مشهدية فلسطين: الكيان الزائل يُعمِّق الغرق في أزماته

يزداد تخوّف الدولة اليهودية الزائلة من حربٍ شاملة في المنطقة تنطلق شرارتها من جبهاتٍ عدّة، حيث أن التعقيدات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية في المشهد “الإسرائيلي” أصبحت متشابكة إلى مستوى لم يشهده الكيان منذ تأسيسه. وشهد “يوم القدس العالمي”، يوم الجمعة الماضي، تأهّباً لدى المنظومة الأمنية “الإسرائيلية” إذ استُدعيت ألوية الاحتياط، ونُشرت القبّة الحديدية في جميع أنحاء الكيان، بالإضافة إلى التعزيزات الأمنية الداخلية في القدس والضفة الغربية، وذلك في أعقاب التخوف من مزيد من التصعيد على الجبهات.

إن انشغال الولايات المتحدة الأميركية في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا والتنافس مع الصين، دفعها إلى تقليل اهتمامها بما يجري في الشرق الأوسط، والعلاقات المتوترة بين الولايات المتّحدة الأميركية وربيبتها “إسرائيل”، بالإضافة إلى  ضعف الداخل “الإسرائيلي”، وتآكل قدرة الردع لدى الكيان المؤقت، وقدرة الردع الإيرانية المتعاظمة، إضافةً إلى التفاهم الكبير في العلاقات الإيرانية – الروسية، هي أسباب دفعت بالدولة العميقة في الكيان للتخوّف من خطر التصعيد مع محور المقاومة خلال العام الحالي أو المقبل.

وقدّرت شعبة الاستخبارات في هيئة الأركان العامة “الإسرائيلية”، “أمان”، أن خطر الحرب من جبهات متعددة يزداد، وذلك على خلفية “التطورات الاستراتيجية في المنطقة من جهة وفي وضع إسرائيل الداخلي من جهة أخرى”. حسب تقدير “أمان”، انتقلت إيران إلى وضع استراتيجي يشير إلى الاستقرار العسكري والأمني والسياسي والاجتماعي الذي من شأنه أن يرفع من رغبة طهران في مهاجمة الدولة اليهودية الزائلة بكل السبل. كما تحدّثت صحيفة “وول ستريت” الأميركية عن تزامن وجود قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قاني، مع إطلاق عشرات الصواريخ نحو الجبهة الشمالية (الجليل)، من قبل حركة حماس. هذا يدلّ على أن تفاصيل الهجوم الصاروخي تم الاتفاق عليها في اجتماعات قاني في بيروت مع رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على زعم الصحيفة الأميركية.

وخلال حديث لرئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو مع القناة 14 العبرية، أكّد أن جيش دولته الزائلة هاجم أهدافاً لحزب الله وإيران رداً على عملية مجيدو، وتابع أن “نصرالله وعناصره لا يعرفون قوة إسرائيل لذلك سنريهم”. في اليوم نفسه، أكّد نصرالله خلال احتفالية يوم القدس العالمي أن نتنياهو كاذب إذ أن ما تمّت مهاجتمه في جنوب لبنان عبارة عن مزارع موز مهجورة، وقال إن رئيس حكومة العدوّ يهدّد حزب الله ولبنان ونحن نقول له إن محور المقاومة في حالة هدوء وسكون، وأنتم في حالة قلق وخوف وفي حالة دفاع. وتابع نصرالله أن القوة الأميركية تتآكل حيث اضطرت الأخيرة للتراجع في أماكن عدّة حول العالم بالإضافة إلى هزيمتها في أفغانستان، وهذا يؤكّد أن محور المقاومة في موقع إيجابي، بينما دولة العدوّ تقبع بين أزمتها الداخلية وأزماتها الخارجية. وأثنى نصرالله على العلاقات الثنائية والحوار بين دول المنطقة ملمّحاً إلى التقارب الإيراني – السعودي، مؤكداً أن الحوار بين دول المنطقة هو الذي يشكّل الأمن والاستقرار. وتابع أن هذه التحولات الدولية فائدتها إيجابية لمحور المقاومة ونتيجتها سلبية على الكيان الغاصب.

ميدانياً، حاولت فتاة فلسطينية أول من أمس تنفيذ عملية طعن عند مفرق “غوش عتصيون” قرب الخليل، وقد نجحت في طعن مستوطن “إسرائيلي” قبلما يتمّ إصابتها من قبل جيش العدوّ وإلقاء القبض عليها. كما حدث عملية إطلاق نار صباح أمس في حي الشيخ جراح في القدس ممّا أدى إلى إصابتين بحالةٍ متوسطة، ونجح المنفذ بالانسحاب من المكان. هذه العمليات المستمرة بشكلٍ يومي تشير إلى أن الرهان خلال السنوات الماضية على انهيار كل بيئة فيها مقاومة فشل، حيث يؤكّد شعبنا في فلسطين ولبنان وسوريا أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرّر الشعوب.

اقتصادياً، أعلنت شركة التصنيف الائتماني الأميركية “موديز” تخفيض المؤشر الائتماني لدى كيان العدوّ من “إيجابي” إلى “مستقرّ”. وجاء هذا الإعلان بمثابة كشف عن تراجع ثقة كبار الاقتصاديين حول العالم بدولة الاحتلال مما يؤدي إلى تراجع الاستثمار الأجنبي وخصوصاً في قطاع “الهايتك” في الكيان. إن ما يبدو على سطح الأزمة الاقتصاديّة ضئيل جداً مقارنةً مع عمق التضخم والقلق “الإسرائيلي” من عدم قدرة الحكومة على اتباع سياسات اقتصادية سليمة.