العروبة الواقعية

العروبة الواقعية

“إذا كان في العالم العربي عروبة حقيقية صميمة، فهي عروبة الحزب القومي الاجتماعي. الجامعة العربية اليوم هي محاولة تحقيق ما نادى به الحزب القومي الاجتماعي (أي القول بالجبهة العربية)، فكنا نحن أصحاب العروبة الواقعية الحقيقيين وكان غيرنا أصحاب العروبة الباطلة، وبعد، فنحن جبهة العالم العربي ونحن صدره ونحن سيفه ونحن ترسه!”

هناك مسألة منهجية يهملها, عادة, المنظرون في العروبة المطلقة, والسياسون العاملون تحت شعارها, ألا وهي: أن قضية توحيد الأفراد تختلف عن قضية توحيد الشعوب والدول. فتوحيد الأفراد يحتاج إلى حياة اجتماعية مادية مشتركة ترافقها حياة فكرية – شعورية مشتركة هي القومية أو الرابطة القومية, ينتج عنها الجماعة, في حين أن توحيد المجتمعات (الكليات) أو الدول يتطلب رابطة من نوع آخر هي ابطة المصالح المشتركة, كمصلحة الأمن والدفاع ضد الأخطار الخارجية, هي الجبهة العربية. ” بهذا الاتجاه تصير الأمة السورية قوة فاعلة في العروبة الواقعية التي أعلنتها ـ عروبة التعاون بين أمم العالم العربي”

إن العروبة القومية الاجتماعية تستند إلى تمييز أساسي بين مستويين من الوجود هما: مستوى الأفراد (الجماعة) ومستوى المجتمعات (المؤسسة التعاونية). ولما كان جوهر فكرة العروبة هو فكرة الوحدة كان لزامًا علينا أن لا نجعل كلامنا عن الوحدة يجري جريانًا مطلقًا غير مميز بين أنواع الوجود التي يراد توحيدها: هل هو وجود الأفراد المتنافرين في “المجتمع العربي” الذي تنقصه كل خصائص المجتمع الصحيح الحي الفاعل وكل عوامل الاتحاد الاجتماعي أم هو وجود المجتمعات الموزعة ما بين المحيط والخليج على شكل مؤسسةٍ تعاونية.
القومية إذاُ هي رابطة أفراد أما العروبة فهي رابطة شعوب أو أمم عربية. القومية السورية هي القادرة على توحيد الأفراد السوريين في سورية بشتى فئاتهم المذهبية والعنصرية.

بعد تمام توحيد الأفراد بفضل القوميات المحلية تظهر المجتمعات العربية إلى الوجود, ومع ظهورها تبدأ العروبة الصحيحة. إذا لم تنهض المجتمعات العربية فإن العروبة تظل في محض الخيال, ما دامت الشعوب العربية قطعانًا بشرية تنهشها الطائفية والعنصرية أي أصفارًا لا مجتمعات ناهضة, فإن العروبة ستجد آنذاك فاجعتها الكبرى لإنها ستكون رابطة أصفار. من هنا نفهم قول سعاده بأن الأفراد هم سوريون أما الأمة السورية فهيا أمة عربية, ومن هنا نفهم تأكيد سعاده على أنه لا يوجد تناقض بين القومية السورية والعروبة: فالقومية السورية هي التي ستقدم (بتوحيدها للأفراد السوريين) للعالم العربي أمة سورية هي أمة عربية, وهي القومية التي ستضع تطبيق العروبة في نطاق الامكان لأن العروبة هي بالضرورة صفة المجتمعات العربية وليست بالضرورة صفة أفرادها.

إذا قلنا أن القومية هي علاقة الأمة بنفسها, فإن العروبة هي علاقة الأمة بعالمها العربية أي الجبهة العربية الواحدة.

كنان صطوف