إن المشكلة الإقتصادية, عند سعاده هي, في أصلها, مشكلة إنتاجية. لذلك نجد أنه وضع مبدأً إقتصاديًا في صلب المبادء الإصلاحية وهو المبدأ الرابع, يقول “بتنظيم الإقتصاد القومي على أساس الإنتاج” وفي مكان آخر يعتبر الانتاج “الأساس الهام للاقتصاد القومي” لأنه بدون الانتاج “لا يمكننا مطلقًا التفكير برفاهية الشعب”.
وقد اعتبر سعاده أن الاقتصاد من أسس الدولة الحديثة لرسوخ الاستقلال القومي وتقدم الحياة المجتمعية فقد اعتبر سعاده. الانتاج “مقصدًا رئيسيًا من مقاصدًا التفكير في الدولة القومية”.
امتياز سعاده عن غيره من المفكرين الاقتصاديين أنه وضع نظرية اقتصادية للمجتمع المركب في القطر أي أنه صب جل اهتمامه على المجتمع المؤلف من عمال صناعيين وفلاحين ومثقفين واختصاصيين في حين غرق غيره بالتحليل حتى غاب بصره عن الواقع الاجتماعي المركب. من هذا المنطلق يشدد سعاده على أن الاقتصاد هو اقتصاد قومي اجتماعي.
أن معنى الانتاج عند سعاده ليس سكونيًا بل أنه أراد انتاجًا ناميًا مطردًا ليلبي حاجات الأمة ودولة الأمة. ولذلك قال أن توزيع الفقر بالتساوي ليس عدلًا ولا إشتراكية حقيقية وأن “الحركة القومية الاجتماعية هي حركة توزيع غنى لا توزيع فقر”.
إن تحقيق النظام الاقتصادي القومي الاجتماعي ليس بالأمر السهل بل أنه يتطلب عدة شروطٍ أهمها:
- الإنسان الجديد الذي خلقه الحزب السوري القومي الاجتماعي بفضل العقيدة والنظام القوميين, حتى أصبحنا نرى مجتمعًا واعيًا لمصلحة العموم متحققًا في صفوف الحزب البديعة النظام. وهذا المجتمع المكون من الجماعة الواعية في الأمة له مهمةُ ضرورية لحماية النهضة الاقتصادية للأمة في مواجهة المؤامرات اليهودية والرجعية.
- دولة الأمة المنيعة التي تضع في صلب دستورها تشريعات وقوانين قومية اجتماعية تفيد أن الأمة منتجون وأن الانتاج للمنتجين.
يجدربنا ذكر أن فكرة الكفاءة هي أهم مفاهيم الانتاج عند سعاده. بل أن اقتصاد سعاده هو, اقتصاد الانتاج ذي الكفاءة المرتفعة.
والواقع أن فكرة الكفاءة هي فكرة علمية عامة, واصل معنى هذه الفكرة هو أنها عبارة عن نسبة الناتج والمصروف فتكون معادلتها المبسطة كما يلي: ك = ن/م.
حيث أن “ك” ترمز للكفاءة, و “ن” ترمز للناتج, و”م” ترمز للمصروف, أي انه كلما تضاءل المردور دل ذلك على أن الوسيلة المستخدمة ليست ناجحة اقتصاديًا.
الواقع أن الخلفية الثقافية لكل أمة لا تقاس إلا بنسبة الكفاءة الانتاجية. فثقافة المجتمع الزراعي العمرانية أدنى من ثقافة المجتمع الصناعي. لأن النسبة بين حصول أسباب العيش والعمل المبذول في المجتمع الأول أقل منها في المجتمع الثاني.
يعتبر سعاده أن الاقتصاد شأن قومي اجتماعي وليس شأنًا فرديًا أو عائليًا أو طبقيًا. لذلك فإن تطبيق النظام الاقتصادي القومي الاجتماعي شرطه الأول وجود مجتمع قومي اجتماعي يعي العقيدة القومية الاجتماعية ويؤمن بخيرها للأمة.
فوعي الشعب أن “سورية للسوريين والسوريون أمة تامة” مثلًا, بمعنى أن الأرض السورية ملك عام، “الأمة مجتمع واحد” وأن “القضية السورية قضية قومية مستقلة” هذا الوعي ضروري جدًا للعاملين في الانتاج لأنه يولد فيهم روحًا واحدة, فيعملون كعقلٍ واحد لرجل واحد فيخفف من التناقضات بين الإرادة وبالتالي يلافي تبديد القدرات وهدرها. إن وحدة العقيدة في نظر سعاده هي شرط النصر في كل ميدان. والجبهة المفككة روحيًا هي دائمًا جبهة خاسرة. لذلك فإن الشعب المؤمن بالقومية الاجتماعية يتحول كله إلى شعب موحد الروحية والجهد والنضال والاتجاه والغاية التي هي الخير العام. إن الوعي القومي الاجتماعي هو أداة النضال الاقتصادي والسياسي والحربي, وبدونه تعمل الأمة كما هو الحال الآن في اتجاهات متضاربة تضيع قوتها وتبدد حيويتها وتوقف تقدمها.