صباح السابع من تشرين قلبت حركة حماس والمقاومة الفلسطينية الصفحة،وفتحت صفحة جديدة لكتابة تاريخ نصر الامة وعزتها بدماء شهدائها الابطال عنونتها ب”اسرائيل سقطت”و”المقاومة انتصرت”. وقالت لدولة العدو ولداعميه في الغرب الاستعماري ولخصيانه من حكام العالم العربي ،ان ارضا فيها مقاومة تحب الحياة وتعشق الموت متى كان طريقا للحياة العزيزة الكريمة لا يمكن ان تهود ، وان معركة تحرير فلسطين بدأتها المقاومة والمقاومة تنهيها.
صباح السابع من تشرين عبر نسور حماس ورجال المقاومة الفلسطينية البطلة حاجز الفصل الالكتروني حول غزة،بعد ان حذرو العالم من ارتكابات حكومة الاحتلال اليمينية الفاشية المجرمة ،التي أطلقت العنان للمستوطنين للعبث بالمسجد الأقصى،واعلنت الحرب على الأسرى الذين يتعرضون لابشع انواع القمع والظلم والتنكيل ،وبعد ان حذرو العالم ايضا من تداعيات الحصار على غزة وكل الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للقتل يوميا امام اعين الغرب وسكوت العالم الذي يدعي تمسكه بحقوق الانسان وبالحرية وحق الشعوب في تقريرمصيرها.
اعادت المقاومة ادخال يوم السابع من تشرين التاريخ مجددا بعد تنفيذ عملية “طوفان الاقصى”هذه العملية الغير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، والنوعية في توقيتها وتنفيذها واهدافها.
في التوقيت :
جاءت العملية يوم السبت يوم عيد الغفران عند اليهود ،وفي نفس التوقيت الذي عبر به الجيش العربي السوري البطل مرتفعات الجولان المحتل واستعاد تلة المرصد ورفع علم سوريا فوق بحيرة طبريا ،وحطم جيش مصر الناصرية خط بارليف واستعادة قسم من سيناء .لتؤكد المقاومة بعد 50 عام ان ذالك النصر لا يزال يرسخ في وجدان الامة، وان هذه الامة فيها من البطولة والعز مايكفي لكنس كل المتأمرين الذين حولو ذاك النصر العظيم الى استسلام كامب ديفيد، ولتثبت ان المسألة الفلسطينية هي الحلقة المركزية في قضيتنا القومية والمقاومة هي بوصلتنا نحو التحرير والنصر والحرية والكرامة.
وجاءت ايضا كعملية استباقية لعملية علمت المقاومة ان نتنياهو يحضر لها بدفع جيشه لاغتيال قيادات المقاومة في غزة بعد اجتياحها لانهاء القضية الفلسطينية على طريقته ،وليكمل اعلان التطبيع مع من تبفى من دول الخليج المطبعة سرا معه ، واكمال بناء شرق اوسط جديد ومشاريع اقتصادية تكون اسرائيل هي القطب الاساسي فيها. واهمها امرار مشروع الخط التجاري الذي يصل الهند باوروبا عبر الامارات والسعودية والاردن وفلسطين ثم بحرا الى اوروبا .ولا يمكن ان يقدم المستثمرون على الاستثمار بهكذا مشروع اذا كان الوضع الامني في فلسطين المحتلة غير مستقر.وبالتالي يصبح اغتيال المقاومة لاغتيال القضية هدفا اساسيا يخدم بقاء دولة الكيان الزائل ومشاريع خطوط التجارة الجديدة لامريكا واتباعها المزاحمة لخط الصين التجاري الطريق والحزام .واذ بعملية طوفان القدس تبدد هذه المشاريع وتقلب المشهد رأسا على عقب.
في التنفيذ:
أن ما انجزنه المقاومة من اقتحام بري وبحري وجوي للمستوطنات الإسرائيلية في «غلاف غزة»، بعد التمهيد بإطلاق أكثر من خمسة آلاف صاروخ نحو الأراضي المحتلة، وعجز لـ«القبة الحديدية»عن اسقاطها نتيجة عنصر المفاجأة والمباغتة الذي مارسته المقاومة ، سيُؤرّخ له بأنه من الأحداث المفصلية الكبرى في تاريخ شعبنا الفلسطيني العظيم، بل وفي تاريخ أمتنا. وهذا التأريخ لن يكون في شقّيه العسكري والعملياتي فقط، بل يمكن أن يتوسّع ليشمل جوانب أخرى من قبيل القدرة على اجتراح المستحيل، والرغبة في كسر حدود اللاممكن، والذهاب في اتجاه تحقيق إعجاز فشلت فيه قوى كبرى، وعجزت عنه دول عظمى.
نجحت حماس والمقاومة في خداع جيش العدو قبل ايام بدفع العمال الفلسطينين للتظاهر امام المعبر مطالبة بالسماح لهم بالعمل في الكيان الزائل عبر عملية تمويه مُحكمة، تم من خلالها توجيه كل الأنظار لا سيما الإسرائيلية منها نحو اهتمامات أخرى، ركّزت في معظمها على مواجهة التحدي الأمني والاقتصادي في مدن الضفة وغزة، معتقدة أن بضعة ملايين من الدولارات، والسماح للعمل لعدة آلاف من العمال ستنهي المشكلة مع غزة، وسيعم الهدوء في المنطقة الجنوبية من جديد.
وكان من المهم لنجاح عملية التوغل البري أن تكون هناك تغطية نارية مناسبة، بحيث ينشغل العدو في النظر باتجاه السماء، محاولاً تفادي أثر الصواريخ والقذائف التي انهمرت بشكل غير مسبوق، وساعياً لتفعيل قبته الحديدية التي انهارت بشكل كبير امام كثافة رشقات الصواريخ التي ساهمت ايضا بالهاء الرادارات لتسلل المظليين للدخول الى المراكز العسكربة لان البصمة الحراربة للطائرات الشراعية اقل بكثير من بصمة الصواريخ مما سمح لطياري حماس من الوصول لاهدافهم وتنفيذ مهامهم بنجاح كبير.
ونجحت ايضا في السرية في الاعداد وعامل المباغتة والبطولة المميزة في التنفيذ وهم من العوامل الاساسية في تحقيق الانتصار. 24 ساعة من المعارك في مستوطنات غلاف غزة، ونقل المعركة من قصف بالصواريخ الى اقتحام مستوطنات غلاف غزة يعتبر تطور استراتيجي بعمل المقاومة ،حيث باتت المعركة داخل الكيان الزائل . وبعد فقدان السيطرة على الوضع في غلاف غزة وتمكّن المقاومين من اقتحام عشرات المستوطنات الصهيونية، وإحكام قبضتهم عليها، في مقابل حالة من الانهيار سيطرت على أداء الجنود الصهاينة، ضمنهم وحدات نخبوية من لواء “عوز”، الذي يُنظر إليه إسرائيلياً بأنه أفضل لواء مقاتل في “الجيش” الإسرائيلي، إضافة إلى مقاتلين من وحدة “اليمّام” ذائعة الصيت، يظهر من كل ذلك أن المقاومة خططت لهذا اليوم ببراعة وإتقان منقطع النظير، مستطلعة حجم القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود، إضافة إلى أفضل الطرق وأسهلها للمرور إلى الجانب الشرقي منها، إلى جانب اختيارها التوقيت المناسب للبدء في التحرك الميداني، خصوصاً أن الفترة الحالية تشهد أعياداً يهودية يكون فيها الجنود والمستوطنون في حالة استرخاء تامة، وهو ما أدى إلى وصول المقاتلين إلى قلب المستعمرات الصهيونية على عمق يزيد على 20 كلم بسهولة ويُسر، وقبل أن يستيقظ الجنود والمستوطنون من نومهم مذهولين من ضربات المقاومة على ابواب منازلهم ليقعو اسرى وقتلي في يد المقاومة. وباتت المقاومة هي من تمتلك زمام المبادرة وليس جيش العدو وبدل ان تكون غزة محاصرة باتت غزة تحاصر دولة الكيان الزائل مما يؤكد هزيمة هذا الكيان المسخ.
اما في الاهداف :
فقد حددتها قيادة المقاومة عبر بيان القائد محمد الضيف ورئيس حماس اسماعيل هنية اذ اكدا ان “اليوم يوم المعركة الكُبرى لإنهاء الاحتِلال الأخير على سطح الكُرة الأرضيّة، وأوضحا أنَّه “حينما طفح الكيل كان لا بد من السير في هذا المسار الاستراتيجي واستكمال حلقة الانتفاضات والثورات والمقاومة، وتتويجها بمعركة التحرير لأرضنا ومقدساتنا وأسرانا في سجون الاحتلال”.ونختصرها بعناوين ثلاثة:
اولها :ان طوفان القدس هي بداية معركة التحرير ورسم قواعد اشتباك وردع جديدة مع الكيان الزائل.
ثانيها: تحرير الاسرى وتصفير السجون الاسرائيلية عبر عملية تبادل سترغم دولة العدو للسير بها بعد ان بات مئات الجنود والمستوطنين الاسرائيلين بقبضة المقاومة.
ثالثها: وقف الاعتداء على المسجد الاقصى ورفع الحصار الشامل عن غزة والضفة .
“إسرائيل تتهاوى أمام المفاومة وعملية”طوفان الأقصى” تجري كما هو مُخطّطٌ لها”، وتهاوت أمامهما وقوّاتهما كُل القبب الحديديّة ومقالع داوود، وطائرات الشّبح.إن ما يجرى اليوم هو هزيمة استراتيجية ساحقة تلقتها “إسرائيل” في عقر دارها، وأن توابع وارتدادات هذه الهزيمة على مستقبل هذه “الدولة الزائلة” ستكون كارثية. لقد حطمت المقاومة سمعة “الجيش” الإسرائيلي التي اعتدنا عليها، “جيش” من فولاذ يهزم ويقهر كل أعدائه، من اليوم فصاعداً، اصبح النظر إلى هذه القوة الغاشمة والفاشلة بأنها نمر من ورق ووحش من غبار، يمكن بشيء من التخطيط، وبمزيد من الإرادة، أن تتم هزيمتها وقهرها.
المقاومة اليوم تكتب صفحة مجد وعز وانتصار في تاريخ كفاح الشعب الفلسطيني والامة ،وتؤكد ان زمن الهزائم قد ولي وبدء عصر الانتصارات. عرى طوفان الأقصى هشاشة هذا العدو الذي لحقت به هزيمة عسكرية واستخباراتية وسياسية ومعنوية ستتوج بهزيمة مدوية ليخرج من أرضنا وقدسنا، ونحرر أسرانا”.فلسطين والامة الان أمام لحظة فارقة يمكن البناء عليها لو تضافرت الجهود، واتحدت الساحات، واجتمعت الجبهات فعلاً في هذه المرحلة الحاسمة، ستكون الأمة أمام نصر تاريخي عظيم غير مسبوق ، ومرحلة جديدة عنوانها : ان ما بعد “طوفان الاقصى” ليس كما قبله .
8-10-2023
الامين رياض عيد