تحت عنوان عريض أحيا حزب القوات اللبنانية ذكرى شهداء المقاومة “لتبقى لنا الحرية”، ولكن ليس للعبد الذليل حرية، فقد كانت لهم حرية في الانسياق للهاوية والانفلاش والانصياع لأوامر العدو الوجودي، والشيطانات الغربيّة بما يتوافق مع مصالحهم في قتل اللبنانين الذين اليوم يحتفلون وبكل فخر بذكرى مقاومتهم لهم وارتكاب أبشع المجازر بحقهم.
ولأنّ الله لا يترك نفسه بدون شاهد، ومن فمك أدينك، فقد قال صاحب النيافة المطران عنداري خلال العظة: “إنّ في تغريدات بعض من يفترض بهم أن يكونوا مسؤولين ما لا يبشر بالخير ومطالبات بعيدة عن الأصالة اللبنانية”، وكأنّه يشير وعن غير قصد إلى أمر عمليات من مشغلي جعجع لحرب داخلية سيدفع ثمنها من دم اللبنانين، في محاولة لاستنزاف قوى المقاومة خدمة للعدو الذي لا يستطيع تحمّل هزيمة جديدة في حال شنّ عدوانًا على لبنان.
إنّ الجدير بالذكر أنّ القوات اللبنانية يدربون عناصرهم خارج لبنان ضمن مراحل الاستعداد للحرب الأهلية، وما هجوم سمير جعجع على محور المقاومة والممانعة إلّا خطوة نحو هذا السياق وخطابه أولى شرارات إشعال الفتيل، حيث قال في معرض خطابه : “يدعونك للحوار ليخنقوك ويقتلوك ويجبروك أن تفعل ما يريدون”.
إنّ قوى المقاومة والممانعة معروف ماذا تريد وما هي اهدافها، ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هو: أنت ماذا تريد؟ وما هو لبنان الذي تريده؟ وما الشكل الذي تسعى جاهدًا أنت وحزبك لأن يصل اليه؟
وأين كان هذا الكلام حين أعطيت صوتك لمرشح حزب الله العماد عون في 2016، وعقدت تفاهم معراب، وحين كنتما جنبًا الى جنب في كل الحكومات في أعوام 2005، 2008، 2016 و2019، بالإضافة إلى تشارك نواب كلا الطرفين اللجان النيابية.
وقد أضاف جعجع: “أصدقاء لبنان في الخارج الذين يحاولون مساعدته…”
من هم اصدقاء لبنان، لماذا لم تسمِّهم كما سمّيت دول الممانعة سوريا وايران؟
ولكن للأسف قد مضى به الزمان وما تخلى عن صهيونيته، بعدما دفن وطنيته، مع مجزرة إهدن وغيرها إبان الحرب الأهلية، وقاد الكثير من العمليات العسكرية ضد الفصائل الفلسطينية واستولى على المرافئ، خدمة للعدو الصهيوني حليفه وصديقه.
ومن الوقاحة أن يتكلم شخص مثل جعجع معروف التاريخ عن نهج الممانعة والمقاومة، ويكيل التهم يمنة ويسرة ويُلبِس ثوب الاغتيالات وهو في ذمته أربعة اغتيالات لسياسيين منهم رئيس الحكومة السابق رشيد كرامي .
ويستشهد بدولة المؤسسات والقانون، وهو من خاض حربًا شرسة ضد الجيش اللبناني “حرب الإلغاء”،
وما يذكر من ماضيه القريب دعمه لاقتراح نشر قوة متعددة الجنسيات خلال اجتماعه مع السفير الامريكي أثناء حرب لبنان 2006، مع تمنيه لاستغلال القدرات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، وللحقيقة نرى في هذا المشهد “وطنية غير شكل على الموضة”.
إنّ دوافع جعجع وحزبه لإشهار الحرب على اللبناني بذريعة حزب الله وقوى المقاومة، وإعادة سيناريو الحرب الأهلية، خدمة مجانيّة لإسرائيل، مدفوعة الأجر للعمالة، لن تفضي إلى نتائجها المرجوة مطلقًا لأنّ اللعبة مكشوفة.
وبعد ما عاناه اللبناني من الحرب الأهلية ومآسيها، وبعد فرحة الانتصار والعز في حرب تموز، وما يعانيه اليوم من حرب اقتصادية أرهقت كاهله، لن يسمح أي مواطن شريف واعٍ بالعودة بالزمن الى الخلف، وسيكون عصيًّا على كل من تسوّل له نفسه إثارة النعرات الطائفيّة، ومنع لبنان من تحقيق ذاته.