شاعر المنبرين ( الزجل والعتابا)
في عام 1922 ولد الشاعر الكبير الرفيق رفعت مبارك في بلدة القصر قضاء الهرمل حيث استمد من صفاء وجمال طبيعتها صفاء وجمال افكاره. منذ طفولته برزت لديه موهبة كتابة الشعر وحب الزجل والعتابا متأثراً بالتراث الشعبي لتلك المنطقة.انتقل في مطلع شبابه الى بلدة تمنين التحتا حيث عاش فيها تسع سنوات وقيد نفوسه في بلدة سرعين الفوقا. شغل وظيفة في بريد زحلة ثم مأمور أحراج.
في تلك الفترة، بدأت تتوهج قريحته الشعرية الفذة متمثلة بقصائد عن الحب والجمال وحب الوطن.
بفكره الراقي أراد أن يبني وطناً يشبه أحلامه وافكاره فوجد ضالته المنشودة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وكان الإنتماء.
بعد فترة، ترك الوظيفة وانتقل للسكن في النبعة وكانت مرحلة جديدة زاخرة بالعطاء إن على الصعيد الحزبي وحضوره الفاعل في منفذية الضاحية الشرقية أو في محراب الزجل والعتابا حيث تفجرت قريحته ينابيع لا تنضب من القوافي فاحتل الصدارة وتربع على عرش الكلمة فاستحق لقب شاعر المنبرين ( الزجل والعتابا).
التحق الرفيق الشاعر رفعت مبارك بمديرية برج حمود الخامسة وكان نشاطه الحزبي لافتاً للنظر وشارك في أغلب النشاطات الحزبية ولم تمر مناسبة قومية إلا وكان صوته الجهوري العذب يصدح بروائع القوافي.
كان محل الحلاقة الذي يملكه محجة للقومين، وبالإضافة الى أنه صالون تزيين أصبح صالوناً أدبياً.
لمع اسم رفعت مبارك وأصبح من أعتى الشعراء وأسس عدة جوقات للزجل بالإضافة الى إطلالاته النلفزيونية والسفر الدائم إلى مختلف العواصم حيث كان يقارع ويتحدى ويلهب الإفئدة والمشاعر.
كانت منفذية الضاحية الشرقية خلية نحل لا تهدأ وكان شاعرنا الكبير يرفد النهضة بدرر القوافي.
شارك الرفيق الشاعر رفعت مبارك في تأبين الشهيد هادي عاصي وفي ذكرى الاسبوع غصت منشية الوقف بالحشود وذلك في 12 تموز عام 1956 يومها، ألقى قصيدة مؤثرة ومما جاء فيها :
لا الغدر وقف سير قافلة الهدى
حتى ولا خناجر رعاع وغادرين
ولا يوم منخاف المنايا والردى
ولا منسكت إن شفنا بوطنا خاينين
إنذرنا النفوس وقد ما يطول المدى
منظل من أجل البلاد مجاهدين
وما زال نؤمن بالخلود وبالفدا
للنصر في إيمان قومي زاحفين
* * *
نحن وعدنا نكون للأمة سلاح
وألامنا نشعر بها سرور وهنا
نحن نسر بالجو مفلوش الجناح
داس النجوم وظلل بريشو السنا
ونحن جماعة وسام أمتنا جراح
لما البلاد بجرحنا بتلقى المنى
وأول ضحية غالية بشط الجناح
فيها افتدينا وما بقى نخاف الفنا
* * *
في الثامن من تموز ذكرى استشهاد الزعيم سعادة أحيت مديرية برج حمود المناسبة في منزل الامين ابراهيم زين حيث أرتجل الرفيق رفعت مبارك قصيدة لا تزال محفورة في وجدان القوميين وقد جاء فيها :
(موسى بزمانو ارتعب قلبو من الحيَّات
وعيسى تحاشى الصلب يوم الصلب بالذات
ولما قريش اعتدوا بالغار طه بات
إلا سعادة اكتفى في شكر جلادو )
كتب للأم والأمة والوطن كتب للحب والثورة ، كتب روائع الغزل والحكم.
بعد اندلاع الحرب الاهلية وسقوط النبعة غادرها مع عائلته لكن كنوز القصائد التي لم يستطع حملها بيده، حملها بعقله وفكره المبدع الخلاق . بقي شاعر المنبرين يصول ويجول في محراب الشعر حتى وافته المنية في 21 كانون الاول عام 2001. رحل عنا جسداً لكن بقي حياً بتاريخه الناصع وبقصائده التي ستتوارثها الأجيال.
قصيدة فتى أذار لشاعر المنبرين رفعت مبارك بمناسة ميلاد الزعيم سعاده في الاول من أذار وقد ألقاها في المكتبة العامة في الهرمل عام 1995
فتى أذار
تبسم آذار و صار
عرش الظلم ينهار
و نتف ظلام الليل
مولد فتى آذار
*
سعاده ابتدى جهادو
من بعد ميلادو
تا يحرر بلادو
من كل استعمار
*
و تا ينقذ فلسطين
من ناس مغتصبين
برجال قوميين
وقفو على خط النار
*
ووحّد قلوب الناس
حنّا علي و الياس
وقفو بفرد متراس
تا يجابهو الأخطار
*
و بثورة التحرير
بالوعي و التفكير
للهدم و التعمير
جيش الزوابع سار
*
بوعي الزّعيم الجيش
هدّم حصون الطّيش
ولا تسألو قدّيش
كنّا بسعاده كبار
*
كبرنا بسعاده القال
دوسو على الأهوال
تا نعلَّم الأجيال
عالعز و الإكبار
*
بعيد النّصر نادي
بالحبّ يا بلادي
و حيّي معي الفادي
سعاده فتى آذار…
قصيدة من روائع الحب والغزل لشاعرنا الكبير بعنوان “أنا والليل””.
أنا والليل
ما كنت أعرف كيف هالليل انتهى
قرر مصيرو بعكس ما قلبي اشتهى
يا ليت كان الفجر عندو شي حبيب
تا كان طوَّل سهرتو وعَنّا التهى
يا ليت كان الفجر عندو شي حبيب
تا يلتهي ويضل في برج المغيب
بلكي بيحس بلهفة القلب الكئيب
وبصير يسمع قول ناهي أو نهى
*
عطل علينا بطلّتو روعة سكون
في ليل أطول من سنة بريدو يكون
تا ضل إسمع رقة الصوت الحنون
وشبَّع عيوني من حلى عيون المها
واسقي فؤادي الصب من دمع الحنان
وغطي ظواهر لوعتي بالعنفوان
ومن روح أنعم من حفيف البيلسان
موِّن شعور العبقرية والنهى
**
وهالروح روح الذوق والسحر الحلال
روح ابتدى وفيها انتهى سر الجمال
هيِّي وأنا والشعر في جو الخيال
طرنا بهاك الليل ع جناح الوحي
نطبع صور للحب ع جبين السّهى
قصيدة ألقاها شاعر المنبرين الرفيق رفعت مبارك في حفل تكريم الأمين ديب كردية في بلدة النبي عثمان .
في حفلة التّكريم حبينا
نأدي فريضة واجبه علينا
ونعطي العطانا من جهادو كتير
بموقفوا لْ خيراتها جنينا
يوصفو الفكر عاجز عن التعبير
مهما كتبنا شِعر و حكينا
و مهما استطعنا نعزّز التّقدير
ما منقدر وْلامنستطيع نقول
إنا لديب الحقّ وفّيّنا
**
ديب الأمين و للفضل عنوان
قومي صلب من هون من لبنان
من سوريانا من أهاليها
من الشّام من لعراق من عمّان
من حدود طوروس و نواحيها
و البختياري الشّامخ الأركان
من ارض سينا من روابيها
من القدس أرض الطّهر و الإيمان
من اسكندرون الأهلنا فيها
من بقاعنا الأخضر الأفيَح
من غابة الأُسد النبي عثمان
**
هيدي هوية ديب كرديّة
من بلاد بالأبطال مسميّة
منها الحضارة تكونّت بالذات
و الأبجدية متل ما هيّي
منها الرسل، اللي تلقنو الآيات
و حملو الرسالات السّماوية
و لمّا عليها توالت النكبات
من الكافرين بأرض سورية
منشان تتخلص من الويلات
برسالتو عليها سعاده طل
و رّجع مكانتها الطبيعية
**
و جيش الزوابع من مهامو سار
يبني بوجه الرِّيح و الأعصار
و بكلّ بقعة توزّعو جنودو
داعين للوحدة بإستمرار
و للعمل شمّر شعبنا زنودو
يطهر بنارو كلّ وصمة عار
و للنّصر ثورة بزحفها تقودو
ويغلي بقلب ثوارها الإيمان
مع ديب كردية ال من الثوار
**
يارفيقنا بجهادك الميمون
تاريخ فتّح عالبطولة عيون
بفضلو الأمانة حملتها
وطويت الدرب الطويلة و ما كنت مغبون
بالعكس في آلامك تهنّيت
حتى على الأمّة ألمها يهون
في كل محنة واجبك أدّيت
تالحقّ يبقى للوطن مضمون
قهرت الصعاب و بأسها ذلّيت
بزخم العقيدة و سيفها المسنون
و لما العذاب بسجنك تلقيت
كان الضمير دمّي للوطن مرهون
و لمّا طليق من السجن صفَّيت
طلعت رافع هامتك عالشمس
و هيك اللي بدّو المجد بدّو يكون
**
تجندت بالجيش و كنت محسوب
عالحزب جندي مكلّف و مندوب
قمت بعمل عالنّجم علّى جبين
إنسان أدّى الواجب المطلوب
ولما دعا الواجب على فلسطين
للحرب، كنت الفارس اليعسوب
حاربت حرب الما بيعرف لين
همّك تحرّر شعبها المنكوب
مؤمن بأنّا الكلّ مسؤولين
عن كل بقعة بربعنا المحبوب
لكنما الحكام معروفين
الخانو الوطن منشان يرضو الغرب
وخلّو الدولاب يدور بالمقلوب
**
لما الكراسي أهلها كانو
يحبو الكراسي و يجمعو الأموال
بأكبر قضية مقدسة خانو
و بالصلب كانو يحكمو الأبطال
جهادك انت ما تركت ميدانو
كنت بعرينو تدرب الأشبال
حتى العرين تصون بنيانو
و بالإنتصار تحقّق الآمال
و قلبك بحبّ الأرض إيمانو
إيمان فادي الشعب و الأجيال
سعاده القضى كرمال أوطانو
من بعد ما أمن طريق النور
ووعّى الدّني بصرخة من العرزال.