أيها القوميون الاجتماعيون
لابد ونحن نحتفل في الذكرى الثانية والتسعين لتأسيس الحزب ، من أن نتطهر قليلاً لنلتقي معاً بقلوب منفتحة نظيفة ، لذلك في هذه الذكرى رأينا أن نعود إلى بعض القواعد وبعض المفاهيم التي قدمها سعادة لمعالجة أوضاعنا ، لنعمل على ترسيخها ، لأننا على ما يبدو اليوم ، نصادف أموراً مشابهة ، أو حالات مشابهة عالجها سعادة .
وأردنا أن نضع تلك القواعد أمامنا لنناقشها معاً ، ولندرك أن بعضاً من المثالب التي يعالجها سعادة في هذه القواعد فاعلة بشكل ما فينا ، وهذه طبيعة الحركات الفاعلة المتحركة ، التي لابد أن يتعرض أفرادها للوقوع في أخطاء ومثالب ترفضها الحركة . وسعادة في هذه القواعد التي قدمها وضع لنا طريق المعالجة ، وطريقة الخروج من المثالب التي يتعرض لها الأفراد .
في أية مؤسسة ، وفي أي مجتمع ، يتعرض الأفراد للسقوط ، ويقعون في بؤر المفاسد .
هذه المسألة حاصلة في كل المؤسسات ، وفي أية مؤسسة ، بما فيها مؤسسة الحزب ، ولكن هل يدفعنا هذا السقوط إلى التشاؤم واليأس . في رؤية سعادة لا يمكن أن تدفعنا أخطاء الأفراد ومثالبهم إلى القنوط واليأس والتشاؤم لأن المفاسد تلعب في الأفراد ولكنها لا يمكن أن تشمل المجتمع ولا أن تصمه .
في كل حركة فاعلة لابد من أخطاء ، خاصة عندما تتعرض الحركة لضغوط خارجية أو تقع ضمن دائرة المفاسد . ولكن جميع الأخطاء لا يمكن أن تعيق الحركة من الاستمرار والفاعلية ، ولا يمكن لأخطاء الأفراد أن تشمل حركة المؤسسة أو توقفها أو تؤخرها ، ولا يمكن أن تكون سمة للحركة ، كما قال سعادة : ” في الأفراد فقط تلعب المفاسد ، ولا يمكن لهؤلاء أن يصموا المجتمع كله بالمفاسد التي في أنفسهم “
ولكن لا يمكن إنقاذ الحركة من الأخطاء إلا بمعالجتها بالأخلاق القومية الاجتماعية ، بقواعد الأخلاقية القومية الاجتماعية التي وضعها سعادة ، لأن أهم ما يضمن استمرارية المؤسسة ويحصنها ضد المفاسد ، ويحصنها من السقوط ، هو ترسيخ العقلية الأخلاقية التي قال عنها سعادة أنها أهم مسألة وضعها بعد تأسيس فكرة الأمة وتعيين مقاصدها الكبرى . فإذا فقدنا أخلاقيتنا فقدنا كل مبررات وجودنا في المؤسسة وقطعنا طريق الانتصار على أنفسنا .
ولا يمكن أن ننتصر بالعقلية الأخلاقية القديمة ، ولا يمكن أن ننتصر إذا تخلينا عن أخلاقيتنا القومية الاجتماعية ، وعن الروحية الحقة التي وحدها يمكن أن تفعل في الجماعة .
بدون العقلية الأخلاقية ، لا يمكننا أن نعمل معاً ، ولا أن نحقق تقدماً في عملنا ، وبالتالي لا يمكننا أن ننتصر .
إن العقلية الأخلاقية التي دعا إليها سعادة هي شرط من شروط الانتصار وقاعدة من قواعده . ولقد أكد سعادة على ذلك بقوله : ” إن العقلية الأخلاقية الجديدة التي نؤسسها بحياتنا بمبادئنا هي أثمن ما يقدمه الحزب السوري القومي الاجتماعي للأمة ، لمقاصدها ولأعمالها ولإنجاحها “
لقد أكد سعادة أن أهم قاعدة مناقبية يقوم عليها الحزب هي قاعدة الثقة ، التي لولاها لم يستطع القوميون الاجتماعيون الاستمرار في عملهم وفي تحقيق أهداف الحزب ومقاصده وأغراضه ، إنها مبدأ مناقبياً أساسياً تقوم عليه حركتنا وبه تعمل ، ولكن الثقة بالنتيجة تمتحن ، فعندما لا يثبت فرد أو مجموعة أفراد في المؤسسة أهليتهم لحمل الثقة تنتزع منهم ، ويقصون عن العمل ، لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا فاعلين في متحدهم ، ولا متحدهم يثق بعملهم .
فالثقة تبقى المبدأ الذي يعمل به القوميون الاجتماعيون . خارج إطار العمل بالثقة تتعرض أية مجموعة عمل للبلبلة والفوضى والشك التي أتت النهضة لتخرج المجتمع منها كما يقول سعادة : ” إن مبدأً أساسياً من مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي المناقبية ، هو مبدأ الثقة . فعلى أساس الثقة تقوم حركتنا وبالثقة نعمل ، ولكن الثقة تمتحن .”
ويقول سعادة أيضاً في رسالة إلى الرفيق توفيق الأشقر : ” أيها الرفيق العزيز ، يجب إزالة كل عائق ، وتمهيد كل صعب وتطهير فروعنا من كل شك وكل حقد وكل ضغينة وإيجاد تفاهم متين وروح ثقة وتعاون .”
فإذا لم نستطع أن نزيل من نفوسنا الشك والأحقاد والضغائن بطل أن نكون وحدة روحية نفسية واحدة ، وبطل بالتالي أن نكون قوميين اجتماعيين ؟
لأننا كقوميين اجتماعيين يجب أن نكون هذه الوحدة الروحية النفسية التي بدونها سنبقى متنافرين ، متصادمين ، ولا يمكننا أن نحقق ما نسعى إليه ، وبالتالي يكون إيماننا مزعزعاً ونفوسنا مضطربة . وهنا يقول سعادة إلى الرفيق توفيق الأشقر : ” أيها الرفيق العزيز لا تنسى أننا في الحزب السوري القومي ، نشكل وحدة نفسية نظامية قبل أي شيء آخر ، ومقياس قومية كل عضو في مبلغ محافظته على النظام وتتميم الواجبات والأعمال وليس مقدار النظريات الخصوصية التي يضعها فوق النظام ” .
أيها القوميون الاجتماعيون :
ليس أمامنا من إنقاذٍ لأنفسنا ولحزبنا إلا بعودتنا عودة جدية إلى دراسة عقيدة الحزب وفهم مراميها ووعي مقاصدها وأغراضها وإدراك نظامها والمحافظة عليه ، وقيامنا بواجباتنا الحزبية .
فبمقدار ما نحافظ على نظاميتنا القومية الاجتماعية ، وأخلاقيتنا القومية الاجتماعية ، بمقدار ما ننطلق إلى الأمام . وبمقدار ما نفقد من نظاميتنا وأخلاقنا ومناقبنا بمقدار ما نتراجع ، وتتهدد حركتنا بالميعان والفوضى والانزلاق .
فنحن إما أن نكون قوميين اجتماعيين نتجاوز أخطاءنا وأزماتنا ولا نتوقف ، إنما نعالجها من ضمن تقدمنا وانطلاقنا ، أو نتنكر لقوميتنا فنتوقف عند التحدث بالأخطاء ونتقوقع في دائرة البحث عن الحل . في الحركة لا توقف ولا جمود ولا تحرك خارج عن محور الحركة أو اتجاهها . وكل توقف وكل جمود وكل انحراف عن محور الحركة هو طعن لها .
يقول سعادة :” من يتقاعس عن الجهاد يؤخر في سير الجهاد ” سواء كان الجهاد في سبيل تقدم الحركة أو في سبيل إنقاذها من أخطاء يمارسها أفراد في الحركة .
أيتها الرفيقات أيها الرفقاء
أقول ونحن نلتقي في ذكرى التأسيس ، لنلتق ويميننا إلى فوق واضعين مصلحة سوريا فوق كل مصلحة .
عضو المجلس الأعلى
الأمين عبد الله راشد