خط أربيل- تل أبيب-خط ولادة “الإسرائيلات”… وخنجر المللا مصطفى

خط أربيل- تل أبيب-خط ولادة “الإسرائيلات”… وخنجر المللا مصطفى

لا شك، أن العنوان يطرح تساؤلاً لدى القارئ، ما هي العلاقة بين أربيل و” تل أبيب” : وإننا نؤكد في سياق الرد هذا التساؤل، إن في الإجابة عليه يكمن سر هذه العلاقة الخطيرة، ذات التداعيات المدمرة على الوحدة القوميَّة برمتها.
لا شك، أيضاً، إن ما يظهر حالياً على مسرح سورية الطبيعية الجغرافي وخاصة ما يتعلق بموضوع خط التواصل (الكردي- العراقي وتل أبيب)، هو ليس وليد السنوات القليلة الماضية، بل يعود إلى عقود طويلة، لا بد من الكشف عما حصل فيها من أحداث وعلاقات وتعاون وتآمر بين دولة الإحتلال الصهيوني وقادة أكراد العراق، حتى يمكننا الوقوف على حقيقة المشهد القائم حالياً، ونتائجه التاريخيَّة على وجودنا القومي.
وسوف نتبع منهجية تاريخية تتحدد في الإضاءة مع المحطات التاريخيَّة التي شهدت قيام العلاقات مع مختلف أشكالها ومستوياتها ومواضيعها وإستهدافاتها بين الكيان الغاصب وأكراد العراق.

في المحطات التاريخيَّة:
شبك العلاقة الصهيونيَّة مع الأكراد العراقيين قبل قيام دولة الإغتصاب عبر عملاء الوكالة اليهوديَّة:

  • ما قبل قيام الكيان الغاصب. بدأت العلاقة مع أكراد عام 1931 عبر (رؤوفين شيلفا) الذي ذهب إلى بغداد عام 1931، ممثلاً “للوكالة اليهوديَّة، وكان شيلفا قد حضر إلى هناك بصفته صحافيًا وكانت مهمته:
    أ- الإتصال بالعشائر الكرديَّة في شمال العراق.
    ب- البحث عن اليهود الكرد لإقناعهم بالسفر إلى فلسطين.
    (راجع: ” البرزاني والموساد: ما خفي أخطر” موقع الكتروني: almayadeen.com. راجع أيضاً: “العلاقات الكرديَّة- الصهيونيَّة- أي أفق” ” دراسة محمد أبو سعدة- المعهد المصري للدراسات- eipss-eg.org).

تعميق العلاقات مع الأكراد العراقيين بعد قيام دولة الإحتلال عام 1948

لقد تحقق ما سعى إليه رؤوفين شيلفا. “وهاجر ما بين العامين 1951 و1955 نحو 140 ألف يهودي عراقي، بما فيهم يهود كرد إلى “فلسطين: ومنهم اتسحاق مردخاي، وهو من مواليد (زاخو) شمال العراق والذي أصبح وزيراً للأمن في العام 1996”. (المرجع السابق)
بعد إنقلاب عبد الكريم قاسم 1958:
بعد وقوع الإنقلاب، “عمد الموساد وعبر علاقاته بالعشائر الكرديَّة. وأهمها عشير البرزاني، أن يرسل ضباطه “لتدريب مسلحي البرزاني”. وكان اليهودي (آفرائيم) هو همزة الوصل بين الطرفين. “لقد سمى عملية دعم الأكراد “عملية السجاد”، وكان يريد من خلال هذا الإسم، أن تكون تلك العملية بمثابة السجاد الأحمر لدخول المنطقة عبر كردها.

خلال حكم عبد الكريم قاسم:
” إلتقى مدير عام وزارة الأمن الإسرائيلية شمعون بيريز بـكامبرون بدرخان ممثلاً عن المللاّ مصطفى البرزاني، وإتفق معه على سلسلة من الخطوات في مواجهة العدو المشترك بغداد. (المرجع السابق)

خلال حكم عبد الرحمن عارف 16 نيسان 1966- 17 تموز 1968
في صيف 1966 قام الوزير الإسرائيلي لوفا أليان بزيارة سرية إلى شمال العراق، وتبرع للكرد بمستشفى عسكري قرب الحدود مع إيران. وفي تلك الفترة من حكم عبد الرحمن عارف، كان الملحق العسكري في السفارة الإسرائيليَّة في طهران يعقوب نمرودي، همزة الوصل بين البرزاني وتل أبيب. ويعقوب نمرودي هو من أقنع الطيار العراقي- الآشوري بالهرب إلى فلسطين المحتلة- بطائرته الميغ 21 آب 1966. (المرجع السابق)
في نيسان- إبريل من العام 1968، وبعد أسابيع من حرب حزيران 1967، قام المللا مصطفى البرزاني بزيارة سرية إلى “تل أبيب” وإلتقى وزير الأمن موشي دايان. وأهداه البرزاني خنجراً قائلاً له: “إنه لطعن العدو المشترك من الخلف”. ورد دايان على هدية البرزاني بإرسال شحنات متتاليَّة من الأسلحة إلى شمال العراق “عبر إيران. (المرجع السابق)
“خلال زيارة البرزاني السرية إلى كيان الإحتلال في نيسان 1968 إلتقته غولدا مائير “وإقترحت عليه تشكيل جهاز إستخبارات كردي مدعوم من “الموساد” وهو “الموضوع الذي بحثه البرزاني أساساً مع رئيس الكيان زلمان شازار ورئيس الوزراء ليفي أشكول خلال زيارته تل أبيب في نيسان 1968، ولقد أدى “جهاز الإستخبارات الإيراني (سافاك) دوراً فعالاً في هذا التعاون”. (المرجع السابق)
وهذا يشكل أخطر شكل من أشكال التعاون بين إسرائيل وأكراد العراق.

زيارة المللا مصطفى البرزاني لتل أبيب في نيسان 1968
عاد البرزاني إلى “إسرائيل” حيث كان يخضع للعلاج في المستشفيات الإسرائيليَّة، ويوقع في كل مرة على المزيد من إتفاقيات التعاون العسكري والإستخباراتي بين الطرفين. (المرجع السابق)

بروز الإتحاد السوفيتي كقوة فاعلة
في أواسط السبعينات، وبعد حرب تشرين 1973 وبروز الإتحاد السوفيتي كقوة فاعلة في المنطقة، زادت تل أبيب تعاونها مع الكرد وأرسلت إليهم الأسلحة والخبراء والأموال وزودتهم بكل المعلومات عن الدولة الكرديَّة. (المرجع السابق)

حرب الخليج الثانية وهزيمة العراق في الكويت
“كانت فرصة ثمينة للنشاط الإستخباراتي الإسرائيلي في منطقة الشمال العراقي، وذلك بعد إن جاءت قوات المطرقة المشكلة من (أميركا- بريطانيا- فرنسا- ألمانيا) إلى تركيا بحجة حماية الأكراد وفرضت الخط عرض 36، خطًا محرمًا إختراقه من قبل بغداد، الأمر الذي ساهم في تكوين نواة الكيان السياسي الكردي، حيث أستغل عملاء الموساد الوضع القائم وقاموا بنقل الأسلحة والعتاد إلى البشمركة عبر القواعد الأميركية في تركيا، وقد أقاموا قواعد في العراق، وكانوا مع إتصال مع عملائهم في الداخل العراقي عمومًا. (المرجع السابق)

دور الحاكم العسكري الأميركي
“لقد أدى الحاكم العسكري الأميركي آنذاك جاي غارنير، وهو صهيوني من صقور “المحافظين الجدد”، دوراً مهماً في ترسيخ الوجود الإسرائيلي الإستخباري والعسكري “المكثف في العراق وشماله بالتنسيق مع مسعود البرزاني وأمثاله من الكرد والعرب الذين كانوا، وما زالوا على علاقة وطيدة مع “تل أبيب”. (المرجع السابق)

نتائج التنسيق والتعاون الكردي- الإسرائيلي
بفضل هذا التنسيق والتعاون، عاد المئات من الأكراد اليهود من “إسرائيل” إلى العراق، وإستفادوا من جنسيتهم السابقة (العراقية) ليساعدوا ” تل أبيب” على تنفيذ عدد من الإستثمارات الإقتصادية والعسكرية، ولكن الأهم من كل ذلك: الإستخبارية. مثال على ذلك:
هناك ضباط متقاعدون من الموساد يشرفون على أمن مطار أربيل ويقومون بتدريب عناصر المخابرات الكردية الذين يتقنون اللغات: العربية والكردية والفارسية، كل ذلك عبر العديد من المراكز السرية التابعة للموساد، ومنها المركز الذي قصفه الإيرانيون. (المرجع السابق)
الموساد والتنسيق مع المخابرات الأميريكية
بفضل هذا التنسيق تم إختطاف زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان من نيروبي وتسليمه إلى تركيا بتاريخ 14 شباط 1999. (المرجع السابق)

لقاء بيغن – مصطفى البرزاني
عام 1981 خلال الحرب العراقية- الإيرانية وقال: ” لقد قدمنا للكرد، وما زلنا، كل ما يحتاجونه من المال والسلاح في “حربهم ضد بغداد…” (المرجع السابق)

يقول ألعازار تسافرير، وهو مسؤول كبير في الموساد 1963- 1975: ” كان لدى إسرائيل مستشارون عسكريون في مقر المللا مصطفى البرزاني، وقامت ” بتدريب وتزويد الوحدات الكرديَّة- بالأسلحة النارية والمدفعية الميدانيَّة والمدفعية المضادة للطائرات”.
Nader Entessar: Kurdish politics in the Middle East.
ورد في موقع: Ar.m.wikipedia.org “علاقات إسرائل وكردستان العراق”

تصريحات المسؤولين الإسرائليين:
“إن إسرائيل تدعم إنشاء دولة كردية مستقلة”.
Habfinger, David M. (22 sept.2017) Israel Endorsed Kurdish independence,
Saladin World Have Been ( … the New York Times, the original on 28-08-2021 Retrived 2021

“خلال عملية “عاصفة الصحراء”، بدأت المنظمات اليهوديَّة في جميع أنحاء العالم حملات لكسب التأييد لمساعدة الأكراد في كردستان العراق، خلال عملية عاصفة الصحراء، لوقف أعمال الإضطهاد التي تقوم بها الحكومة العراقيَّة”.
( Barron. A, US and Israel Jeus express Support For Kurdish>
Washington Report of Middle East Affaires, Mau- June 1991, p: 64

رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شامير، وخلال إجتماع مع وزير الخارجيَّة الأميريكي جيمس بيكر، دعا الحكومة الأميريكية إلى الدفاع عن الأكراد.
(Kurdistan; The next Flashpoint Between Turkey, Iraq, and Sirian Revolt “ Jeruselem Center Public Affaires)

أفادت وسائط الإعلام الإسرائيليَّة- في عام 2004 عن إجتماعات لمسؤولين إسرائيليين مع الزعماء السياسيين الأكراد، عندما أكد مسعود البرزاني وجلال الطالباني ورئيس الوزراء السابق الإسرائيلي أربيل شارون علناً، العلاقات الطبية مع إقليم كردستان”.
( Iraq, Israeli NGO Deliver” Emergency Ald to kurds Middele East News- Aruts Sheva…)
وفي خطاب السياسة العامة لعام 2014، أيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنشاء دولة كردية مستقلة، وإدعى بما يلي: “هذا الشعب الكردي شعب مكافح، وقد أثبت إلتزامه السياسي وإعتداله، كما إنه جدير بالإستقلال ” السياسي”.
Natanyahu. Express support for Kurdish independence) لوس أنجلس تايمز- 29- يونيو 2014)

“خلال تحرير الجيش العراقي الأراضي التي سيطرت عليها البشمركة… ضغط رئيس ” الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع القوى العالمية لمنع المزيد من الإنتكاسات لأكراد العراق”.
Natanyahu Lobbies world powers to stem Uraq Kurd Set Backs” Reuters- 2017 ( المرجع السابق أعلاه- علاقات إسرائيل وكردستان العراق)

” في مؤتمر نظمه معهد دراسات الأمن القومي، صرح رئيس الوزراء الصهيوني بأنه يؤيد إقامة دولة مستقلة كردية في العراق معللاً ذلك بأنهم جديرون بها”.
بينما وزير دفاعه ليبرمان، قال لجون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأميريكية، في لقاء جمعهما في باريس: “إن العالم يشهد تفكك العراق. وإن تشكيل دولة كردية مستقلة، باتت حقيقة واقعة، وهي تستحق الدعم”، وتابع ليبرمان قائلاً: “الدعم الصهيوني قديم جديد للأكراد”.
كما أكد الجنرال في الإحتياط ميخائيل هرتزوغ، وهو الباحث في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط” أن:” الكيان الصهيوني يرى اليوم الخيار بين المعسكر الشيعي المتطرف والمعسكر السني المتطرف، كالخيار بين الطاعون والكوليرا”. وأضاف (هرتزوغ). ” إن تقسيم العراق وسورية إلى دويلات متنازعة يخدم مصلحة الكيان الصهيوني التي يندرج دعمها للدولة الكردية المستقلة علانية”.
موقع ( الجزيرة- وديع عوادة- العراقة الكردية- الإسرائيلية- من السر (إلى العلن). وردت ( العلاقات الكردية- الصهيونية: أي أفق( محمد أبو سعدة- المعهد المصري للدراسات eipss.eg.org

8- ” ربما تعتبر النائبة في الكنيست الصهيوني كاسيناسيفا تولوفا قادرة على تشخيص الموقف الصهيوني من الدولة الكردية، فهي عضو في حزب “المعسكر الصهيوني” ورئيسة رابطة تقوية العلاقات الصهيونية الكردية والتي تؤكد أن: “الدولة الكردية ستقوم عاجلاً أم آجلاً”.

في الأسباب التي تدعو إسرائيل لتقديم هذا الدعم إلى الأكراد العراقيين:

أولاً: لأن قادة الكيان الصهيوني يؤمنون بنظرية ( ديفيد بن غوريون) القائلة: بضرورة قيام تحالفات مع الأقليات في المنطقة ودول “الطوق الثالث”. أي الدول التي ليس لها حدود مشتركة مع الكيان الصهيوني، ولكن تجمعها مصالح مشتركة معها. وإن الحقائق الجيو-سياسية التي أفرزها سقوط نظام الرئيس صدام حسين والغزو الأمريكي للعراق، جعلا من الحكم الذاتي في كردستان أمراً واقعاً، يعزز نظرية بن غوريون.

ثانياً: تفتيت الدول الإقليمية في المنطقة.
“يسعى الكيان الصهيوني إلى تطبيق نظريته الأمنية القائمة على مبدأ “خلق الأزمات” لخصومه. وإستناداً إلى ذلك، يعد الأكراد هم الأزمة التي يستطيع منها الكيان الصهيوني ضرب خصومه المنافسين له: وتطبيقاً لذلك فقد:
إستطاع الكيان الصهيوني إستخدام مصطفى البرزاني بدءًا من العام 1963 ضد الحكومة العراقية وجيشها.
وقف الكيان الصهيوني على مدى 12 عاماً إلى جانب الأكراد حتى حصلت إتفاقية “شط العرب” مع إيران عام 1975 (المرجع السابق)
كان لدى الكيان الصهيوني وفد من المستشارين، يتغير كل ثلاثة أشهر ويضم:
ممثلاً عن الموساد
ضابطًا من الفرق الخاصة.
مستشارًا تقنيًا
طاقمًا طبيًا

“وكانت مهمة الصهانية تتمثل في تدريب الأكراد على القتال العصري. وكان كل ذلك يتم بالتعاون والتنسيق مع شاه إيران.
بعد سقوط نظام الرئيس صدّام حسين عام 2003 واحتلال العراق، “عادت العلاقات مع الأكراد… ومن المؤشرات على ذلك وجود مستشارين عسكريين صهاينة، يقومون بتدريب البشمركةـ ويقدمون الدعم العسكري، والإستخباري”. (المرجع السابق)
ولقد ورد في موقع النهار أن: “الكيان الصهيوني يقوم بخلق الأزمات لكل من أعدائه المنافسين في المنطقة الإقليمية. (إيران- تركيا)، وذلك من خلال المساهمة في قيام دولة كردية تهدد وحدة الأراضي الإيرانية والتركية والسورية. (رندة حيدر، “أسباب الدعم الإسرائيلي لإستقلال إقليم كردستان”، موقع النهار – 4- 10- 2017.(
ثالثاً: سعي الكيان الصهيوني إلى إيجاد دويلات وأقاليم طائفية أو إثنية:
إن ايجاد مثل هذه الدويلات “يدخل في صلب العقيدة الاستراتجية المجندة لنشوء كيانات سياسية إثنية للأقليات، يمكن ان تتلاقى مصالحها مع المصالح “الصهيونية في المنطقة، لذا فالكيان الصهيوني يحرص بشدة على قيام دولة كردية على الأراضي السورية والتركية والإيرانية. كما كان مساهمُا في قيام دولة جنوب السودان على الأراضي السودانية، إلى جانب العبث الصهيوني المستمر في العديد من البلدان العربية من اجل دعم بعض الأقليات لتقسيم هذه البلدان.
(راجع: “العلاقات الكردية- الصهيونية: أي أفق”- محمد أبو سعدة- المعهد المصري للدراسات: eipss.eg.org)

العلاقات العسكرية:
تم تهريب الطيار الآشوري الذي إنشق عن الجيش العراقي عبر تحليقه بمقاتلة من طراز ميغ 21 من العراق إلى فلسطين المحتلة بمساهمة من الأكراد.
(موقع وادي باك مشين، “علاقات إسرائيل وكردستان العراق”، 10-2-2019)
عام 2004- ذكرت مجلة (نيويوركر) أنَّ: “عناصر الجيش والمخابرات الإسرائيليين” المزعومين ينشطون في المناطق الكردية في إيران وسورية والعراق. ويقومون بتدريب وحدات الكومندوس وبعمليات سريَّة.”
(Israel accured of couvent Kurdish/ Sydney morning hearld 22 operations 3 – jun- 2014)
“وفقاً لتقرير هيئة الإذاعة البريطانيَّة لعام 2006، كان هناك دليل على أن الخبراء الإسرائيليين قد أرسلوا إلى كردستان العراق لتوفير التدريب للبشركمة” .
Israel train Kurdish forces BBC News: 13-5-2019
على وقع حرب الخليج الثانية وهزيمة العراق في الكويت، شكل ذلك فرصة ثمينة للنشاط الإستخباري الإسرائيلي”… حيث إستغل عملاء الموساد الفراغ الأمني والعسكري والسياسي، وصالوا وجالوا في المنطقة، ونقلوا الأسلحة والمعدات القتالية إلى البشمركة – البرازنية عبر القواعد الأميريكية في تركيا” (المرجع السابق(
إتصالات” بدرخان”:
” كما تعد إتصالات ” بدرخان” دليلاً واضحاً عن التعاون بين ” الميليشيات المسلحة الكردية والموساد الصهيوني”.
( صلاح عبد اللطيف- أيمن الهاشمي: شبكة المصور، تغطية الحقائق وكتاب يهودي- 4.10.2017) ورد في موقع (المعهد المصري للدراسات: eipss.eg-org محمد أبوسعدة تحت عنوان: العلاقات الكردية –الصهيونية: أي أفق)

رابعًا: جريمة السطو على الآثار من قبل “إسرائيل”
جاء الإحتلال الإميركي إلى العراق بمخططات صهيونية صاغها ونفذها نائبا وزير الدفاع الأميركي:
ريتشارد بيرل (Richard Norman Perle)
بول ولفووتز (Paul Wolfwitz)
وهما يهوديان صهيونيان، ليساعدا الموساد على المزيد من التحرك في الشمال العراقي، والعراق عمومًا، وهو ما كان كافيًا لسرقة الآلاف من المخطوطات والآثار اليهودية من المتحف الوطني العراقي يوم سقوط بغداد ونقلها إلى “إسرائيل”.
(موقع: almayadeen.net بعنوان “البرزاني والموساد: ما خفي أخطر”)
لم يُهمل عملاء المخابرات الإسرائيلية القيام بحفريات أثرية سرية من مدينة “بابل الأثرية”، بحثًا عن تاريخ اليهود الذين قام ملك بابل نبوخذ نصر بأسرهم مرتين:
الأولى: عام 579 ق.م
الثانية: عام 586 ق.م
كما قاموا بحفريات مماثلة في منطقة (أور) مسقط رأس النبي إبراهيم، وهو ما قد دفع بالحاكم العسكري (غارنر) إلى عقد أول لقاء مع القيادات المعارضة العراقية هناك، وليس في بغداد. (المرجع السابق)

والحقيقة، فإنه بالنسبة لخطورة هذا الموضوع (سرقة الآثار) على منظومة ثقافتنا وتاريخنا الحضاري والقومي والإنساني، فإنه لابد من الوقوف بشكل محدد ومقتضب عند محطات السطو التي تمت على يد يهود العراق. ولسوف نعتمد في مقاربتنا لهذا الموضوع على مراجع علمية موثوقة ومتخصصة.

من وجهة التسلسل التاريخي لعملية النهب، لقد ورد في موقع مركز الكاشف للمتابعة والدراسات الإستراتيجية (alkhashif.org)، أنّ “القصة بدأت عندما قامت قوات كومندوس أميركية في العام 1991 بإنزال في موقع (تل اللحم) في محافظة ذي قار، وهو أقرب مكان للسيطرة على طريقين للخط السريع” طريق بصرة- ناصرية في الجنوب وجنوبي شرقي البلاد، وقامت هذه القوة التي يعتقد أنه كان بصحبتها متخصصون بالآثار والحفر والتنقيب السريع في الموقع، وعثروا على كميات من الآثار يصعب معرفة عددها، فأخذوها معهم ودمروا جزءًا كبيرًا من المتبقي. ولم يكشف لحد الآن دوافع وأسباب هذه العملية ونوعية القطع الأثرية التي تم سرقتها”.
وقبل عام على احتلال العراق من قبل قوات التحالف وبتاريخ 10.04.2002، كان قد “وصلت لعالم الآثار العراقي، ومدير المتحف العراقي في بغداد الدكتور دوني جورج، معلومات مؤكدة من بريطانيا، تفيد بأن مجموعة من المتخصصين بالآثار في جامعة كمبردج، يضعون خطة للإستيلاء على آثار عراقية معينة، عندما تقوم الولايات المتحدة الأميركية بغزها المتوقع للعراق!
وكان هذا الأمر يُنسق مع معلومات سابقة لدى الجهات الأمنية العراقية على خلفية مطالبات غربية مرتبطة بالحركة الصهيونية بالحصول على الأرشيف اليهودي العراقي الذي يحتوي على قرابة 3000 وثيقة و1700 تحفة نادرة، توثق للعهود التي سُبي خلالها اليهود في العراق؛ وهما السبي البابلي الأول، والسبي البابلي الثاني، إضافة إلى آثار يهود العراق آنذاك، إلى مُدَد أبعد من العهد البابلي، مع أقدم نسخة لـ “التلمود” عرفها العالم، وأقدم نسخة للتوراة والمخطوطات…
عملية سرقة المتحف العراقي:
لقد أورد الموقع المشار إليه تفاصيل عملية السطو، وإننا سنسرد هذه التفاصيل حرفيًا لأهمية الموضوع:
“وبعد يوم من إحتلال بغداد، وبالذات في يوم 10.04.2003، قامت مجموعة من 400 شخص مسلحين بمختلف أنواع الأسلحة، وتحت أنظار وحماية دبابة أميركية، كانت تبعد 70 مترًا عن مدخل المتحف، بإقتحام المتحف العراقي من ثلاثة أماكن، مستهدفةً مخازن التحف الأثرية التي تحوي آثارًا وتحفًا معينة، بالإضافة إلى سرقة السجلات والوثائق الخاصة بالآثار السومرية والبابلية التي كانت موجودة في المتحف العراقي”.
وبحسب محاضرة ألقاها د.جورج دوني في المتحف الوطني بدمشق عام 2006، ذكر فيها أن التحقيقات التي أجراها وزملاؤه المختصون بعمل الآثار في 13.04.2003، أي بعد يومين من السرقة، أثبتت السرقة أنها كانت عملية منظمة وليست عشوائية، أو نتيجة أعمال شغب، وإن من قام بها هي مافيا كبيرة، وإن هناك تحضير وترتيب مسبقين خصوصًا، أن هناك قطعًا أثرية عديدة وصلت بعد أقل من أسبوعين من السرقة إلى أميركا وأوروبا، وهي فترة قياسية تدل على أن من قام بها هي مافيا منظمة وكبيرة جدًا”.

سرقة الأرشيف اليهودي وكنز النمرود:
كان كنز “النمرود” قد اكتشف في العراق عام 1992، وعندما تم احتلال العراق من قبل الجيش الأميركي، قامت القوات الأميركية باحتلال مبنى المخابرات العراقية، المكان المستودع فيه كنز “النمرود” في منطقة الحارثية.
“حيث تم الإستيلاء على الأرشيف اليهودي العراقي الذي كان موجودًا في المبنى بإشراف ممثل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الدكتور إسماعيل حجارة، وهو أميركي الجنسية أرسل من أميركا للإشراف على نقل الأرشيف اليهودي خلسة إلى نيويورك.
(أنظر أسامة ناصر النقشبندي “إستهداف المخطوطات في العراق خلال الحرب 1991- 2003″، مجلة تراثيات، تصدر عن مركز تحقيق التراث في دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة)

ثم قامت القوات الأميركية المحتلة وبدلالة أحد المتعاونين معها، بالتوجه إلى موقع تخزين كنز نمرود الخرافي، في أحد أقبية البنك المركزي العراقي، والإستيلاء على 650 قطعة ذهبية أثرية مختلفة الأحجام لا تقدر بثمن، تظهر نمط الترف الذي كان موجودًا في دولة نمرود.
قامت القوات الأميركية بعرض هذه النفائس الأثرية أمام الجمهور في المتحف العراقي أواخر العام 2003 بحضور الحاكم المدني (بول بريمر Paul Bremer) الذي اعتبر الأمر فتحًا أميركيًا كبيرًا، قبل أن تبدأ موجودات الكنز الذهبي بالتناقص شيئًا فشيئًا حتى اختفت تمامًا في ظل أجواء الرعب والفوضى التي سادت العراق إبان سنوات العنف الدامية.
ثم توجه فريق من المتخصصين بالآثار السومرية والآشورية بالتوجه إلى الموقع الذي اكتشف فيه كنز النمرود عام 1991، وتحت حراسة مدرعات أميركية وقامت بعمليات بحث وتنقيب جديدة..”
لقد بذل خبير الآثار العراقي د. دروني جورج، الذي كان شاهد عيان لما حدث من استباحة لآلاف القطع النادرة والمخطوطات الرقمية والتماثيل جهودًا كبيرة في سبيل تسليط الأضواء على جريمة سرقة الآثار العراقية، وخصوصًا الأرشيف اليهودي العراقي. والآثار التي نهبت من المتحف الوطني في بغداد، وكانت أغلبيتها تعود إلى الفترة الممتدة إلى 6000 سنة من آثار الإمبراطوريات القديمة: الآشورية والبابلية والآكادية.

في نهاية عرض الوقائع الأساسية المتعلقة بدور الموساد في العراق بشكل عام، وفي كردستان- العراق بشكل خاص، كان لابد الإشارة إلى أن هذا الجهد المكثف الذي بدأته “إسرائيل” في شمال العراق منذ ثلاثنيات القرن الماضي وحتى اليوم، إنما يأتي في سياق المشروع الإستراتيجي- الصهيوني، القاضي بتدمير شعبنا على مدى الهلال الخصيب ومن ثم القضاء عليه حتى فيزيائيًا، لإحلال شذاذ الآفاق يهود هذ الزمان مكانه.

يمكننا أن نقف على حقيقة الخطة اليهودية التي جرى تطبيقها منذ بدايات القرن العشرين والقاضية كما أشرنا أعلاه بإزالة الوجود القومي لشعبنا على أرضه القومية، وذلك بـ:
أولاً: تحفيز الوعي المذهبي والديني والإثني والقبلي لدى أبناء شعبنا عبر صناعة “زعماء” يوكل إليهم تعزيز هذا “الوعي”.
ثانيًا: تشجيع وتمويل كافة التنظيمات والأحزاب ذات الأفكار الإنفصالية والقائمة على اعتبار الطائفة أو المذهب أو الإثنية.. هي القضية العامة برمتها، وذلك على حساب القضية القومية.
ثالثًا: الحفز على خلق شروط وأسباب الصدام بين المجموعات سواء الطائفية منها أم الإثنية أم السياسية تحت شتى العناوين، والقيام بتمويلها وتسليحها وحمايتها.
رابعًا: التسلل إلى داخل الجسم القومي، عبر مسارب الطائفية والمذهبية والإثنية، والإمساك بمكامن القرار، مقنعًا بابراز وجوه محلية سياسية أو دينية أو ثقافية…
خامسًا: التسلل إلى الأحزاب والحركات الثورية والإصلاحية وإفسادها من الداخل والتصرف باسمها بما يعود عليها بالكوارث، (تجربة منظمة التحرير الفلسطينية)
سادسًا: بعد اختمار عملية الإنتماء المذهبي والطائفي والإثني، يأتي دور العمل لإنشاء “دول” لهذه المكونات، تدغدغ أحلام ونزوات سلطوية عند المتزعمين عليها، مما يسهل إقامتها وإن تلعب دورها المطلوب في التقاتل والتذابح اللذين لا ينتهيان، إضافة إلى المهمة الأساسية والمتمثلة بحماية الكيان الصهيوني.

نحن الآن في مرحلة إقامة الكيانات “الدول”، المرحلة التي تنهي آخر مشهد من مشاهد السيادة القومية، وتؤسس لمرحلة السيادة اليهودية. “فإسرائيل” الأم، لا يمكن لها أن تستمر إذا لم يقم على انقاض وجودنا القومي والإجتماعي “إسرائيلات”، تكون بمثابة عبدات في البلاط اليهودي.

إن ما أقدمت عليه اليهودية العالمية منذ بدايات الثلاثينات من القرن الماضي في كردستان- العراق، كان بمثابة لقاح غير شرعي (زنا تاريخي) قام بين دولة الإغتصاب الصهيوني وقيادات كردية على رأسها المللا مصطفى البرزاني، كما هو مثبت في الوثائق والمراجع التي عرضناها، أدى إلى فرض قيام كيان كردي شبه مستقل شمالي العراق، وهو في حقيقة الأمر “إسرائيل الثانية” التي شكل الكيان الكردي في شمال العراق نواتها، والتي تدأب اليهودية العالمية والإمبريالية الغربية على استكمال جسم هذا الكيان وذلك بضم أكراد شرقي الفرات إليه، مقدمة لضم أكراد تركيا وايران إلى ذات الجسم.
إن شرق الفرات هو اليوم من الوجهة الواقعية والعملية إمتداد لإقليم كردستان العراق، وبالتالي فإن “إسرائيل الثانية”، إذا ما قُدر لها أن تتمكن، فلسوف تستولد “إسرائيلات” عديدة على مدى ترابنا القومي، والتراب العربي عمومًا.
لقد ذكرت جريدة نيويورك تايمز أن الشرق الأوسط واقع الآن تحت عبء تطبيق خطة معدة له من قبل ذات الجهات التي رعت إنشاء “إسرائيل الأم” وتقضي حسب ما أوردته الصحيفة بـ:
أولاً: تقسيم الشام (الجمهورية العربية السورية) إلى ثلاث دول:
دولة “علويستان” في الساحل السوري وتضم الجيب الدرزي في الجنوب.
دولة كردستان السورية التي يمكن أن تتحد مع أكراد العراق.
دولة “سنيتان” في الوسط والتي يمكن أن تتحد مع أقاليم سنية في العراق.
ثانيًا: تقسيم المملكة العربية السعودية إلى:
دولة في الشمال
دول في الغرب تضم المدينة المنورة ومكة
دولة في الوسط تُسمى “وهابستان” وعاصمتها الرياض
دولة في الشرق للشيعة وعاصمتها الدمام

ثالثًا: تقسيم اليمن إلى:
شمالي وعاصمته صنعاء
جنوبي وعاصمته عدن

رابعًا: تقسيم ليبيا إلى:
دولة في الغرب الليبي تدعى تريبوليتيان
دولة في الشرق الليبي تندعى سيربينايكا
دولة في الجنوب وتدعى فزان

أوليس قيام دولة جنوب السودان المستقلة يشكل قيام إسرائيل “الثالثة”، إن ما أوردته جريدة نيويورك تايمز، يثبت بما لا يقبل الشك أن الأفعى الصهيونية تتجه لسحق الدول والمجتمعات الموحدة الواحدة، لمصلحة عشائر وقبائل واثنيات وطوائف ليست أكثر من عبيد في البلاط اليهودي.
لقد قدمت القومية الاجتماعية، عقيدة وحدة المجتمع على أساس الإنتماء الإجتماعي القائم على وحدة الجماعة القومية المتفاعلة مع الأرض القومية الواحدة، بعيدًا عن الإنتماءات العرقية الإثنية والدينية والعشائرية، الأمر الذي كان قادرًا على أن يمنع عن شعبنا كله، بكل تنوعاته، هذه الكأس، وهذه العبودية لأميركا والصهيونية.
إننا نعيش اليوم حالة صراع بين مشروعين:
الأول: مشروع أصحاب الحق الشرعيين- التاريخيين والقاضي بإزالة الغدة السرطانية “إسرائيل” وخلاياها المنتشرة على مساحة الجسم القومي والعربي، خلاياها التي شرعت بالبروز وتلك التي لما تزال جنينية التكوين.
الثاني: مشروع دولة العدوان والقاضي باستيلاد أشباه لهذه الدولة، أيضًا على مدى ترابنا القومي والعربي أيضًا.

إن ما أشارت إليه صحيفة (نيويورك تايمز) وخاصة ما تعلق منه بتقسيم الجمهورية العربية السورية، سيكون حبل المشنقة اليهودية الذي سيلتف على عنق هذه الأمة السورية قد أعد واكتمل، وإن مشهدًا جديدًا مرعبًا تعده اليهودية العالمية للهلال الخصيب السوري، قد أصبح قبيل ولادته واخراجه إلى النور، المشهد المنطوي على رقع جغرافية مقتطعة من جسد الهلال الخصيب يسمونها “دولاً” وهي كناية عن مشاريع اقتتال أبدي بين بعضها البعض، اقتتال تفتعله الصهيونية وتغذيه الصهيونية وتديره الصهيونية، حتى تقضي هذه “الدول” قضاء مبرمًا على مادتها البشرية، وبالتالي تكون جغرافية الهلال الخصيب بالكامل لليهود!
لن يبقى لبنان موحدًا، ولا الشام ولا العراق، وسيكون الأردن مستودعًا “مؤقتًا” لفلسطيني الداخل، حتى يقضي يهوه أمره.
“دول” باسم طوائفها، وطوائف تتذابح على مذابح “دولها”، وليس أمامنا كشعب يريد أن يبقى وينتصر، إلا إشعال نارنا المقدسة. فلتشتغل نارنا المقدسة اليوم قبل الغد، فما همّ أن تكون لمئة عام، إذ ليس المهم كم تبقى.. بقدر ما هو المهم أن نبقى…
لنتذكر ما قاله المللاّ مصطفى البرزاني “لوزير الدفاع الإسرائيلي” (موشى دايان) عندما التقاه في تل أبيب عام 1968 وهو يقدم له خنجرًا كرديًا هدية له قائلاً: “إنه لطعن العدو المشترك من الخلف”!
لذا، يجب الحذر، فإن أكثر من خنجر معد لطعننا من الخلف والصدر أيضًا!