عام 2022، مقارنة بصادرات بقيمة 432 مليون دولار لجميع الفاكهة الأخرى، بحسب بيانات وزارة زراعة العدو الإسرائيلي. وفي محاولة لمواجهة حملات المقاطعة، يعمل المنتجون الإسرائيليون مع بعض المشترين لتغيير الملصقات الموجودة على منتجاتهم في محاولة للتعتيم على أصل التمر، حسبما ذكرت صحيفة هآرتس.
أخيراً الجدير ذكره أن نسبة صادرات التمور إلى تركيا على سبيل المثال لا الحصر انخفضت بنسبة 50 بالمئة في تشرين الأول من العام الماضي، علماً أن الأسواق التركية تشكل حوالي 10 بالمئة من إجمالي صادرات التمور من دولة العدو .