عن خلفيات الصراع على الرئاسة الأولى

عناوين أربعة طرحها المفتي الجعفري الممتاز القاضي الشيخ احمد قبلان شخَّص من خلالها بشكل واضح وبكلام عالي السقف، طبيعة المعركة الدائرة حول موقع رئاسة الجمهورية وخلفياتها وآثارها ومآلاتها المترتبة وجوديًا على الكيان اللبناني ومشروع الدولة المركزي. ولا يخفي المتابعون المتبصرون والمدققون بالمواقف أنّ موقف المفتي قبلان يعكس تلقائيًا وجهة نظر الفريق السياسي المناهض للقوى المتحلقة حول المرشح الرئاسي الوزير جهاد أزعور.
العنوان الاول: القول “بأنّ موضوع رئيس الجمهورية كبير وخطير وبحجم سيادة لبنان وبأنّ أصابع الطبخة الأميركية المسمومة مكشوفة ورئيس بختم أميركي ممنوع”.
ما يعني أنّ المعركة الرئاسية تخاض بوجه الاميركيين الساعين بهجمة استباقية لإيصال رئيس بدمغة أميركيّة، يتمّ تمريره في الوقت المستقطع غداة التفاهمات الإقليمية ليتحقق بالسلاح الناعم ما عجز عن تحقيقه السلاح الخشن والحروب الاقتصادية والحصار ومنع المساعدات عن لبنان من القوى الحليفة والصديقة.

العنوان الثاني: “الرفض المطلق لتمرير رئيس غير ميثاقي”، وهذا يكشف جانبًا من الخطوات العملية التي يكفلها الدستور والممكن اللجوء إليها كحق مشروع في إدارة اللعبة البرلمانية في جلسة 14 الجاري من قبل الثنائي الوطني والقوى الحليفة.

العنوان الثالث: “إسقاط 17 ايار جديد بالنسخة الملوّنة”، بمعنى تماثل ومطابقة تلك الحقبة السوداء من تاريخ لبنان بالاستحقاق الراهن ووسمه بالطابع الذي فرض على لبنان اتفاق إذعان مع العدو الصهيوني عام 82، واعتماد هذا التوصيف دلالة سياسية واستراتيجية على حجم الصراع ومخاطره وحماوة الاشتباك السياسي الذي تخوضه قوى المقاومة والممانعة بوجه أميركا ووكلائها الإقليميين والسائرين على خطاها من قوى تتأثر بوشوشات شيا.
العنوان الرابع: والاقتباس بالطبع عن كلام المفتي قبلان: :لن يسمح لتل ابيب بنسخة اللعبة الأميركية إعادة السيطرة على موقع رئاسة الجمهورية”.
إنّ المقاربات الآنفة الذكر تشي بأنّ المقاومة وحلفاءها من الشخصيات والقوى الوطنية والقومية التي ترى السيطرة على موقع الرئاسة بالأدوات والسياسات المتبعة سيطرة لتل ابيب على الموقع الاول في الجمهورية اللبنانية هو كلام كبير وخطير بمغزاه الظاهر والمستتر، يوحي بأنّ اجتياحًا اسرائيليًا مغلّفُا بالحرب الناعمة الأميركية لإيصال رئيس من هذه الطينة، ما يستدعي حربًا تحريرية بالسياسة يجري الإعداد لها لدحر هذا الغزو المقنع وإسقاط مفاعيله ديمقراطيًا وبالتسلوب عينه.
إزاء ما تقدمّ، ترى أوساط متابعة للملف الرئاسي: أنّ النصاب سيعطل من الدورة الأولى وستذهب التقاطعات المصلحية تدراج الرياح، فما لم تستطع أميركا وحلفاؤها أخذه بالقوة لن تستطيع الحصول عليه بالحيلة والخديعة، سيما وأن؟ الوجوه انكشفت والأقنعة سقطت، وبالتالي فليبقً الفراغ دهرًا ريثما يقر المغامرون والمقامرون بالتحولات التي ستتثبت لاحقُا بتفاهمات على مستوى الإقليم يقابلها انسحاب أميركي تدريجي من ملفات المنطقة، ويتساءل المصدر: ألم يدرك الواهمون من سياديين مزعومين وشركائهم أنّ الخط البياني لمحور المقاومة يتجه صعودًا ويتعملق في المنطقة، ومن السذاجة و الغباء التفكير بتنازلات عن حقوق قومية لم تحصل تحت النار والحصار ولن تحصل اليوم في زمن الانتصارات الكبرى…
إقلبوا الصفحة..