ظهرت روح المقاومة جليّة كعادتها في نفوس من اعتنقها وآمن بها واتخذها نهج حياة. فقد تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بروح ولسان كل المقاومة وكل بطل من أبطال المقاومة، وبكلّ استراتيجية المحارب القائد قدّم خطابًا مفتوح الاحتمالات والأبواب، مؤكّدًا على الانتصار والانتصارات، حيث ربط فتح الجبهات بتطوّرات الميدان بغزّة مؤكّدًا أنّه ممنوع هزيمتها بأيّ حال من الأحوال.
إنّه خطاب توافقي منهجي بالمطلق مع قوى المقاومة بكلّ محاورها، وإن لم يعجب بعضًا ممّن يعدّون أنفسهم قيادات متحمّسة، فالقيادة الحكيمة لا تنجرّ وراء العواطف، بل تعدّ العدة بصمت ودراية لتصل إلى النصر.
ولم ترق كلماته للمستسلمين وحتى لم يستوعبها من استرخى في أحضان القواعد الأميركيّة والأرض المستباحة والشرف التائه في صحراء الخيانة والعمالة.
وينطبق على هؤلاء المنظّرين الخانعين من أعداء الخطاب الوازن والضمير المسؤول ربيب الصراع والمقاومة القول: “إنّ الذين لم يعودوا يتمكّنون من فعل شيء بسبب فقدهم كلّ ثقة بأنفسهم وأمّتهم، لا حقّ لهم أن يسألوا غيرهم عمّا يتمكّنون من فعله.”
ولا شكّ أنّ لكلّ زمن رجالاته، ومن المغالطة المقارنة بين قائد شعبي وآخر، وهذه الحقيقة أدركها العدو قبل الصديق، فالسيد حسن نصر الله رجل استثنائي، مخيف.
حسب قول المحلّل الإسرائيلي نيتسان سادان: “كان بإمكانه بالأمس أن يكسب شعبيّة مئات الملايين بكلمة واحدة، لكنّه فضّل أن يخسر شعبيّته كي يحقّق نصرًا ساحقًا”.
لقد شكّل هذه الخطاب نقطة تحوّل بارزة في خضمّ التخطيطات الاستراتيجية للمرحلة الحالية ومصدر قلق وتخوّف لكلّ أعداء محور المقاومة، فقد أبقت كلمات الخطاب العدو في حالة انتظار واستنفار، وإنّ ما تخشاه أميركا من ربط الجبهة اللبنانية بجبهة غزة إنّما هو من البديهيّات لمحور واحد له عدوّ وجودي، يتكامل وينسّق لتحقيق هدفه الاستراتيجي الكبير “إزالة الكيان الصهيوني”.
وإن كانت أميركا تعتبر هذا القرار تحدّيًا صريحًا وخطرًا عليها، فهي بذلك تعلن وبكل وضوح تورّطها واشتراكها بالعدوان الهمجي على شعبنا بغزّة وكامل الأرض المحتلة، ليس فقط بالزمن الحالي وخلال حرب طوفان الأقصى، بل خلال عقود الاحتلال الصهيوني، وتعلن أنّها المحرّك الأساسي والداعم اللا محدود واللا مشروط لما تقوم به إسرائيل بشكل مباشر أو عن طريق وكلائها.
ولأنّ الذي يتكلم لا يفعل، والأفعال العظيمة لا تسبقها الأقوال الصريحة، وعلى الرغم من موضوعيّة وشفافيّه ووضوح وغموض الخطاب بنفس الوقت، يحافظ محور المقاومة على عنصر المفاجأة، لأنّ القرار اتّخذ، ممنوع هزيمة المقاومة في غزّة.