كتب محرر شؤون فلسطين
“أعلم أنني لم أحرر فلسطين في هذه العملية ولكن نفذتها وأنا واضع هدفاً أساسياً وهو أن يتحرك مئات الشبان ليحملوا البندقية بعدي”.
تلك كانت كلمات البطل عدي التميمي، التي وجدت في رسالة مكتوبة بخط اليد على ورقة مهترئة، ولكنها تفيض بعنفوان.
أبى الشهيد عدي ابن الـ 23 عامًا إلّا أن يكون صاحب الأثر الأكبر في غليان تعيشه الضفة الغربية والقدس منذ أكثر من 15 يومًا..
من هو عدي التميمي؟
ولد عدي في شهر تشرين ثاني عام 1999، وكان يفترض أن يطفئ شمعة عيد ميلاده الـ23 بعد أسابيع.
يقول عمه عنه: “عاش طفولة هادئة، كان يميل الى حب الرياضة، وقد قام بالتسجيل بنادٍ فعلاً، وأكد أن بعد هذه العملية انقلبت حياة العائلة رأسًا على عقب وتغيرت تماماً وأضحى تنفيذ عدي لعمليتيه الاثنتين شرفاً يلامسون السماء من خلاله”.
أمّا خالة عدي فتقول أنّ أمّه لم تستطع إخفاء صدمتها وظلّت تردّد لساعات ” لا هاد مش ابني”. وتضيف أن عدي كان محبوباً ضمن عائلته، يقوم بكل الواجبات العائلية على أكمل وجه، يشارك الناس أفراحهم وأتراحهم وتقول أخيراً “اي والله عدي مافي منو”.
أما أم عدي فلم يستطع أحد حتى الآن التواصل معها بسبب وضعها الصحي المتعب لها. فإن الكم الهائل من الأسئلة الذي يدور في عقلها ولم تلقَ له جوابًا الى الآن ما زال مرهقاً لها، وهي تعلم تماما أن البرودة التي تلف جسد عدي في ثلاجات العدو لن تستطع بعد الأن أن تحولها لدفئ كما كانت تفعل دائماً في ايام الشتاء القاسية، ولن تستطيع بعد اليوم أن تستيقظ في منتصف الليل لتغطي جسمه خوفاً عليه من البرد. أما عن مصيبتها الأخرى التي ما زالت تعيشها يومياً حتى بعد استشهاد عدي فهي اعتقال أخيه قاسم بتهمة مساعدة شقيقه على الهروب من المخيم والذي ما زال والده لليوم يحضر جلسات محاكمته لدى سلطات العدو.
مٌطارِد وليس مطارَداً
تمكن الشهيد عدي التميمي من تثبيت الفشل الكبير الذي تعيشه سلطات العدو وأجهزتها الأمنية، رغم إدعائها أنها الأقوى على مستوى العالم، عندما قام بالعملية الأولى على حاجز شعفاط في مدينة القدس وقتل خلالها مجندة يهودية في اليوم الأول من خدمتها وجرح خلالها آخرين، لتقوم سلطات العدو بعملية أمنية كبيرة بحثاً عن عدي منفذ العملية، وتعلن استنفاراً هو الأكبر بغرض هذا الهدف ليثبت فيما بعد أن عدي هو من كان يطاردهم عندما قام بعملية أخرى في مستوطنة معاليه أودميم قاتل خلالها بإيمان مطلق ويقين بأن ما يفعله تجاه وطنه هو الشيئ الأسمى، وأن الدماء التي تجري في عروقنا ليست ملكاً لنا بل هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها، ليستشهد على اثرها ولينال أذكى الشهادات وهي شهادة الدم.