منظومات العدو الدفاعية… فشل وأوهام

منظومات العدو الدفاعية… فشل وأوهام

    تفاخر الدول عادة بما تملك جيوشها من أسلحة وأنظمة دفاع، وتقنيات تجسس ومراقبة وتنصت، وكل ما يساهم في جعلها تنتصر في المعارك والحروب، ولا تظهر الفعالية الحقيقية لهذه الأسلحة والتقنيات في التجارب والمناورات العسكرية، بل في الحروب الفعلية، ولطالما كان العدو يفاخر بتقنياته الأمنية والعسكرية، وبسبب طبيعته العسكرية واحتلاله لفلسطين استطاع أن يختبر بشكل فعلي تلك الأسلحة.

    من بين تلك التقنيات منظومة الدفاع الصاروخي “حيتس 3″، وهي منظومة دفاعية روّج لها العدو إعلامياً وعسكرياً بشكل واسع لعدة سنوات، على أنها فعالة وتقوم بوظائفها على أكمل وجه، صُممت لردع التهديدات الصاروخية الباليستية، ولتعترضها خارج الغلاف الجوي، وذلك للتخفيف من تأثير تشظيات انفجار رأسها المقاتل على الأرض، وما يحمله من مواد كيماوية أو بيولوجية، وهي إنتاج مشترك لشركة “حوما” في قسم البحث والتطوير للوسائل القتالية والبنية التحتية التكنولوجية في وزارة “الدفاع الإسرائيلية”، ووكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA) والصناعات الجوية “الإسرائيلية”، وتُعتبر هذه المنظومة المستوى الأعلى من النظام الدفاعي مُتعدّد الطبقات الذي يضم مقلاع داوود، القبة الحديدية، نظام أور، حيتس 2 وحيتس 3، هذا النظام الذي يحيط به العدو نفسه، ليأمن التهديدات الصاروخية العادية والباليستية، وهو يعمل على مبدأ أن الصاروخ الذي تفشل منظومة دفاعية في اعتراضه، تقوم المنظومة الأدنى باعتراضه، ومن ثم الأدنى.

    خلال الحرب الحالية على غزة استطاعت هذه المنظومة أن تعترض على ارتفاع عالٍ خارج الغلاف الجوي، صاروخ باليستي أُطلق من اليمن، لكنها فشلت في اعتراض عدة صواريخ أخرى استطاعت أن تصل إلى أهدافها، مع الانتباه إلى الكلفة العالية لصواريخ المنظومة (2 مليون دولار أميركي للصاروخ الواحد)، في مقابل الثمن القليل جداً نسبياً للصواريخ الذي يتم اعتراضها.

    ومن التقنيات التي روّج لها العدو أيضاً، منظومة “معطف الريح” المُستخدمة على الدبابات والمدرعات، وهي اليوم في هذه الحرب قيد الاختبار، وجاءت فكرة تحصين الدبابات خلال احتلال العدو لجنوب لبنان، حيث كانت الصواريخ التي كان يطلقها المقاومون تفتك بالدبابات وبمن في داخلها، وأصبحت دبابة الميركافا عاجزة عن مواجهة تلك الصواريخ، وأصبحت معها خسائر العدو ترتفع، إن على مستوى الأفراد(قتلى وجرحى)، أو على مستوى الآليات، إضافة إلى إظهار الدبابة “الإسرائيلية” وكأنها صُنعت من كرتون، مما أدى إلى إلغاء عدة دول لصفقات شراء الميركافا من العدو.

    منظومة “معطف الريح” أو “معيل روح”، هي تقنية دفاعية نشطة للدبابات طورتها شركة رفائيل العسكرية، لتعمل على تحصين الدبابات والمدرعات والآليات العسكرية “الإسرائيلية” من الاستهداف الأفقي في محاولة للتغلّب على تهديد الصواريخ المضادّة للدبابات التي تتعرّض لها خلال المواجهات العسكرية والحروب، فتدمرها أو تعطبها بشكل كامل أو جزئي، وتقتل طاقمها أو تجرحه.

   قام جيش العدو بالترويج لهذه التقنية، وقدمها على أنها سلاحاً سرياً، ينقذ أرواح الضباط والجنود، ويمنع تدمير الدبابات والآليات العسكرية، وكشف أن هذه التقنية الدفاعية تحتوي على رادار يكشف عن التهديد الصاروخي من مسافة بعيدة، جهاز حاسوب آلي لإطلاق النار، ووسائل اعتراض تتكون من أجسام تضم كرات معدنية تصطدم بالصاروخ الموجه للدبابة وتتسبب بانفجاره قبل اصطدامه بها، كما أن لديها القدرة على التعامل مع الصواريخ قصيرة المدى وصواريخ بي 7 والكورنيت خلال سير الدبابة وليس فقط أثناء توقفها، وتبلغ قيمة المنظومة الواحدة 300 ألف دولار.

    الحرب هي المكان الوحيد الذي يكشف فعالية الأسلحة والتقنيات ومدى نجاحها، ففي الحرب الحالية على قطاع غزة، ومن خلال محاولة التوغل البري فيها من قِبل جيش العدو، صدرت تصريحات “إسرائيلية” رسمية عن تعرض عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية للتدمير الكلي أو الجزئي، بعد إصابتها بصواريخ المقاومين المحلية الصنع أو الكورنيت الروسية، وقد أظهرت عشرات مقاطع الفيديو التي تم تصويرها في محيط قطاع غزة، وعلى الحدود بين لبنان وفلسطين، مدى التدمير التي تعرضت له تلك الدبابات والآليات، وهذا ما يدل على فشل منظومة “معطف الريح”، وبالتالي فشل العدو في حماية جنوده وآلياته، إضافة إلى إغلاق الطريق أمام أي صفقة لبيع هذه التقنية إلى أي دولة.