كلمة حضرة عميدة الثقافة والفنون الجميلة في نشرة الندوة الثقافية المركزية.
“إن حرب العقائد التي أعلناها نحن، حين أعلنا تعاليمنا السورية القومية الاجتماعية تتطلب منا جعل قضية الثقافة في مقدمة القضايا التي يجب أن نوليها اهتمامًا خاصًا وأن نخطط لها الخطط ونرتب الصفوف”.
سعاده، توجيه المدرسين: 17 تموز1948
في هذه المقولة، يرى الزعيم في الثقافة السلاح الأول الذي يجب على النهضة أن تستعمله لتكون. ما يحملنا على التفكير في المسار المعاكس الذي خطط له أعداء الحزب والأمة: لكي لا تكون نهضة، يجب إفقار الثقافة وإضعافها.
من آليات الحرب التي شنت وتشن ضدنا عملية تهميش الثقافة، حتى، حين بلغنا أقصى درجات التأزم، باتت فكرة تغييب الثقافة بشكل تام لكونها ليست بالأمر الحيوي مقبولة من أبناء مجتمعنا بشكل عام، وحتى من العديد من القوميين الاجتماعيين. برأيهم ما من داع للتفكير في القضايا الكبرى في زمن الضيق والجوع، فالبحث عن سبيل لدرء الفاقة يعود علينا بالفائدة، بينما لا تسد الثقافة رمق جائع.
في هذه الظروف، يتوجب علينا، نحن الذين اخترنا، بالتزامنا الفكري والحياتي، السباحة عكس التيارات القاتلة، بذل جهد مضاعف لمواجهة الميل العام إلى الاقناع والاقتناع بعدم نجاعة العمل الثقافي، وبالانبراء للتفكير في المسائل الهامشية، تاركين القضايا الأساسية التي يتمحور حولها وجودنا. ولهذا، حين تلتقي مجموعة من القوميين، لتطرح مسائل فكرية جوهرية، تأخذ على عاتقها مواجهة تيار قاتل جديد يستمد قوته من ضعف السباحين وتهديدهم بالغرق.
لقد وضعنا في الندوة الثقافية القدم على أولى درجات السلم وأرسلنا نظرنا نحو الأعلى إذ قررنا أن نسترجع رسالتنا الأولى، ألا وهي نشر الوعي وإلقاء الضوء على بعض المسائل التي تتطلب درساً وتمحيصاً، فيستفيد كل منا من خبرة الآخر ومعرفته والجهد الذي بذله في البحث.
كما تعيد الندوة الثقافية التواصل بين القوميين الذين يحملون الهم الثقافي، وتبعد عنا الميل إلى العزلة الذي يتهددنا حين تشتد الأزمات، فنتمثل بزعيمنا الذي آثر التواصل والحوار على القطع والتقوقع، على الرغم من الخيبات المتكررة التي تعرض لها.
ربما ليست الندوة اليوم إلا شمعة صغيرة تجهد لتخترق الظلمات. لكنها، بكل تأكيد، أفضل من التذمر والاكتفاء بلعن العتمة.
الرفيقة فاتن المر
عميد الثقافة والفنون الجميلة