لاتسيو ساري، النجاح بعيدًا عن الأضواء

لاتسيو ساري، النجاح بعيدًا عن الأضواء

يعود الدوري الإيطالي للبروز بشكل ملفت على الساحة الكروية، إثارة كبيرة شهدتها “جنّة كرة القدم” هذا الموسم إيجابًا كما سلبًا، فمن مشاكل يوفنتوس وخصم نقاط من رصيده ثمّ إعادتها ثمّ خصمها من جديد، إلى تحقيق نابولي لقب الدوري المحلّي الغائب عن خزائنه منذ ٣٣ عامًا، إلى تواجد قطبي ميلان في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، إلى وصول إنتر ميلان إلى نهائي الأبطال، وروما إلى نهائي الدوري الأوروبي وفيورونتينا إلى نهائي دوري المؤتمرات.
لكن بعيدًا عن الأندية ذات الأسماء الرنّانة والتاريخ العريق، ففي إيطاليا نادٍ يقدّم كرة قدم ممتعة، ويحقّق نتائج ملفتة، وإن لم تسلّط الأضواء عليه بشكل بارز، إنّه نادي لاتسيو.
لاتسيو يحتل المركز الثاني في ترتيب الدوري، وبعد ٣٦ مباراة تمكّن من الفوز في عشرين مناسبة وخسر في ثماني مباريات وتعادل في ثماني أخرى، سجّل ٥٥ هدفًا ولم تتلقَّ شباكه سوى ٢٨.
تألّق لاتسيو هذا ما كان ليتحقّق لولا دهاء أو حتى “عبقريّة” ماوريسيو ساري الذي يقدّم رفقة الفريق الإيطالي كرة قدم جميلة، وهو صاحب التكتيكات اللَّيّنة التي قد يغيّرها من مباراة لأخرى لتفادي تكرار أخطائه ولتطوير أداء فريقه.
عمل ساري الكبير مع النادي منذ تسلّمه مهمّة تدريبه الموسم الماضي ينعكس بالنتائج التي حقّقها الفريق، فقد قاد لاتسيو ليصبح أوّل نادٍ يفوز بنتيجة أربعة أهداف نظيفة لثلاث مباريات متتالية في الدوري الإيطالي منذ إقرار قانون النقاط الثلاث، وكانت هذه الانتصارات على حساب كل من كريمونيزي، سبيزيا وفيورونتينا، وهو أصبح ثاني فريق يحقق هذا الإنجاز في تاريخ الدوري ككل بعد جيل فيورونتينا الذهبي.
إضافة إلى ذلك فلاتسيو تمكّن هذا الموسم من الفوز على جميع الأندية الكبرى في إيطاليا، كالبطل نابولي، وغريمه روما وميلان والانتر وأتلانتا ويوفنتوس.
طبعًا لم يكن لاتسيو الفريق المثالي طوال موسمه، فقد عانى الفريق كثيرًا أمام الفرق التي تعتمد على الدفاع بشكل كبير، لكن سبب ذلك ليس في المدرب أو خططه، بل بجودة لاعبي الفريق والميزانية المنخفضة التي لم تكن كافية لاستقطاب لاعبين بارزين. لكن لأنّ المدرب الايطالي، المعروف بعشقه للسجائر، كان يدرك تمامًا ما يريد ويدرك أيضًا قدرات لاعبيه فقد خلق منظومة متكاملة من لاعبين يمكن وصفهم بالمغمورين، وتمكّن من التفوق على العديد من الفرق التي تملك لاعبين أبرز وميزانيات أكبر، فنادي لاتسيو قوامه لويس ألبيرتو، سافيتش، ماركوس أنطونيو، بيدرو، زاكاني، فيليبي أندرسون، لويز فيليبي، اتشيربي وباتريتش ورومانيولي… أسماء قد تكون غريبة على الكثير من المتابعين لكنها برزت كمنظومة متكاملة مع المدرب.
تجربة لاتسيو هذا الموسم إنما تثبت أنه، ومع الجنون “المالي” الذي يضرب عالم كرة القدم، وسعي الأندية خلف النجوم والأسماء الكبيرة، ستبقى الكلمة الأخيرة “للمنظومة” التي تُبنى “بشغف” اللاعبين و”بحنكة” مدرب يدرك تمامًا متطلبات الميدان كما استغلال قدرات لاعبيه.