التحول الاستراتيجي في الحرب على غزة؟؟

تحوّلات استراتيجية هامّة في الحرب التي تشهدها المنطقة في أعقاب الخطوة الجبارة التي قامت بها البحريّة اليمنيّة باحتجاز سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر.
هو إعلان واضح وصريح ومباشر بأنّ الحركة البحريّة في البحر الأحمر باتت ممنوعة على الإسرائيليين. وإذا تدحرجت الأمور فإنّ حركة الملاحة في البحر الأحمر ستكون أمام علامة استفهام كبرى، لا سيما أنّ البحر الأحمر يشكّل ممرًّا أساسيًّا ورئيسيًّا لحوالي ثلث التجارة العالمية.
أوجدت الخطوة اليمنيّة إسرائيل في مأزق كبير، ذلك فإنّ حركة السفن المتّجهة إلى ميناء حيفا باتت معطّلة وترفض السفن العالمية الاتجاه الى هذا الميناء بسبب مخاطر القصف من جهة، وبسبب رفض شركات التأمين إصدار بوالص تأمين على البواخر المتجهة الى هذا الميناء. أمام هذا الواقع لم يتبقَّ للكيان الصهيوني سوى ميناء ايلات ومدخله البحر الأحمر الذي أقفل بوجهه، ما يعني أنّ العدو الإسرائيلي أصبح في حالة حصار بحري لن يستطيع تحمّله.
قد تقدم الولايات المتحدة على إرسال حاملة طائرات إلى البحر الأحمر تحت عنوان حماية الملاحة الدولية، وحرية حركة الملاحة في الممرات، وهذا سيجعل الولايات المتحدة في حالة صدام مع اليمن، فهل تتحمل الولايات المتحدة ضرب إحدى حاملات طائراتها؟ وماذا سيكون مصير بايدن في الانتخابات إذا ما حصل ذلك؟ ناهيك عن البعد المعنوي للولايات المتحدة.
إذا ما حضرت الولايات المتحدة بأسطولها الى البحر الأحمر فإنّ الملاحة ستتوقّف في البحر الأحمر بسبب الصدام مع اليمنيين، شلل هذا الممر الدولي سيكون له انعكاسات سلبية كبرى على التجارة الدولية باعتبار البحر الأحمر ممرًا رئيسيًّا لحوالي ثلث التجارة الدولية كما أسلفنا، لا سيما الانعكاس على أسعار النفط الذاهب الى أوروبا، إذ سيؤدي ذلك الى ارتفاع حاد جدًّا في أسعار النفط، وربما بشكل جنوني، وسيؤدي إلى كارثة على الاقتصاد الأوروبي المأزوم ويعاني ضعفًا وتضخمًا، كما سيحول دون تصدير النفط الخليجي.
اليمن بات يمسك العالم من اليد التي تؤلمه، لن يكون حلّ لهذه الأزمة إلّا بوقف الحرب على غزة، وهذا أحد شروط الدولة اليمنية التي أعلنتها.
لا أعتقد أنّ الولايات المتحدة ستذهب إلى حرب مع اليمن بسبب تداعيات ذلك على التجارة الدولية من جهة، والأضرار الكبرى التي ستتسبب بها من جهة أخرى، في ظل اقتصاد عالمي مأزوم ويعاني ركودًا.
أعتقد ان الولايات المتحدة ستكون مجبرة على الاستجابة للمطالب اليمنية، وستحاول ابتكار مخرج لهذه الأزمة بما لا يظهرها وإسرائيل مهزومتين. أمّا إذا ركبت الولايات المتحدة رأسها وذهبت الى التصعيد، فإنّ الأضرار المحتملة لا تعدّ ولا تحصى، فإضافة الى تضرر التجارة الدولية، فإنّ الحرب ستتوسع وسينخرط بها محور المقاومة مجتمعًا، ما يعني ضرب المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وكذلك ضرب القواعد الأميركية في المنطقة، ما يعني ارتفاع منسوب الأضرار على الولايات المتحدة من جهة، واهتزاز مكانتها العالمية من جهة أخرى وتكريس سقوط الأحادية القطبية من جهة ثالثة.
الولايات المتحدة امام أحد خيارين كلاهما مر، فإمّا الرضوخ للشروط اليمنية، وإمّا خسائر كبرى مادية ومعنوية وبشرية إذا ما ركبت رأسها وذهبت الى الحرب.
أمام هذا الواقع لن تستطيع إسرائيل الاستمرار في حربها على غزة، وهذا يعني انتصارًا للمقاومة، وتحولات جيوسياسية وجيواستراتيجة هائلة، ستطال عموم المنطقة ولن تسلم منها دول التطبيع.