لماذا ليس علينا أن ننتظر تدخُّل العرب في حروبنا لنصرتنا؟

لقد أثبتت الجولة الأخيرة الدائرة بين شعبنا واليهود المؤمنين بتوراتهم المزيّفة ووعد الله لهم بأرضنا وأرض سوانا في الإقليم، المدعوون بالصهاينة نسبةً لجبل صهيون المذكور في كتابهم وغير المحدد أو المعروف تماماً تموضعه في شرق أو غرب القدس، أنّ نظرية سعاده القومية الاجتماعية في تحديد مفهوم الأمة بناءً على علم الاجتماع دقيقة فعلاً.
وهي في أن شعوب شبه الجزيرة العربية ووادي النيل والمغرب ليسوا من ذات الواقع الاجتماعي والانتماء القومي كشعبِنا، ولا يربطُنا بهم غير اللغة الأم مع اختلاف اللهجات المحكية النابعة من لغات ما قبل الحقبة العربية، والجيرة النسبية، كما المصاهرات العائلية وإن المحدودة، والتكافُل الناجم عن بعض المصالح والآمال المشتركة، وأخيراً التعاطف الناتج خصوصاً عن مسار ومضامين الدين الإسلامي.
فيما تختلفُ بيئاتُهم الجغرافية وتكوينهم الاجتماعي ومصالحُهم العليا عن بيئتنا ومصالحنا.
بحيثُ لم نجدْهُم تاريخياً ملبّين النداء أو معنيين مباشرةً بالمسألة الفلسطينية ولا بأي مسألة استراتيجية تخصُّنا، مثلما وجدنا النسبة الساحقة من مواطنينا في كيانات الأمة.
فهذا ما لاحظناه من قبل عند اقتطاعِ مساحاتٍ شاسعة من الهلال الخصيب لضمّها إلى دول الجوار، ثمّ شاهدناهُ خلال الحوادث التي دارت رحاها في لبنان والشام والعراق والكويت والتي اشتركَ فيها جيوشٌ وأحزابٌ وأفراد من كل كيانات الأمة.
أما اشتراكُ العرب في بعض المعارك، فكان دائماً جانبياً أو رمزياً ودوافعُه على الأغلب معنوية، إلا إذا كانت بلادُهم معرّضة بدورِها للعدوان.
ومن هنا ليس على أحد أن يستجدي تدخُّل العرب في صلب المعركة أو أن يستغرب موقفَهم غير الفاعل، بل يمكن إشراكَهم فيما يعنينا ضمن حدود قدراتهم ورغباتِهم، لأنّ هناك ثمنٌ علينا دفعه بظلّ تآمر دول كثيرة علينا.
ومهما بلغت التضحيات التي تجاوزت مئات الآلاف من الشهداء خلال الحروب المذكورة أعلاه، لن يُكتبَ لإسرائيل كدولة مُركّبة ومعتمِدة على الدعم الخارجي وغريبة عن المنطقة، الاستمرار على وضعِها ولا الزوال عسكرياً ليُرمى سكّانها في البحر، بل أراها في المستقبل ساحةً خدماتية مُجرّدة من السلاح وشبيهة بإمارة موناكو دون أن تتصفَ بالدولة على جزءٍ من جغرافية فلسطين في كنف الأمة، وهذا تصوّري الخاص غير المُلزِم لأحد.