هل توقع العالم أن تاريخ النضال الفلسطيني ستنتهي مدته، وتتيه منه نقطة النهاية بطول مدة الاحتلال والنكسات والمحن والخيانات؟ وأن المقاومة ستستكين لمشروع الصهاينة بتخلي العالم عنها وخيانة القانون الدولي لها؟
على صفيح ساخن يجلس العالم مراقباً تصاعد أعمال المقاومة وظهور جيل جديد من الشباب بعمر الزهر، مجموعة عرين الأسود وكتيبة جنين، أقضّت بهجماتها مضاجع “اسرائيل” أمنياً وسياسياً، من إطلاق نار على أهداف عسكرية في محيط نابلس أوقعت خسائر في صفوف جيش العدو، إلى تصاعد قوتها العسكرية وخطابها السياسي المقاوم، إلى حاضنتها الشعبية وتسارع الدعم الشعبي لها والهتاف”العرين لا يلين”، هذا الهتاف الذي نادى به مجموعة شبان فلسطينيين، في محافظات الضفة الغربية والقدس وغيرها، بعد عقود من الإحتلال والإستيطان، ومشاريع التطبيع والتهويد والممارسات الوحشية وشعارات السلام والاخاء والعيش المشترك الوهمية والكاذبة، تعلن هذه الكتيبة المسلحة أن السلاح وجهته الوحيدة هي الإحتلال فقط، وان الغاية هي تحرير فلسطين كل فلسطين.
ونتيجةً لأعمال عرين الأسود تم نقل نصف جيش الاحتلال للضفة الغربية، وأغلقت “اسرائيل” العديد من المناطق في محيط نابلس وشرقي القدس بإستخدام سواتر ومكعبات إسمنية، وذكرت الأسود في بياناتها من سيحاصر من؟ في إشارة إلى الحصار الذي فرضه العدو، بالإضافة إلى عدة عمليات إطلاق نارعلى الحواجز الاسرائيلية المحيطة بالمدينة تبنتها كتيبة جنين، فبعد إستشهاد أحد عناصرها أكدت على عدم ترك البندقية تحت أي ظرف، وتوجيهها نحو الإحتلال والمستوطنين والعملاء، وأن وجهة الرصاص لن تكون في الهواء.
إن “اسرائيل” لم تستطع تغيير معادلات القوة التي تتعاظم في محور المقاومة، ومعادلات الردع المتصاعدة على المستوى العسكري، ولا إجتثاث المقاومة في فلسطين المدعومة من إيران التي أصبحت تشكل قلقاً كبيراً “لاسرائيل “، فما كان منها إلا الرد في الأراضي الإيرانية من خلال منظمات إرهابية من بينها داعش، بينما كانت أمريكا و”اسرائيل” تتهمان إيران بإنشاء داعش.
ونظرا لفشل وقلق أعداء ايران، “اسرائيل” وأمريكا وحلفائهما من بعض الدول العربية بدأوا ينتقمون من خلال العنف والارهاب، لإحداث إنشقاق في صفوف الشعب وتقدمه، ويحاولون ضرب الساحة الداخلية الإيرانية بإفتعال مسائل لإثارة الفتن والفوضى داخل إيران، وقد جرت تهيئة الأرضية لزيادة الضغوط الخارجية، والتخطيط، وتنفيذ العمليات للجزء الأكبر من أعمال الشغب قام بهما الموساد بالتعاون مع المجموعات الارهابية، وقد تسللت المنظمات الإستخباراتية والأمنية الأمريكية عبر شبكات لدعم حملات تحت عنوان “دعم حقوق المرأة والاقليات”، والذي كان أحد أبرز أهداف مؤتمر أوسلو الذي خصص لكيفية اثارة الشغب والأعمال الإرهابية في إيران من خلال إستغلال أي حادثة للتحريض على الإحتجاج وضرب النسيج الاجتماعي، وقد كان العمل الإرهابي الذي وقع في مزار شاه شراغ التي أعلنت داعش مسؤوليها عنه، دليل واضح عن المؤامرة التي أطلقت في عموم إيران، ومن المستبعد أن تسمح إيران أن يكون أمنها القومي تحت رحمة أيدي الارهابيين، وكما أعربت روسيا عن إستعدادها لزيادة التعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب، الذي ينتهك القوانين ومعايير الأخلاق والإنسانية، وكان لافتاً في برقية التعزية من الرئيس بوتين لنظيره الإيراني أن روسيا مستعدة للتعاون مع إيران لمكافحة الارهاب.
إن نية العدو الوجودي وأذرعه هو كسر وتحطيم محور المقاومة وإلهائه عن المسألة الفلسطينية ووأد المقاومة في فلسطين، ولكن هذا الجيل أظهر للعالم أنه لن يضيع بوصلته ،وأن هذه الفصائل بدأت نموذجاً جديداً من العمل المقاوم الفلسطيني بشكله المسلح والشعبي، وبات مشهد الانتفاضة الجديدة يسيطر على مسرح الاحداث.
عامر التل