بالإضافة إلى قرارات مؤتمر أم قيس الأردني 1921، وخاصة الوقوف في وجه الصهيونية والهجرة اليهودية، ووقف مطاردة الثوار السوريين ضد الاستعمار الفرنسي، واعتماد (العلم السوري ذي النجمة) علماً لإمارة شرق الأردن، فقد شهدت الأردن لاحقاً وعلى امتداد سنوات الإمارة نشاطاً واسعاً للمعارضة الوطنية ومطالبها الأساسية التي لا تزال هي نفسها بعد مرور عقود طويلة عليها.
ففي المؤتمر الوطني الأردني الأول، الذي انعقد في مثل هذه الأيام من تموز 1928 في مقهى حمدان في عمان، وبحضور 150 شخصية، شدد المجتمعون على المطالب التالية:
- المطالبة بحكومة برلمانية دستورية.
- رفض التعامل مع الحركة الصهيونية.
- أي انتخاب للنيابة العامة على غير قواعد التمثيل السياسي، ومسؤولية الحكومة أمام مجلس نيابي منتخب بصورة ديمقراطية لا يعتبر انتخاباا ممثلاً لإرادة الأمة.
- كل تشريع استثنائي لا يقوم على أسس العدل تشريع باطل.
- لا يجوز التصرف بالأراضي الأميرية قبل عرضها على مجلس نيابي منتخب ديمقراطياً والتصديق عليها.
- رفض تحمل نفقات أي قوة احتلالية أجنبية.
ومن قرارات مؤتمر الحزب العربي الأردني 1946، وكان من قياداته، د. محمد صبحي أبو غنيمة، شفيق ارشيدات، سليمان النابلسي، محمد القرعان، علي مسمار، ميخائيل فاخوري، ميخائيل هلسا، وغيرهم، القرارات التالية: - وضع دستور ديمقراطي على أساس فصل حقيقي بين السلطات.
- حكومة ديمقراطية منبثقة من صميم الشعب.
- إطلاق الحريات وحماتيها.
- إلغاء الاحتلال البريطاني والأجنبي بكل أشكاله.
- الإخلاص لميثاق الجامعة العربية.
في التعليق على ذلك:
1- هدم مقهى حمدان وسط العاصمة، عمان، رغم محاولات بعض المثقفين الأردنيين تنظيم اعتصام أمام المقهى للحيلولة دون هدمه، وهو المقهى الذي شهد انعقاد المؤتمر الوطني الأردني المذكور وعشرات الفعاليات الوطنية.
2- بعد قرن تقريبا على المطالب الوطنية المذكورة، لم يتغير شيء منذ عام 1928 حتى الآن، باستثناء فترة قصيرة جرت فيها انتخابات برلمانية نزيهة عام 1956 وتشكلت بموجبها أول وآخر حكومة وطنية برئاسة سليمان، رئيس أكبر الأحزاب الفائزة وهو الحزب الوطني الاشتراكي المقرب من عبد الناصر، قبل أن تتمكن السفارة الأمريكية ورجالاتها في الأردن والقوى الإسلاموية من إسقاطها.
فما زالت القوانين والبرلمانات والحكومات تتشكل ضمن السياسات والإجراءات الحكومية المعروفة، التي تنسجم مع مصالح الاوليجاركية والكومبرادور والإمبريالية الأمريكية الحليف الثابت للسلطة في الأردن.
3- مقابل دعوة المؤتمر الوطني 1928 لرفض التعامل مع الحركة الصهيونية، انخرط الأردن الرسمي في منظومة التطبيع مع العدو الصهيوني، منذ كامب ديفيد مرورا بأوسلو ووادي عربة وانتهاء بالإبراهيمية السياسية، وغيرها من المبادرات التي تسعى إلى تحويل الكيان الصهيوني العنصري الإجرامي التوسعي من عدو تناحري إلى حليف موضوعي للأنظمة العربية التابعة.
4- مقابل تحذير المؤتمر الوطني الأردني 1928 من التصرّف بالأراضي الأميرية، إلا أن هذا التحذير ذهب أدراج الرياح وأصبحت أراضي الدولة بكل تصنيفاتها برسم النهب واللصوصية التي يعرفها الأردنيون جيدا.
5- مقابل الدعوة لإلغاء الاحتلال الأجنبي بكل أشكاله، انضم الأردن إلى نادي الدول التي تستقبل القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها.