هل نصنع التحولات؟ أم نكتفي بأن نكون جزءاً من المشهد المنفعل في سياقاتها؟
سؤالٌ كبير يرتسم في الأفق…والأجوبة عليه تأخذ أشكالاً مختلفة…
هل نرتضي أن نكون جزءاً من تسويات “لعبة الأمم”، التي تصوغ عالم اللحظة القادمة على نسق صانعيها، أم نشارك وبفعالية عالية ودينامية فاعلة في صناعة المتغيرات والتحولات من حولنا؟
هل نبقى على حافة الانتظار لما سيؤول اليه المشهد في المنطقة والعالم، أم نأخذ قراراً استراتيجياً حاسماً بأن نصنع نحن، حاضرنا ومستقبلنا على نسق ما نطمح أن نكون عليه، ونساهم في صياغة أحلامنا صياغةً واقعيةً تعيد ألقاً ما الى حياتنا المتعبة بترهات الفراغ القاتل المسكون بالظلام؟
أسئلة حقيقية ترتسم في الذهن وتتطلب أجوبة حقيقية تكون على مستوى التحديات الآتية!!!
عالمنا يتغير بوتائر عالية وسريعة، وجزء أساسي من متغيرات العالم يتم صنعها في بلادنا، ونتائج الأحداث التي نشهدها في فلسطين والعراق والشام ولبنان وفي كل عالمنا العربي ستكون حاسمة على كامل المشهد في العالم ولعل احتشاد القوى الكونية في منطقتنا يؤشر الى حجم ومدى وثقل هذه المتغيرات وانعكاسها على كامل النظام الكوني السياسي – الاقتصادي – الأمني الذي سيحكم العالم لعقود وربما لقرون في المستقبل الآتي…
ان الحدث الغزاوي “طوفان الأقصى”شكل انعطافة حاسمة في اتجاه صناعة الحدث وانتاج التحولات الكبرى التي ستترك انعكاساتها على المستقبل بكل المعاني والأبعاد، وأهميته في انتصار الارادة والقبض على الزناد والفعل الميداني الحاسم واسقاط كل مقولات الضعف والتبعية لصالح انتصار الوعي واقترانه بالارادة والفعل والحسم، كل هذه المسائل المجتمعة ساهمت في تشكيل بدايات زمن جديد لن يكون كما السابق، زمن الاستقلال والتحرر والنهوض رغم كل السوداوية التي تطغى شكلاً على المشهد.
وكل ذلك معطوفاً على الحرب الروسية – الأوكرانية ومآلاتها والتي تتوسع رقعتها الجيو- سياسية والتي تشي بتغيير حقيقي في المشهد العالمي على مستوى التوازنات التي ستؤسس لنظام عالمي جديد لا بد ستظهر ملامحه في المرحلة القادمة.
هذا كلام واقعي وحقيقي وله مرتكزاته في قواعد الجيو – بوليتيك ومندرجاته وتداعياته التي ترتكز على الجغرافيا في صناعة التاريخ.
بالطبع، صناعة الحدث متعددة الجوانب، ومتشعبة الأوجه، ولكن الأهم، أن ترتكز على رؤية تقود التغييرات والتحولات على نحو ايجابي بناء وفاعل ومتماسك انطلاقاً من نظرة قيمية وأخلاقية ومناقبية جديدة تثبت مفاهيم نهضوية تكون نبراساً لنضال سياسي اجتماعي ثقافي يقلب المعادلات ويقيم معادلة النهضة الحقيقية في واقع الأمة…
لا شك، أن النتائج الميدانية للصراع العسكري على الأرض مهمة، وخاصة في فلسطين ولبنان، ولكن الأهم من هذا كله، أن نواكب الميدان سواء القومي أو الاقليمي أو العالمي بحراك سياسي وثقافي فكري نهضوي جديد يثمر نتائج ما يحصل في تثبيت معادلات الصراع وربط كل ذلك بالمتغيرات فوق القومية باتجاه تثبيت حيثية فاعلة على كل المستويات، .
الخلاصة، ثمة صراع هائل تخوضه المقاومة من العراق إلى الشام الى لبنان، الى فلسطين، انه صراع يرقى الى مستوى حرب الوجود ضد أعداء الداخل والخارج معاً، وخصوصية هذه الحرب أنها تمتدّ على كامل الساحة القومية، على كامل الرقعة الجغرافية في المدى السوري، وعلى كامل أرض الهلال السوري الخصيب أي على امتداد الجغرافيا الممتدة من بلاد ما بين النهرين الى بلاد الشام.
لقد أسقطت حقائق الصراع والميدان كل الحدود المصطنعة ما بين هذه الكيانات السياسية الهشّة الضعيفة التي تجر ذيول الخيبات والوهن والانقسامات على أنواعها.
لقد توحّدت سوريا على أرض الصراع، وامتدت معركة المصير القومي على كامل أرضنا القومية في أوضح وأعمق صورة جيو – بوليتيكية، وبالتالي فنتائج هذه المعركة لا يمكن حصرها في رقعة جغرافية، بل أصبح انعكاسها حتمياً على كامل البيئة الطبيعية القومية.
التحديات الآنية جدية وحقيقية ولا يمكن مواجهتها في الميدان إلا من خلال أطر مقاومة وطنية وقومية لها بعد شامل كل معالم الهوية والانتماء الوطني، ولا يمكن ضمان استمرارها الا بالعمل الثقافي الحثيث ذي الطابع التأسيسي للمجتمع والدولة، لكي نستعيد زمام المبادرة… ونحن قادرون على هذا بالفعل، لسبب واحد، ذلك أن هذا المنهج هو منهج المستقبل الحقيقي الواعد ولنا في التاريخ العالمي تجارب وعبر لا بد من استلهام دروسها… كي نربح المستقبل
نحن أمام فرصة حقيقية للتغيير الجدي باتجاه بناء المستقبل على قواعد فكرية عصرية تحقق النقلة النوعية المطلوبة في حياتنا، باتجاه تعزيز مفهوم الانسان –المواطن، وتعميق معنى الدولة الوطنية الجامعة لأبنائها والحاضنة لحياتهم على كل المستويات….
مرةً أخرى، نحن وجهاً لوجه أمام سؤال:” هل نكون على مستوى الآمال المعقودة”….؟؟؟
One thought on “هل بدأ زمن التحولات وصناعة الحدث؟”
Comments are closed.
مقالة جيدة للأمين زهير فياض.
بالتوازي مع وحدة الساحات التي نشهدها على أرض الوطن كون الأمة وحدة حياة ووحدة مصير-اما نقبلها وناتيها طوعا وأما تفرض علينا وتاتينا كرها- فإننا نشهد التشظي الذي ضرب اهم نهضة وحدوية عرفها العالم العربي. ما زلنا من دعاة وحدة الحزب وإطلاق ورشة إصلاح كبرى فيه.