التطبيع المقنع ( 2 )

    نصت الفقرة ( ج ) من القسم الثاني من إتفاقية الترسيم البحري التي وقعها لبنان، على أنه يُمنع التنقيب عن النفط في البلوك رقم  ( 9 ) من قبل أي شركة عليها عقوبات دولية .

   في هذا النص وقبول الدولة اللبنانية فيه، يظهر المعنى واضحاً وهو إستسلام الدولة اللبنانية للخطة الاميركية، وما يظهر أيضاً بشكل واضح قبول القوة الإقليمية التي توعدت مراراً وتكراراً بتوجيه ضربة إلى حقل كاريش إذا لم يتم التوصل إلى حل نهائي لترسيم الحدود بهذا الاتفاق.

    العقيدة الدينية لهذه القوة الإقليمية ترفض إتفاقية سايكس بيكو التي أسفرت عن قيام كيانات من ضمنها الكيان اللبناني وتؤكد هذه العقيدة على وجوب تحرير القدس، فكيف تقبل هذه القوة الإقليمية بعد ذلك بهذه الإتفاقية وتعتبرها نصراً للبنان ولها؟

    كأننا في هذا المشهد نعيد بشكل أو بآخر مشهد نكبة العام 1967 وخسارة كل فلسطين وتسمية ما حدث انذاك بنكبة وليس بكارثة، فقد نتج عن ذلك ضياع كامل فلسطين وأصبح العالم الآن يرى أن الحق مع الكيان الغاصب مستفيداً – هذا الكيان – من محو الذاكرة الجماعية للعالم أجمع بوجود الكيان الفلسطيني، وتقزيم هذا الكيان أيضاً إلى كيان السلطة الفلسطينية حالياً.

    النتائج المترتبة على هذه الإتفاقية مذكورة في بعض بنودها ومنها :

– توجه الكيان اللبناني غرباً بعكس الطروحات التي طرحت بتوجهه شرقاً.

– تنفيذ الأجندة الاميركية التي عبّرت عنها سفيرة الولايات المتحدة في لبنان  بإعادة إزدهار المصارف عن طريق تعافيها.

– حديث الوسيط الأميركي عن إعادة الإزدهار الاقتصادي للبنان بتعافيه من أزمته الاقتصادية.

– إعتراف السلطة اللبنانية بأن هذا الإتفاق سيشكل مدخلاً لمواجهة الأزمة الاقتصادية ( خطاب رئيس الجمهورية ).

    لغاية هذه اللحظة وما تم تسريبه عن هذا الاتفاق يبيّن بما لا يدع مجالاً لأي تكهنات أخرى أننا في لبنان وقّعنا إتفاقية 17 ايار جديدة، لكن هذه المرة ببنود منمقة تلعب على معنى الكلام ظاهرها ترسيم تحت عباءة الأمم المتحدة وأميركا لتسهيل تقديم قرض من البنك الدولي للدولة اللبنانية المتناسية أن سبب الإزمة الاقتصادية -ونؤكد مرة أخرى – سبب الأزمة الاقتصادية كان الحصار الاقتصادي الأميركي والغربي على كل من سورية ولبنان، بقانون قيصر، وتبعية بعض المسؤولين في لبنان للأميركي والغربي بالخوف على مصالحهم في البلدان الاوروبية واميركا – هذه التبعية معروفة في الكيان اللبناني بالفساد حالياً –  ووصول القوة الاقليمية إلى حائط مسدود بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها العالمية وإستسلامها الأني لهذا الإتفاق دون تفسير منطقي أو عقلي لغاية لحظة تاريخه لما حدث.