أهم ما تركته عملية طوفان الأقصى من تداعيات في المنطقة هو هذا التخبط الأعمى للسياسات الاستعمارية للحلف الأطلسي – اليهودي. فرفع السقوف العالية في وجه محور المقاومة ارتد سلبًا على مطلقيها، وكان من هذه السقوف استئصال المقاومة من فلسطين وتشكيل حلف دولي لمواجهة الإرهاب، والمقصود به حركات المقاومة، وإرساء السلام الذليل في فلسطين تبعًا لسياق اتفاقية اوسلو وباقي الاتفاقيات والمبادرة العربية، ولجم حركات المقاومة في كل المنطقة. وجاءت هذه السقوف وهذه الضغوط ليست تمنيات بل بحركة سياسية مكثفة قادها بايدن وقطر خلفه أقوى بلدان الحلف الاطلسي، بل أتت معها الاساطيل المدمرة ترهيبًا لمحور المقاومة في المنطقة وترهيبًا لحركات التحرر في منطقتنا وكل العالم، وراحت الحركة الدبلوماسية الاستعمارية تجوب بالمنطقة على اعلى المستويات وتطلق التهديد والوعيد والترغيب في كل الاتجاهات، ورسمت خطوطًا حمرا، وقدمت إغراءات سلامية وتهديدية تخدم الاستعمار وكيان العدو اليهودي، سواء تجاه لبنان أو الشام أو العراق أو اليمن أو ايران. ولكن كل هذه الحركة السياسية والأساطيل التي تجوب بحرنا باءت بالفشل، فلا القصف الامريكي ردع المقاومة في العراق، لا بل استمرت تدك القواعد الأميركية بالصواريخ، ولا القصف الأطلسي على الزوارق اليمنية خفف من حمية اليمنين في الدفاع عن غزة، ولا القصف اليهودي على الشام ولا طلعات الطيران البريطاني الاستخباراتي والأميركي أخافت الشام، ولم ترعب المقاومة في لبنان بل أقدمت هذه المقاومة على نصرة فلسطين بقوة، وكلما جاء تهديد لها من الاطلسي زادت المقاومة ضرباتها الموجعة للعدو الأطلسي اليهودي. ولا كل التهديدات الأطلسية واليهودية للجمهورية الإسلامية الإيرانية أجدت نفعًا، بل زادت إيران تصميمًا على نصرة ورفد كل قوى حركات التحرر بالمنطقة بأسباب الصمود والمواجهة.
ومن أبهى التداعيات التي فرضتها عملية طوفان الأقصى أنّها مرّغت أنف العدو اليهودي والأطلسي في التراب على أرض فلسطين عسكريًا، وأهانت الولايات المتحدة الأميركيّة في قواعدها العسكرية بالعراق، وضبط اليمني الشريف حركة السفن في البحر على وقع نبرات السيد الحوثي، كما ضرب للعدو اليهودي قاعدته التجسسية في اريتيريا وقواعده على سواحل ايلات، وأسقطت المقاومة في لبنان الجدار التجسسي على طول الحدود مع لبنان، وأسخنت بالعدو قتلًا وتدميرًا في كل مواقعه.
فكل هذا الجمال العزيز والعنفوان القومي الحاصل على ساحة أمتنا وكل المنطقة بفضل ثبات المقاومة في فلسطين، والإقدام الجريء الذي أقدم عليه محور المقاومة. فقد تبخرت أحلام الأطلسي، وطار التحالف المزمع انشائه بوجه الإرهاب، وطار التحالف البحري لحماية حركة السفن، وفشل مخطط إنهاء المقاومة في فلسطين والحلول السلمية، ورجع الأطلسي واليهودي للبيان الأول الذي أطلقته المقاومة في صدد عملية طوفان الأقصى والذي فيه وقف العدوان والإفراج عن الرهائن الفلسطينية وغيرها، ووقف بناء المستعمرات والاعتداءات على الضفة وغزة وفك الحصار عنهما.
فثبات المقاومة في غزة أسس النصر لمحور المقاومة، وعليه لن تهدأ ضربات المحور العسكرية والسياسية الا عندما تعلن المقاومة النصر في فلسطين، ولا حديث عن الهدوء في المنطقة الا بعد ان تهدأ الآلة العسكرية للاستعمار الغربي اليهودي داخل فلسطين، والإذعان لمطالب المقاومة في فلسطين عملًا بقول المعلم سعاده “لا تبغوا السلم حتى يتم النصر الكامل، ولا تستخفوا بالأعداء الى أن تسحقوهم”.ء