جامع أعقاب السجائر ومفهوم البطولة من الضفة الأخرى.

في رواية جامع أعقاب السجائر لمنير الحايك، تقرأ حالَ الفرد البسيط العادي، الهامشيّ، الذي يبدأ مراهقًا يجمع أعقاب السجائر خلف رجال القرية، وينتهي بطلًا يدافع بصدره عن عائلة من غير دينه في أثناء الحرب الأهلية في لبنان.

ولكن ذلك “البطل” يمرّ بمآزق وقلق وخيارات خاطئة ومشكلات كبيرة تجعله يدخل السجنَ شاهد زورٍ، فقط ليقول لنا النصّ، إنّ هنالك خيوط بسيطة بين أفعال البطولة وأفعال السوء والأخطاء التي يقوم بها كل منا.

وصحيح أن الرواية تركّز على دور الشخصية الرئيسة، إلاّ أنها لا تتغاضى عن أدوار الشخصيات الأخرى وما تقوم به من أفعال عادية، ولكنها من مفهوم الرواية بطولية أيضًا، فتأخذنا إلى ضفّة أخرى لترينا الأمر من هذا المنظور الجديد، ليصبح كلّ إنسان في مجتمعه ومع عائلته ومع نفسه أحيانًا، بطلًا في مكان ما.

تدور الأحداث بين زمنين، زمن السرد وهو زمن الأزمة الاقتصادية وبعد انفجار المرفأ، وزمن مصطفى المراهق منذ الستينيات وحتى الرجل البطل في الثمانينيات، ولكن أكثر ما تميّزت به الرواية نهايتها غير المتوقّعة، حيث يجد القارئ نفسه أمام رواية في رواية من خلال لعبة الكاتب الروائية التي اتبعها.

جامع أعقاب السجائر واحدة من الروايات التي تميّزت خلال هذا العام، فوصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة غسان كنفاني للرواية العربية في دورتها الثانية 2023، وتنتظر إعلان القائمة القصيرة منتصف شهر حزيران الحالي، هذه الدورة وقائمتها الطويلة التي قالت عنها لجنة التحكيم برئاسة الناقد والأديب ابراهيم السعافين، تناولت قضايا اجتماعيّة سياسية، وفلسفيّة، ووجوديّة، وإنسانية متنوعة، ووقف بعضها عند الهمّ الوطني والقومي والإنساني، وتراوحت بين أساليب سرديّة وتقنيّات مختلفة.