الحياد في الحرب وخذلان للروح القومية

بين لبنان وفلسطين حدود وهمية وليست حدود جغرافية طبيعية تمنع التفاعل الحياتي الحيوي النشط بين سكان منطقة فلسطين وسكان منطقة لبنان ،وليس غافلا على احد ان هذه الحدود رسمها المحتل الاجنبي (سايكس وبيكو ) لتقاسم بلادنا عقب الحرب العالمية الاولى وكانت الحدود والتقسيمات الجغرافية وفق قوة نفوذ كلٍ من الدولتين الفرنسية والبريطانية وعليه لو كان نفوذ الفرنسي اقوى لأضاف الى حصته منطقة فلسطين والعكس صحيح لو كان نفوذ الانكليزي يسمح لكان اضاف الى حصته الاستعمارية منطقة لبنان وهذا يقودنا للقول ان الساكنين في حيفا وغزة وبيروت ودمشق وبغداد وعمان شعب واحد ووطن واحد قسمه الاجنبي خدمة لأغراضه الاستعمارية .
فهذه البيئة الجغرافية التي اسمها سورية الطبيعية يحيا عليها شعب واحد موحد الحياة والمصير، والخطر الذي يهدد اي منطقة من البيئة السورية – الوطن السوري، يهدد الحياة والوجود والمصير على كامل الوطن السوري، ومن الواجب ان نشعر ان الاحتلال اليهودي الغاصب للمنطقة الجنوبية ليس عدوا لسكان فلسطين فقط بل عدوا لسكان لبنان والشام والعراق والاردن، فيما العدو لا يخفي هذا العداوة، ويجاهر بعداوته ويصنف كل شعبنا اعداء له، ولا يستثني حتى رافضي الاقرار بعدوانه.
هذا العدو يرفع علنا شعاره الباطل الموهوم (ارضك يا إسرائيل من الفرات للنيل) مما يعني ان اطماع العدو اليهودي ليست مقتصرة على احتلال فلسطين بل تشمل كل الوطن السوري من طوروس الى مقلب سينا واذا كان البعض منا يرفض هذه الحقيقة ويطالب السير بخلاف الواقع ،والسير بعكس ما وحدته الجغرافيا والحياة والاجتماع الانساني ويطالب بالحياد لعله يفوز في تحييد هذه الاقلية الموهومة المنساقة خلفه فقد فاته ان الدولة الدينية والجنسية الدينية والسلطة المذهبية قد انتهى عصرها وان تطور الحياة ونظمها السياسية قد تغيرت وصارت الدولة تشمل كل مواطنيها على مختلف دياناتهم واعتقاداتهم واصبح من غير الجائز حضاريا ان يقول احدا بالوجود الجزئي وحفظ الوجود الجزئي سواء كان القول من محمديين او مسيحيين او دروز او علويين او حتى ملحدين الخ.. لان الحياة فرضت حقيقة ان المواطنين شعب واحد في دولة واحدة متساوون في الحقوق والواجبات نفسها وفي هذا العصر انتهت الدولة الدينية او المذهبية التي تهمش باقي الديانات والمذاهب وصار من المعيب بهذا العصر ان يبحث كل مذهب عن صون وحماية ابناء مذهبه او دينه فقط.
في هذا العصر أصبح الكل مواطنين وفي دولة مدنية واحدة موحدة ترعى ابنائها وتحفظ حقهم بالحياة وتحفظ ارضها ، لذلك دعوتنا نحن لكل رجال الدين في كل المذاهب ،ان يمتنعوا عن بث السموم المفرقة بين المواطنين وان يعملوا وفق سنن الحياة التي تدعوهم ان يجمعوا كلمة الشعب ويرصوا صفوفه لمواجهة الاخطار الاجنبية لا سيما الخطر اليهودي، وبهذة الفترة الخطرة التي يمارس بها العدو اليهودي والامريكي المتوحش ابشع انواع المذابح ضد شعبنا في فلسطين ولبنان والشام والعراق وكل المنطقة نسمع بعض المؤسسات الدينية تحرض على الحياد وعدم الاشتراك بالحرب والقتال لصد الهجمة اليهودية والاطلسية بحجة السلامة وحفظ النفس ، وهل الفرار من المعركة المصيرية من امام العدو تسمى سلامة او انها ضعف وجبن وخذلان للروح القومية والوطنية وسحقا للذات واستسلاما وذلاً للشعب والوطن ؟؟
لذلك نكرر طلبنا من المؤسسات الدينية ان تهتم بالشؤون الدينية والاعتقادية وان تنشر المحبة والمبادئ الموحدة للشعب والمجتمع، وان تترك الامور السياسية للسياسيين حرصا على توافق حركتها مع مسار المدنية الحديثة، وتجنبا لزرع بذور الفتنة الدينية والمذهبية بين ابناء الشعب الواحد، كما على المؤسسات الوطنية والمؤسسات الدينية ان تتجند جميعها للدفاع عن الوطن والشعب وان تكون قوة متماسكة ومتينة في وجه العدو اليهودي والاطلسي.
في هذا الزمن العصيب يجب ان تقف سورية كل سورية الطبيعية وقفة الرجل الواحد، بمواقف موحدة سواء كانت محمدية او مسيحية او اثنية، علينا ان نكون امة واحدة ننهض نهضة واحدة لحفظ وجودنا وحقنا بالحياة من طوروس لمقلب سيناء.