سابقة بكل المقاييس سيحدثها الفراغ الرئاسي الذي سيضرب لبنان مع انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون منتصف ليل ٣١ تشرين الأوّل. فلأوّل مرة في تاريخ لبنان وتحديداً ما بعد اتفاق الطائف، سيشهد لبنان فراغاً كاملاً في السلطة الإجرائية، فرئيس الجمهورية انتهت ولايته، والحكومة مستقيلة بموجب المادة ٦٩ من الدستور التي تنصّ على اعتبار الحكومة مستقيلة مع بداية ولاية مجلس النوّاب. بل إنّ الرئيس المنتهية ولايته أصدر قبل مغادرته القصر الجمهوري بدقائق مرسوماً يعتبر فيه الحكومة مستقيلة دون أن يصدر مرسوم تكليف شخصيّة بتشكيل الحكومة ومرسوم تأليف حكومة جديدة كما جرى العرف، حيث جرت العادة أن تصدر هذه المراسيم الثلاثة مع بعضها البعض.
إنّ الإجراء الذي أقدم عليه عون فجّر نقاشاً دستورياً كبيراً حول إمكانية استمرار حكومة ميقاتي بتصريف الأعمال، فأقدم ميقاتي نفسه على توجيه رسالة لرئيس مجلس النواب نبيه بري طالباً منه موافقة المجلس على استمرار الحكومة بتصريف الأعمال بالرغم من صدور مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة، بل إنّ ميقاتي أصدر بياناً يعتمد فيه على تفسير مواد الدستور لإبراز الدوافع التي تفرض استمرار حكومته بتسيير الأعمال.
إنّ رسالة ميقاتي لمجلس النواب رمت قنبلة مرسوم استقالة الحكومة في ملعب المجلس المنوط به وحده تفسير الدستور، فهو طلب موافقته على الاستمرار في تصريف الأعمال، بمعنى آخر طالب النواب بتجديد الثقة بحكومته المستقيلة. فإذا وافقت أغلبية النواب على ذلك – وهذا أمر مستبعد- نكون أمام سابقة إضافية جديدة وهي حصول حكومة مستقيلة على ثقة المجلس النيابي لاستكمال عملها حتى لو ضمن إطار تصريف الأعمال، وإذا رفضت الأغلبية النيابية طلب ميقاتي، فإن هذه الأغلبية النيابية تصبح مسؤولة عن فراغ السلطة الإجرائية.