ابن الهلال

هِلالٌ خَصيبْ! ليسَ نارٌ و لهبْ.
مِنْ القُدسِ لبيروتْ! حتّى حلبْ
أنَا في الأقْصى جْنديٌ جَلَبْ
لِي سَيفٌ مِنْ غيرِ غُمْدٍ مُصطَحَبْ
أنَا ذا موتٌ إذا الموتُ انكتبْ

فِي بيروتْ! مُعلمٌ لهُ الإيَبْ
لهُ البيعةُ الأولَى و المَثْنَى للأبدْ
يَحمِي هَواءَ السَروِ أنْ يُغتَصبْ
يَحمي جِيلاً بعدَ جيلٍ أنْ يُصَبْ
بفتنةِ الدجّال المُصطَخِبْ

و إرثِي المأثور! مِنْ أبٍ لأبٍ لأبْ
علّمَني السيرَ للموتِ فِي طَرَبْ
علّمَني الحُبَّ و مَا إنِ ارتَهبْ
كانَ قصيرَ الصُحبِ فَمَا اصْطَحبْ

عَرَفَني رجلاً! ما قَلَى و ما أَحَبْ
ألْحَقُ الحَقَّ لِحاقاً إنْ هَربْ
و أَحرقُ دواوينَ اليَهودِ فِي شِعَبْ
أنا لا أَخجَلُ الحُبَّ أو الغَضَبْ

*
أنَا إبنُ هلال! مِن حَلَبْ
لِي قلمٌ و لِي باعٌ و لِي نسبْ
لَستُ مُعتَاداً عَلى مَناصِبِ العَرَبْ
إنْ رآنِي لَمْ أخَفْ مِنهُ اضّطَربْ

أخي إبنُ بغداد! عَلى الجهلِ انقلبْ
و دَرَسَ و تيقّنَ و تَعلّمَ الأدَبْ
حَفِظَ منازلَ الرجالِ و الرُتبْ
أخي إبنُ عذراءَ لمْ يَنصلبْ

و أبي! مَنْ جرّ النَواصي للرُكبْ
لا يُطيعُ ظَالِماً و إنْ غَلَبْ
ما هَاَبَ منهُمْ غضبٌ أو شنب
حدّثني في العقيدةِ كيفَ وَظَبْ

*
رحلتَ يا سَعادةَ ولمْ تَرتَقِبْ
قَالوا عَنّا فُرادَى و هُم عُصَبْ
فِينا شَبابٌ و فِينا نِساءٌ و فِينا شِيَبْ
وفِينا سيوفٌ تُسلّ و نارٌ تشبْ

و فِينا قُوةٌ تَرجِعُ بِالماءِ قَبلَ المُصبْ
و فِينا حَقٌ و خَيرٌ و جمالُ الكُتَبْ
بهلالٍ كريمٍ ليسَ من عادتهِ الطلب
لـٰكِنْ مِنْ عَادتِهِ أنْ يُهابَ ولا يَهَبْ

أنَا أبٌ! لجيلٍ مثلي بِلا أبْ
علّمتَهَم أنّ النارَ مِنْ مَاءٍ و حطَبْ
و شتّانَ ماءُ العُكْرِ مِنْ ماءِ العِذَبْ
و شتّانَ حَطَبُ النارِ مِنْ صِلصَالِ العربْ

إبنُ هلالٍ أحدبٍ ! لمْ يعرفِ الحَدَبْ
صَرَختُ موجوعاً فَصَرَخَ بِي التَعبْ
نادي أخوكَ في القُدسِ مَلّي الجَعَبْ
مِنْ رصاصٍ و كُتبٍ و أقلامٍ من ذَهَبْ.