الدور الذي تلعبه قطر اقليميا بالثلاث شهور الاخيرة هو الأخطر، لماذا؟

الدور الذي تلعبه قطر اقليميا بالثلاث شهور الاخيرة هو الأخطر، لماذا؟

لم يُقدّم الاستثمار المالي الهائل لدولة قطر في “الرياضة والمونديال”، لمجرد الرفاهية، بل هو حصراً لتقوية نفوذ الدولة النفطية الغنية في المنطقة، سياسيا اقتصادياً وأمنيا. اتضح هذا لاحقاً من خلال دورها كوسيط بين الصهاينة والفلسطينيين والدعم الأمريكي الدائم لقطر (طبعا بوجود القاعدة العسكرية الاكبر بالخليج على أراضيها).

ما يحصل فعلا هو ان موقف صهاينة البيت الأبيض، اوضح من الشمس، هو الدعم المطلق لإسرائيل، لكن هل يكون هذا الدعم لحكومة متطرفة لن تستمر لأكثر من اشهر، وعدم استقرار الكيان، اي حرفيا عدم استقرار المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط؟ ام لحكومة بمباركة امريكية مصرية، قطرية “صهيونية معتدلة” تضمن استمرار تدفق الاموال لجيوب الأمريكيين، عبر اسرائيل، وتكون قد كسبت وقت لخلقت مخطط شرق اوسط جديد لن يكون هدفه اوضح من ضمان استمرار استقرار وأمن “اسرائيل”، طبعا برعاية السيسي، زميل النتن ياهو كما صرّح سابقاً، والواضح ان لقطر مصلحة كبيرة في هذا المخطط، فما هو؟

قطر هي الراعي الرسمي للمفاوضات ولكن، هل من طرف يسعى لأي اتفاق، لا مصلحة له فيه؟ الولايات المتحدة الامريكية تضغط على قطر لإنهاء الأزمة، وإعادة الأسرى، واعدة اياها بكنز سياسي او اقليمي، لأنهم، كصهاينة البيت الابيض لم يعد بإستطاعتهم ترويض الوحش الذين لم يتوقّفوا على تغذيته، ناتنياهو، ولم يستطع مجلس الامن ولا الامم المتحدة ولا محكمة العدل الدولية انهاء الإبادة الجماعية في فلسطين، فكيف بامكانهم اصلا انهاء ذلك وهي منظمات ولدت من بعد الحرب العالمية الثانية، وعادة المنتصر في الحرب هو من يتحكم بزمام الأمور في مرحلة “ما بعد الحرب”. هذا ما حصل في منتصف القرن الماضي، وهذا ما يخشاه البيض الابيض اليوم، ان يكون القرار في يد حماس فقط. فواشنطن راضية على قطر. وقد كنا تربّينا على اننا نكون على خطأ عندما يكون الأمريكيون راضيين عننا. هنا يأتي دور قطر، الشريك الدبلوماسي للولايات المتحدة في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي كما صرح مسؤولون أمريكيون. مفذت الدوحة ما تطلبه حماس في الصفقة الاولى، لتظهر للعالم انها جدية بما خص الموقف الواضح من الصراع، وهذا يوّكد من تصاريح الجزيرة والنشاطات الاعلامية التي ترعاها الدوحة، كاستدعاء Shaun king وغيرهم. فما هو الغرض من هذه السياسة؟

قطر تروّض كل اعداء الولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي بالمال، بقدرتها الانمائية التي اثبتتها خلال بناء ملاعب كأس العالم في اقل من ١٠ سنوات، باستثمار لا يقل عن ١٠٠ مليار دولار. ما ذكر سابقا هو دليل حي للبيت الابيض ان بامكان قطر اعادة بناء غزة، وبامكانها “السيطرة” على من يحكم في فلسطين في المرحلة المقبلة. وبعد تأكد القيادات العسكرية الامريكية والعربية انه يستحيل القضاء على حماس لأنها من نسيج المجتمع الفلسطيني، فرضت المقاومة الفلسطينية واقع جديد انها صاحبة القرار، والمعني هنا حماس.

مشكلة حماس بانقسامها الداخلي، قياداتها السياسية تتأرجح بين الدوحة وإسطنبول، اما قياداتها العسكرية تقدّر الدعم الايراني ولن تتخلى عنه بسهولة، خصوصاً بعدها خذل العالم كله الشعب الفلسطيني على مدى سنين. من هنا تلعب قطر، ووراءها السعودية دور الحضن العربي لكل حماس، سياسيين وعسكريين، فالعسكري الراديكالي “السنوار” غازل فتح في ذكرى ميلاد ياسر عرفات الاخيرة، فكيف لمن يرفض اوسلو ويهاجم الخونة والعملاء، ان يكون حتى ايجابيا باتجاه سياسات فتح؟

هناك جواب واحد لهذا السؤال، وهي وجهة نظر شخصية، ان حماس تسعى لحضن عربي، بديل عن ايران وتركيا، يمتلك مكانة اقتصادية وعسكرية، ولكن لماذا السعودية؟ السعودية هي الدولة العربية الوحيدة القوية دون تبعية اقتصادية عسكرية للكيان. فهناك اربع دول عربية تتحكم “اسرائيل” بقراراتهم واقتصادهم، مصر والاردن، المستورد الاول للغاز “الإسرائيلي”. ولدينا المغرب والامارات صاحبتا اكبر صفقة تجارة اسلحة في تاريخ الكيان. من هنا نرى ان السعودية، التي يتحدث ديبلوماسيوها بنفس خطاب القذر كالأردن ومصر والمغرب بمسوات المجرمين بالضحايا من خلال وصف المستوطنين بال”مواطنين”.

ولكن رغم كل هذا الموقف المخزي، ليس هناك لها اي تباعية اقتصادية/عسكرية للكيان من المملكة، وإذا طبّعت السعودية مع “اسرائيل” اصبح تطبيع دول الخليج مجرد قصة وقت وتفاصيل، لأن الواقع الديموغرافي والتاريخي لإمتداد شعوب شبه الجزيرة العربية يدل ان المملكة هي “ام الكل” ومن كسر هذه النمطية هي اليمن، الذي تدفع اليوم ثمن مواقفها من فلسطين، والتي أزعجت الإمبراطوريتين البريطانية والأمريكية لأن رأسماليي العالم لا يستطيعون ان يتداولون ببضاعاتهم نتيجة عمليات البحر الاحمر، حكومان لم يحركها دم ما لا يقل عن ١٠٠٠٠ طفل، بل مصالحهم الرأسمالية.
وعندما قصفت صنعاء، اكد الحكومة والشعب ان العمليات لم تنتهي لكي يتوقف الاعتداء على غزة.

وفي احد تصاريح بايدن قال ان ٧ اوكتوبر اثر سلبيا على مجرى التطبيع بين “إسرائيل” والسعودية. فهل تنجح المقاومة الفلسطينية في كسر الهيمنة الامريكية على “بعض الدول الاقليمية” من خلال فرض شروطها على الطاولة كونها المنتصرة في الميدان؟ ام تنجح قطر في شراء كل القادة الحاليين وتقتل القضية الفلسطينية وتؤجلها قرن على اقل من خلال تسهيل تطبيق ما تطمح له الإدارة الأمريكية والبريطانية بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة واسرائيلية، ضمن اتفاقية ال٦٧ وينتهي طوفان الاقصى الشريف لنعود لدبلوماسية فتح ولكن هذا المرة عبر حماس، برعاية قطرية، وبمراقبة مصرية لحدود رفح، وكل هذا بمباركات الاسرائيلي، الذي اتفق مع القاهرة على التضييق على آخر ظهور مقاوم مسلح في منطقتنا من خلال تسليم ادارة حدود فيلادلفيا للموساد؟

وهل بقبل الاسماء الثلاثة الذين بتصدرون لائحة تبادل الاسرى، مروان البرغوثي، احمد سعدات، وعبدلله البرغوثي، بهذه الشروط؟ بيننا وبينهم الميدان و صدق قادة المقاومة الفلسطينية الموحّدة.