الحرب في جولتها الثانية

سارت السياسة الأمريكية- (الإسرائيلية) على مسارين متوازيين، ففي حين كان ويليام بيرنز وكيل مدير وكاله المخابرات الأمريكية ومعه مدير الموساد (الاسرائيلي) يجريان مباحثات في قطر لتمديد الهدنه ولبحثي مسائل وقف اطلاق النار واسترداد (الاسرائيليين) الذين تحتجزهم المقاومة، كان وزير الخارجية الامريكي بلينكن قد عرج على تل ابيب في طريقه لحضور قمه المناخ في الامارات، حيث اجتمع و شارك مع مجلس الحرب الاسرائيلي جلسة لتقييم الوضع العسكري و اتخاذ ما يلزم من قرارات، و انتهى مانحا اياهم فتره سماح اضافيه لارتكاب المجازر بحق غزه، وطالبا منهم بعض الرفق بالمدنيين الذين لا يجد الاسرائيلي هدفا سواهم، ولكن الاسرائيلي كان ذاهب للقتال سواء بتحريض من الوزير الامريكي او بدونه وهو غير مضطر للالتزام بتعليمات بلينكن تجاه استهداف المدنيين لأنه يعرف مقدار عدم جديتها.
(الاسرائيلي) لا يملك امام حاله الاستعصاء وانسداد الافاق من خيارات الا السير الى الامام في الحرب، فيما خياراته الاخرى بالغه الصعوبة كان تتواصل الهدنه دون تحقيق ولو نصر مظهري ودون استرداده للمحتجزين (الاسرائيليين) لدى المقاومة، و الذين يتظاهر من اجلهم عشرات الاف (الاسرائيليين)، والخيار الثاني هو في اعلان الانسحاب والهزيمة، وهكذا عاد الاسرائيلي والامريكي لمحاوله العمل على تفاوض لإطلاق سراح المحتجزين ولكن تحت النار ولهيبها والشهداء واشلائهم وهم في ذلك يستنسخون طرق الثعلب الراحل هنري كيسنجر الذي كان يطلب من وزاره الدفاع الأمريكية ان تكثف من قصفها على كمبوديا او فيتنام بالتوقيت الذي يكون قد جلس فيه للتفاوض مع الكمبوديين او الفيتناميين.
.
القتل والدمار هو ثقافه مشتركه بين امريكا واسرائيل، وارث مشترك يجمع البلدين مع الاستعمار الغربي الذي فتك بالهند والجزائر وفي بلادنا وفي افريقيا، فلا اخلاق بالسياسة ولا قيمه للروح في ميدان المصالح، و منطق الشركات الربحية، و لا حقوق انسان او قانون دولي امام شهية النهب و الاستغلال، اكثر من نصف مليون طفل عراقي قضوا نتيجة السياسات الأمريكية وهذا امر عادي بالنسبة للبيت الابيض ولأصحاب القرار في واشنطن وفي الغرب عموما.
التفاوض تحت النار هو ما بدا واضحا في يوم المؤتمرات الصحفية و هو يوم اول امس حيث عقد خلال ساعتين تقريبا كل من وزير الدفاع يوآف غالانت ونتنياهو رئيس الحكومة وناطق باسم الجيش الاسرائيلي كل مؤتمر صحفي منفرد ليتحدثوا بذات اللغة وحول انجازاتهم المتوهمة في غزه وعدد الذين اعتقلوهم من قاده المقاومة وما ادلوا به من اعترافات حسب زعمهم، وكيف انهم قضوا على 60% من قدرات المقاومة وبكل الاحوال بقي امامهم ان صدقوا 40% قادره على اذاقتهم كثير من المرارة.
حسب من عقد المؤتمرات الصحفية فانهم يقدمون النار والهدم والقتل كطريقه للتفاوض اما امس الاحد فقد سمحت الرقابة العسكرية (الإسرائيلية) بنشر خبر مفاده ان الحكومة (الإسرائيلية) قد قررت توسيع العملية العسكرية البريه؟، انه الهروب الى الامام والمزيد من التورط والتمرغ في اوحال غزه وتلقي المزيد من ضربات المقاومة التي تقول لهم انكم لن تغادروا بإرادتكم وانما دخلتم في المصيدة هي فرصتنا لاستنزافكم.
سبق تلك المؤتمرات الصحافية تصريحات صدرت على لسان الشيخ صالح العاروري بدت واضحة و قاطعه لقول كل خطيب بدا فيها هادئا و واثقا على العكس من الطريقة التي بدا فيها وزير الدفاع غالانت او رئيس الحكومة نتياهو.
اكد الشيخ صالح العاروري ان المقاومة ماضيه في الحرب حتى نهاياتها، وهي واثقه من النصر فيها وام لا هدن ولا مفاوضات ولا تبادل اسرى حتى تنتهي الحرب ويحصل وقف اطلاق النار، وان التبادل يجب ان يشمل تبييض سجون الاحتلال من اسرانا بالكامل، و اكد ان الاحتلال عاجز عن كسر المقاومة وارادتها و هو يرى ان انه بدل الحديث عن اليوم الثاني لما بعد القضاء على المقاومة فعلى الاحتلال ان يفكر باليوم الاول الذي يستطيع فيه الانسحاب مغلوبا من غزه.
هكذا اعلن الشيخ العاروري نهاية الدور المؤقت لقطر و مصر بانتظار نهاية الحرب، و حدد معالم المعركة و مداها و القدرة على خوضها حتى النهاية، انها اقوال و قرارات لا تسطيعها الا النفوس الكبيرة و الارادات القوية الواثقة صاحبة الحسابات الدقيقة، يقول العاروري للاحتلال افعلوا ما تريدون و مارسوا اقسى ما لديكم من لؤم و استعملوا افتك ما لديكم من ادوات القتل و الدمار، نتألم للدماء التي تسيل و الارواح التي تزهق و لكن الاهداف الكبيرة تستحق تضحيات جسيمة، و باللغه المحكية: (اعلى ما بخيلكم اركبوا).
سعادة مصطفى ارشيد
جنين- فلسطين المحتلة