من أوراق الطوفان

الورقة الأولى، تتعلق بالصورة التي احتلت حيزا هاما في طوفان 7 أكتوبر الفلسطيني، حين حولها المقاومون إلى أداة هامة غير مسبوقة في تاريخ الحروب العربية مع العدو الصهيوني، وساهمت في كسر الانطباعات السيكولوجية التي روجها العدو لتكريس صورة هشة لتفوق عسكري عنصري مزعوم.

الورقة الثانية، عن الاسم الأول الذي اختاره المقاومون لأكبر عملية عسكرية فلسطينية ضد المشروع الصهيوني، وهو الطوفان، فما هو عالق في الذهن حول هذه الأسطورة ارتباطها بالخلاص إلى أن يظهر بر جديد لا مكان فيه للخطيئة كما تجسدها الثقافة التوراتية وتجلياتها الامبريالية الأخرى.

الورقة الثالثة، عن الاسم الثاني لهذه العملية وهو الأقصى، بعد أن تداخلت الخرافة اليهودية مع الثقافة الانجلو سكسونية اللوثرية، وراحت توظف الموروث الجمعي الكامن في حملات الاستعمار الأولى للتوطين الكولونيالي وتدمجه في سياساتها واستهدافاتها الامبريالية، فكانت ردة الفعل بحجم التوظيف الإجرامي وصار المسجد الأقصى والدفاع عنه عنوانا جمعيا للاشتباك مع الثقافة الإمبريالية.

الورقة الرابعة، اشتباك الأساطير الحية مع الخرافات التوراتية في عيد العرش أو المظلة، فحيث أراد المستوطنون اليهود تكريس العيد الخرافي في احتفال هستيري جماعي فوجئوا بشكل مختلف للمظلات التي هبطت عليهم من حيث لا يحتسبون وحولتهم إلى عصف مأكول، ومن شدة إيمان المستوطنين الصهاينة (من العلمانيين المزعومين) ظنوا في البداية أن الطائرات الشراعية التي ظهرت فوقهم جزءا من خرافات ذلك العيد.

الورقة الخامسة، ورقة الصدمة التي اخترعها يهود مدرسة شيكاجو ووظفها مجرمو الغزو الأمريكي عند عدوانهم على العراق، إذ كان ملتون فريدمان مؤسس فلسفة الصدمة ومدرسة الاقتصاد الحر والسوق – الغابة وفق الداروينية الاجتماعية المتوحشة، يدعو لتجاوز الأزمات البنيوية المتفاقمة للرأسمالية بالمزيد من فلسفة السوق عبر استراتيجية الصدمة وتطبيقها في أكثر من بلد، مثل التشيلي عبر المذبحة التي نفذها الانقلاب العسكري المدعوم من المخابرات الأمريكية كما في روسيا بعد اغتصاب الليبراليين للسلطة فيها وقصفهم أول برلمان منتخب في عهدهم بالدبابات لأن هذا البرلمان رفض برنامجهم المشبوه.

أما في غزة فقد تحولت فلسفة الصدمة عبر المقاومين الأبطال إلى وبال على رؤوس المستوطنين ومعسكرات الجيش الذي تناثرت جثثه في كل مكان ولم تصدق تل أبيب ومؤسساتها واستخباراتها ما حصل لها بين يوم وليلة، بعد عقود طويلة من العربدة والمذابح.

الورقة السادسة، الفضيحة الكبرى كاملة الدسم للغرب الرأسمالي برمته من واشنطن إلى الاتحاد الأوروبي بكل عواصمه وقواه وتياراته، وظهر عاريا بلا أقنعته الديموقراطية المزعومة، وهو يدعو حكومة العدو الصهيوني إلى سياسة الأرض المحروقة وألا تترك حجرا على حجر.

فظهروا كلهم من رئيس الولايات المتحدة إلى المستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني ورئيس فرنسا والبقية، كمجرمي حرب وفق المحكمة الجنائية الدولية التي اخترعوها لمطاردة المتمردين على إملاءاتهم ومصالحهم الإمبريالية.

عشرات بل مئات الاتفاقات والبروتوكولات والعهود الدولية التي اخترعوها باسم حقوق الإنسان ضد المعسكر الشرقي في البداية عبر عشرات الآلاف من جماعات التمويل الأجنبي والثورات الملونة ذهبت أدراج الرياح، فمن يصدق بعد اليوم تلك الأكاذيب التي سادت طويلا قبل أن تغرق في طوفان الخطاب الوحيد الذي لا يعرف الغرب المتوحش إلا لغته، وهو خطاب القوة والمقاومة.

الورقة السابعة، خرافة وأوهام السلام والتعايش مع العدو، ومنها أوهام المبادرات العربية والدولية وحل الدولة والدولتين، فالعدو الصهيوني استعمار كولونيالي أكثر منه احتلال أو حالة غزو مؤقتة، وبالتالي فالصراع معه صراع وجود تاريخي – سياسي – اجتماعي – ثقافي – بنيوي لا يحسم إلا بزواله، وهو أيضا موضوع تناقض تناحري بدليل قانون التناقضات مع الإمبريالية العالمية وامتداداتها وحلقتها الأساسية هنا وهي الحلقة الصهيونية، وبالتالي وكما أي تناقض تناحري لا يحسم إلا بالقوة وكسره في تجلياته المختلفة.

الورقة الثامنة، انطلاقا مما سبق:

  • إن ما يجري اليوم في غزة هو اشتباك فاصل أكثر منه سيناريو آخر من مناخات الصفقات المعروفة، اشتباك بين مشروع صهيوني – إمبريالي لاقتلاع المقاومة والقضية نهائيا وبين خط وثقافة المقاومة.
  • يمثل العدو الصهيوني جزءا أساسيا من حالة الصراع مع الأمة كلها ووجودها ومصيرها وليس حالة نزاع فلسطيني إسرائيلي حول قضايا ثانوية هنا وهناك، وهي الحالة التي اخترعها النظام الرسمي العربي التابع بدعم أمريكي أوروبي صهيوني للتخلص من التبعات القومي لهذا الصراع، ومن الإحراج التاريخي الذي يمثله للعواصم التابعة ولسلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية.
  • خيار المقاومة والاشتباك مع العدو كخيار أساسي لا معنى لأي أساليب وأدوات أخرى بمعزل عنه.

الورقة التاسعة، من تداعيات الطوفان الفلسطيني الكبير على الغلاف المحتل من غزة:

  • سقوط الأساطير الإسرائيلية، ومنها الأمن الحديدي والجيش الذي لا يقهر وما أصابه من إهانة وإذلال وتمريغ أنف جنوده بالتراب، وعندما يفشل أمام المقاتلين كما في كل مرة يصب أسلحته المتوحشة على الأبرياء.
  • ما سيطلقه هذا الطوفان من موجات هجرة يهودية عكسية إلى الخارج.
  • استعادة القضية الفلسطينية مكانها في كل الملفات الإقليمية والدولية الخاصة بالشرق الأوسط وهي الاستعادة التي ما عاد بإمكان أحد الالتفاف عليها وفق السياسات السابقة.