بدأت “بلدية تل أبيب”، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم “الإسرائيلية”، باتباع سياسة تفرقة تربوية، بحق أولاد طالبي اللجوء الأفارقة والعمال الأجانب في المدينة، وذلك من خلال اخضاعهم لمنهاج تعليمي خاص بهم، يهدف إلى تأهيلهم لإكمال حياتهم خارج حدود الكيان الغاصب، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على مرض التطرّف القومي النفسي المتفشي في “إسرائيل”، وعدم استعداد هذا الكيان لاحتواء عدد قليل من الأجانب، كباقي الدول، تأتي هذه السياسة لتخالف كل المواثيق الدولية، وخاصة ميثاق حقوق الطفل، الذي يُلزِم كل الدول بالاهتمام بالأولاد، من الناحية التربوية والتعليمية ومن باقي نواحي حياتهم.
وقد بدأت منذ عدة سنوات حملة منظمة ضد اللاجئين الأفارقة، تقف خلفها الحكومة “الإسرائيلية”، حيث كان رئيس هذه الحكومة بنيامين نتنياهو، يستغل هذا الموضوع، ليوهم الرأي العام “الإسرائيلي” أن “الدولة ستصبح نظيفة من الأمراض، وخالية من الجرائم، وستزول الضائقة الاقتصادية والاجتماعية، عندما يتم طرد هؤلاء اللاجئين، وقد كشفت هذه الحملة عن النزعات العنصرية المتفشية في أوساط “المجتمع الإسرائيلي” بجميع أطيافه، كما كشفت عن اهتمام المسؤولين بالحفاظ على الطابع اليهودي “للدولة”، وأدى التحريض العنصري وجرائم الكراهية ضد هؤلاء، والتي يقوم بها سياسيون من اليمين والوسط، ومن جبهات متعددة من ما يُسمى الرأي العام اليهودي، إلى التعامل معهم على أنهم حيوانات، فقط لأنهم ليسوا يهود، وفيما الدول الغربية تقوم بطرد اللاجئين الذين يبحثون عن عمل، بموجب إجراءات قانونية دقيقة، وتقدم لهم مساعدة مالية، فإن “إسرائيل” تقوم بطرد المتسللين الأفارقة من دون أن تفحص طلبات لجوئهم، بما يتناقض مع نصوص معاهدة اللاجئين الدولية الموقعة عليها، وهي “الدولة” الوحيدة في العالم التي لا تمنح أي مكانة للاجئين، ولا تحدد أي سقف يتعلق بعدد اللاجئين الذين يمكنهم العيش فيها، ولا تتعاون مع أي جهة دولية من أجل حل مشكلة هؤلاء اللاجئين، لا بل وعند الحديث عنهم، تعتبرهم خطراً عليها، وتنزع عنهم الصفة الانسانية، ويتم وصفهم بأنهم “غزاة” و”أعداء” و”سرطان” و”قنبلة موقوتة” و”تهديد وجودي”، علماً أنهم في معظمهم من الذين هربوا بسبب الإبادات الجماعية في بلادهم، أو من مخاطر أخرى تهدد حياتهم.
ومن الملفت تزايد مظاهر التحريض العنصريّة وجرائم الكراهية والتمييز ضدّ طالبي اللجوء الأفارقة، وبروز ادعاءات حولهم، تبرر سلوكيات التمييز العنصري، التي يقوم بها “الإسرائيليون” تجاههم، والعمل بجهد لترحيلهم، والادّعاء ضدّهم، يرتكز على أنّهم يشكلون تهديداً ديمغرافياً لوجود “دولة إسرائيل” كدولة يهودية، علماً أن مكانتهم في “إسرائيل” لا تكفل لهم حق المواطنة أو التجنيس، ولا أي حق من باقي الحقوق، بل تكفل إمكانية ترحيلهم بشكل دائم.
ويستخدم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هذا الادّعاء لدى تناوله مسألة اللاجئين،ويعتبر أن مسألة اللجوء ظاهرة خطرة تهدد “الأمن القومي والهوية القومية”، كما أنها وبحسب رأيه تعويم وإلغاء لهوية “الدولة”، وتزايد أعدادهم قد يؤدّي إلى إلغاء “دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطيّة”، ويزعم أن هؤلاء اللاجئين قد يكون لديهم تعاون وتنسيق مع عناصر “إرهابية”، وبالتالي فهم سيشكلون خطراً أمنياً.
من المعلوم أن المناطق الحدودية في كل دول العالم، هي مناطق أساسية لتهريب الأشخاص والبضائع الممنوعة أو الأقل سعراً، وتستفيد منها جماعات وأفراد ومنظمات ودول، وظاهرة التسلل عبر الحدود إلى “إسرائيل” عبر الحدود مع مصر، تحولت من تسلل الروسيات والصينيين، إلى الأفارقة الذين يهربون من جحيم بلدانهم، والموت في الحروب القبلية، وغالبية هؤلاء الأفارقة من دارفور السودانية، ومن الأثيوبيين والأريتيريين، ويموت عدد كبير منهم في الصحراء قبل تخطيهم الحدود، جوعاً وعطشاً، أو لعدم قيامهم بسداد القيمة المالية المتفق عليها مع عصابات التهريب، وقد شهدت سيناء تطوراً سريعاً في تهريب الأفارقة إلى “إسرائيل”، وتم العثور على العديد من جثث أفارقة في أماكن صحراوية متفرقة.