السوراقي الأخير

أَعارَ الرياحَ البِكْرِ مَعنى هُبوبهِ

عروجاً لسِلْمٍ مُثْقَلٍ بِحروبِهِ

وثَبَّتَ في الأرْجاءِ وقْفَةَ عِزِّهِ

حَياةً تَجَلَّتْ في مَرايا دروبِهِ

وأَعْطى لمصباحِ النباهةِ فُرصةً

مِنَ الزيتِ.. كَي يُنْهي عصورَ نُضوبِهِ

أضاءَ بلاداً يغسلُ الحزنُ وجْهَهَا

وأَنقَذَ طيناً عالقاً في شحوبهِ

هوَ الرَّجُلُ الآتي مِنَ الوَعْيِ قائداً

ليلهم جيلاً صاعداً بوثوبِهِ

هو الألَقُ المُمتدُّ مِنْ نَبْضِ قَلْبِهِ

إلى وَطَنٍ يَشكو انْقسامَ شُعوبهِ

إلى وَطَنٍ مُحتَلُّهُ ذاقَ لحْمَهُ

مِراراً ولْمْ يَشْبَعْ لُهاثُ نيوبِهِ

إلى وطَنٍ يَستنطِقُ الدمْعَ صرخةً

على شَجْوهِ استَقْوى بشَقِّ جيوبِهِ

إلى وَطَنٍ ألقى المعاذيرَ وانتَمى

إلى الشَّمسِ مُذْ شَعَّتْ بفِعْلِ نُشوبِهِ

إلى وَطَنٍ يُفضي إليهِ لأنَّهُ

أضافَ إلى الإشراقِ جَدوى غُروبِهِ

وأحسنَ بالتنويرِ إيقاظَ موطنٍ

يريدُ خلاصاً مؤمناً بوجوبِهِ

فلسطينُ أسماءُ اليمامِ بقَلبِهِ

وأعشاشُهُ الأولى ولُقْيا سُروبِهِ

دِمَشْقُ أغانيهِ اللذيذةُ جَنَّةٌ

تَوَلّى بها الإنسانُ غَسْلَ ذنُوبِهِ

وبَيروتُ أمُّ الأرضِ، ميقاتُ روحِهِ

ودهشَتُهُ تُفْضي لخَطِّ جَنوبِهِ

وبَغدادُ مِحرابُ المَباهجِ حلوةٌ

رآها زماناً هائلاً بخطوبِهِ

رأى ثوبَ هذي الأرضِ رثَّاً ممزقاً

وقَدْ مَنَعَ التَفريقُ رَتقَ ثقوبِةِ

رأى وَطَناً عذْبِ الملامحِ فارِعاً

يزيدُ الأسى والقَهْرُ عُمْقَ نُدوبِهِ

فأعطى لهُ عمراً أثيلاً مُضَمَّخَاً

بنزفٍ عبيقٍ باسلٍ مِنْ طيوبه

سلامٌ على فِكْرٍ تبنّاهُ جامعٍ

نبيلٍ وِفاقيٍّ بكلِّ ضُرُوبِهِ!

حسن سامي العبد الله – العراق