إنتصار النهضة السورية القومية الإجتماعية في جدلية الشروط والمعوقات

إنتصار النهضة السورية القومية الإجتماعية في جدلية الشروط والمعوقات

في سياق البحث عن معوقات النهوض القومي, الذي يمثل لب الأهداف التي وضعتها الحركة السورية القومية الاجتماعية منذ بداية تأسيسه, رأينا أن نقارب هذا الموضوع من كافة جوانبه, ونقف عند حقيقة شروطه ومعوقاته سواء من الوجهة النفسية وما تنطوي عليه من مفاهيم وموروثات, أم من الوجهة التاريخية السياسية,أم من وجهة الخطاب القومي الإجتماعي.
إننا نفتقد, وبعد هذا الوقت الطويل الذي يفصلنا عن زمن التأسيس, وفي مواجهة هذا التراكم الهائل والمعقد من المعطيات والحالات السياسيةوالإجتماعية والنظرية الفكرية, وبعد مسار طويل نضالي خاضه ويخوضه الحزب السوري القومي الإجتماعي في مواجهة كل هذه المعطيات السلبية , الداخلية منها والخارجية, أنه لابد من دراسة التجربة الحزبية لجهة شروط انتصارها, سواء التي اشار اليها حضرة الزعيم في كتاباته, أم المستجدة بفعل التطور وما انتجه من وقائع وتحديات جديدة.
ومن حيث أن خلق النهضة في سورية, نهضة سورية قومية اجتماعية, جعلها الزعيم غاية لوجود الحزب السوري القومي الاجتماعي, واوردها في المادة الاولى من دستور الحزب, عندما تطرق الى غاية الحزب قائلا,
المادة الأولى: “غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي بعث نهضة سورية قومية اجتماعية,
تكفل تحقيق مبادئه, وتعيد الى الامة السورية حيويتها وقوتها, وتنظيم حركة
تؤدي الى استقلال الامة السورية استقلالا تاما, وتثبيت سيادتها وإقامة نظام
جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها, والسعي لإنشاء جبهة عربية”
لقد نصت المادة الاولى من الدستور على القضية القومية الاجتماعية, والتي هي الغايةالأخيرة في مسار نضال الحزب.
إزاء ذلك , لابد من أن نبدأ على صفحات جريدة الحزب الإلكترونية (صباح الخير البناء) سلسلة مقالات ثقافية تتناول موضوع النهوض القومي (غاية الحزب) والوقوف على حقيقة شروطه إضافة إلى المعوقات التي واجهت وستواجه عملية النهوض هذه.
ولأننا في الحزب , نعتقد أننا حركة صراع, بين عوامل النهوض ومعوقات هذا النهوض بمختلف اشكالها ومضامينها وابعادها التاريخية والفلسفية والنفسية, قاصدين من ذلك خلق حالة حراك ثقافي مكثف, يعطي الحزب مادة رؤيوية وبالوقت عينه يقدم لشعبنا صورة عن حيوية النهضة من حيث التزامها تجاه الأمة بأن تكون في حركة مستدامة هادفة لإزالة كافة العوائق
التي تحول دون حصول الانتصار, أو تأخر حصوله, ومنعنا كأمة من أن نقيم سيادتنا ونفرض حقوقنا , ونبني نظامنا الجديد الذي يضمن مصالحنا المادية والنفسية, ويرقي حياتنا , وينتج شروط تقدمنا.
إنه الصراع بالمضمون الثقافي, الذي أسس له حضرة الزعيم, سواء في المبادئ نفسها, أم في الندوة الثقافية, أم بكافة الخطب والآراء والرسائل… التي كانت كلها ذات جذر ثقافي اساس.

إنطلاقا من ذلك,
سوف نعمد الى نشر مقالات في هذا الموضوع, مقالات اسبوعية, تدور في بعدها الاساس حول الجدلية القائمة بين شروط انتصار النهضة السورية القومية الاجتماعية ومعوقات هذا النهوض القومي. المعوقات التي خضنا ونخوض معها ولنخوض معها الصراعات المفتوحة, مستفيدين من التجربة الغنية النضالية للحزب السوري القومي الاجتماعي,مبرزين الاسباب العميقة, رابطين كل ذلك في الجزور الثقافية, ومدى الدور الثقافي الذي كان حاضرا في سياق هذه الصراعات؟
فإذا كان المجتمع معرفة, فالثقافة هي لغز هذا المجتمع ووعيه وقوته, وهي المدخل الضروري لمقاربة كل مسائلنا وخاصة مسألة عوامل النهوض القوي ومعوقاته.
ألم يقل سعاده أن ” الثقافة بمعنى Culture , هي مجمل العلوم والفلسفات التي تتناول الحياة وما لي علاقة بها, وما يحصل من ذلك من مستوى عقلي واتجاهات فكرية واعتقادات مناقبية وادراك للشؤون النفسية والمادية” (نشوء الأمم – ص 236)
من هنا يمكننا القول, انه لا بد من الأخذ بهذه الثقافة – للوقوف على حقيقة ما اعتبرناه جدلية الشروط والمعوقات.
في المقالة الثانية: سوف نعالج العوامل النفسية كمعوقات في سياق مواجهة الشروط المطلوبة للإنتصار.
أما لماذا ذهبنا الى اختيار العوامل النفسية, فلأنها ذات تأثير بالغ القوة على عملية التفكير في بلادنا, كوننا لم نأخذ بعد , وبشكل كاف, بقواعد التفكير العقلاني غير المتأثر بالأهواء والميول النفسية, وهو الأمر الجوهري الذي قدمته القومية الاجتماعية الى الامة باعتبارها ان العقل هو الشرع الاعلى وموهبة الانسان العليا.