رجال تنصر الحق

فيما تستمر آلة الحرب الإسرائيلية في تدمير غزة وابادة شعبها، وضرب جنوب لبنان وقتل الأطفال، يبدو واضحاً حجم التخبط الدولي الذي يعيشه العالم بين مصالح الدول وإرادة الشعوب، بعد اليقظة التي اصابتها حول ما يجري في منطقتنا من ارتكابات طيلة أكثر من سبعة عقود، نتخطى فيها دولة الاحتلال كل القوانين الدولية وحقوق الانسان، وتكرس الإرادة الصهيوأميركية، تجاه بلادنا.
المواجهة المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، تمكنت من تصنيف العالم بين مناصر للحق او ضده، مع فلسطين وشعبها المقهور والمهجر من ارضه المسلوبة او مع شذاذ الآفاق الذين اخذوا ارزاقه وبيوته؟ وبالتالي لا بد من الاختيار بين ان تكون مع العدو وداعميه او أصحاب الأرض والحق، وهنا لا مكان للحياد.
ليسوا قلة، أولئك الذين ساروا مع السردية الصهيونية التي اطلقها العدو، وصورت الأمر دفاعاً عن النفس، فيما نقض ذلك انتصار معركة وسائل التواصل في أوساط الرأي العام العالمي، والتي استطاعت قلب الرأي العام ،وقلب المقاييس لدى الشعوب والتي أعلنت انحيازها لفلسطين ،في وجه تواطؤ حكوماتها رغم الهيمنة المالية والإعلامية والسياسية على الدول الخانعة ،وعلى المنظمات الأممية الممسوكة بالتمويل وقرارات الفيتو، ورفضت مساواة القاتل بالضحية، وأعلنت جهازاً انما مع وقف القتل والابادة الجارية، رافضة مقولة، انهم ضحايا الهولوكوست النازي مما يبيح لهم كنازية جديدة ان يرتكبوا محرقة مقابلة بالفلسطينيين.
دول معدودة جداً استطاعت الإفلات من القبضة الصهيونية أميركية، وإعلان موقفها الصريح على الملأ، ومواجهة هيمنة تحمي العدو، من خلال حق النقض ” الفيتو” على قرارات تطالب العدو بوقف الحرب، وأيضا لا تزال ترفده بالسلاح المتطور مع نظرائها من مستعمرين تاريخيين لبلادنا.
البرازيل، أبرز هذه الدول، ورئيسها لولا دا سيلفا، هو أبرز شخصية تتخطى المصاعب الداخلية، وتعلن انها نصير للحق، ومواقفه مشرفة لبلاده، فارضاً نفسه زعيماً دولياً يتحدى الهيمنة.
شبه لولا داسيلفا، الرئيس البرازيلي دولة العدو بنظام هتلر، معتبرا ما حصل، اشبه بالمحرقة، وانه لا اعتذار للقاتل الذي يبيد الشعب الفلسطيني بآلة الحرب وبالجوع. مواجهة خاضها لولا داسيلفا، وأدت لسحب سفيره من دولة الاحتلال، ولطرد السفير” الإسرائيلي” وقطع العلاقات
هذا الموقف الجريء، ليس هيناً اتخاذه على داسيلفا، فيما هو يواجه يمينا متسلطاً وقوياً، ومجلساً نيابياً فيه عدد كبير من المخالفين لرأيه لكنه مطمئن الى مساندة رئيس مجلس نوابه (أرنور ليرا) الذي وصف الكتلة المتطرفة ضد داسيلفا،” بثلة من الجبناء الذين يؤيدون قتل الأطفال في غزة وتدمير المدن على رؤوس أهلها”
واجه ليرا هؤلاء في البرلمان بالقول ” انكم تتاجرون بالسيد المسيح، انكم انذال حقيرون
جرأة هذا الرجل الثمانيني المولود عام 1945 فرضت نفسها في مواقع دول القرار، وفي قمة العشرين سأل بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة، إذا كانت بلاده جادة في الضغط من اجل وقف النار ولماذا لا تنصاع لقرار الاجماع العالمي ولا زالت تستعمل حق الفيتو؟؟؟
هذا السؤال لم يجرؤ أحد على سؤاله لواشنطن، حتى في منطقتنا المعنية بالجواب.
ان فلسطين وجنوب لبنان، في دائرة المخاطر المرتقبة والمسندة الى مشاريع وخطط مسبقة رسمها العدو ولا يزال، فيما قيادات في بلادنا، لا زالت ترفع شعارات تتخوف من ادخال لبنان في الحرب!! ولا زالت شخصيات يتوقع منها الثبات مع الحق في الصراع القائم، فأذا بها تمالئ رأياً عاماً، وتلعب على توازنات طائفية ومذهبية تريدها لمصالحها، فاين مصلحة بلادنا؟
“لولا “الثمانيني الشجاع، الذي استطاع ان يصوغ موقفاً مشرفاً لبلاده، وضع نفسه ضمن خمسين اسم من اهم الشخصيات في العالم
في المواقف المشرفة، لا تزال محكمة العدل الدولية، تحاول ان تكرس الإدانة الدامغة لجرائم الحرب التي يرتكبها العدو، بعدما باشرت الاستماع الى شهادات من مندوبين دول العالم حول ممارسات الكيان الغاصب بناء على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكان ذلك مماطلة مقصودة لتأخير اصدار قرار الإدانة، فقد أجمعت شهادات من اثني عشر دولة على عدم قانونية الاحتلال، وضرورة عدم حرمان الفلسطينيين من العدالة والحياة في وطنهم
اما في مواجهة مسار التجويع الذي تقوده واشنطن، انصياعاً لدولة الاحتلال، ووقفها تمويل الاونروا ومن معها من دول، تجدر الإشارة الى دول عربية، لا تجرؤ على مواجهة هذا المسار، لا بدعم منظمة الاونروا، وهي لو شاءت لاستطاعت، ولا بإرسال امدادات غذائية، تشبه الجسر البري الذي فتحته هذه الدول مع دولة الاحتلال، لتدعمها بالفاكهة الطازجة
من العار في هذه المواجهة الدولية والمصيرية لبلادنا ان يمتنع شعبنا عن مساندة مقاومة تواجه، حربا وجودية ان في فلسطين او جنوب لبنان، وتحافظ على أبناء الأرض في أرضهم وتكفل لهم استعادة ارض تهجروا منها.
ان رفع شعار حب الحياة، لا يصح إلا للمقاومين للصامدين في ارضهم ولأمثال ، “لولا داسيلفا” ، الذي رفض الحياد وأثر نصرة الحق ولم يهادن فيما قادة من بلادنا آثروا السلامة الخاصة في معركة الوجود الدائرة هذه .