يقول سعاده في رسالته الى حميد فرنجية، عن أسباب تأسيس الحزب «ان فقدان السيادة القومية هو السبب الأول فيما حل بأمتي وفيما يحل بها».. معتبراً ان هذا هو سبب تفرده عن كل الذين عملوا في السياسة.
اليوم وإذ تغرق الأمة في المخاطر بكل كياناتها، من لبنان الى فلسطين والأردن والشام والعراق، حيث يؤدي فساد الأنظمة وارتهانها للخارج لعدم إدراك حجم المصاب الذي تمكن المشروع الصهيوني من فعله في جسد امتنا.
تعداد جرائم الأنظمة بحق الكيانات مهول وقد وصل الى حد التفريط بالأرض ورهن الموارد ومستقبل البلاد في اتفاقيات استسلام لا إثر فيها لأية سيادة.
مؤخراً، وغزة ولبنان يمسكان بالجمر، نرى كيف تساوم الأنظمة وقيادة أوسلو المرتهنة على مستقبل فلسطين والشعب في القرار 2803، الصادر مؤخراً عن مجلس الأمن والهادف الى المزيد من التآمر على فلسطين، مكرساً انقسام الشعب الواحد حول الخيارات وقضية وجوده.
اما في الشام، فالنظام السلفي الذي يمتن وجوده في الكيان، يقدم التنازلات تلو الأخرى وصولاً الى مشهد نتنياهو يجول في جنوب دمشق وعلى مشارفها متخطياً القنيطرة، مما دفع اليونيفيل نفسها الى التوجس من مخاطر جمة تنطوي عليها هذه الخطوة والتي أعقبت حالة الاحتلال القائمة على مجمل مرتفعات الجولان وجبل الشيخ.
هذا الاستسلام الذي تظهره القيادة الجديدة للدولة السورية، يظهر في كل خطواتها ان في المجازر التي قصمت ظهر أي مسعى لإعادة توحيد المجتمع الواحد، والنظام لايزال يتنقل بين رغبتي الإسرائيلي والتركي، وبإشراف أميركي واضح، فيما لا يزال الغرب يراوغ بموضوع رفع العقوبات عن الشام ، بانتظار استسلامه الكامل.
اما في العراق، وقد انتهت انتخاباته النيابية بالأمس فيما هو غارق في تداعيات الاحتلال الأميركي ان في السياسة او في قدرة الدولة على بسط سلطتها على مواردها المائية والنفطية، او في قدرتها على استثمار هذه الموارد، بعيداً عن الهيمنة الأميركية التي ما تزال تصارع لتبقى.
اما الأردن، فتقوم اتفاقية وادي عربة بمهامها جيداً في تطويع دائم للكيان حسب مشيئة الأطلسي الحارس الأمين له، وهو كان خير داعم لدولة العدو الإسرائيلي خلال حربه على إبادة اهل غزة ومعه مشيخات الخليج التي سددت واجبها كاملاً بدعمه بالغذاء والسلاح وابعاد الصواريخ الدقيقة عنه، فيما أطفال غزة يبادون جوعا.
ماذا عن لبناننا الأغر، حيث يصر جزء من الطبقة السياسية، على القيام بأدواره المهينة ضد فئة من الشعب، ولوعلى دمهم وارزاقهم وارضهم وزيتونهم وبيوتهم، غير ابهين بالتداعيات التي ستصيبهم دون شك إذا ما نجح المشروع الأميركي – الصهيوني على كامل المنطقة، والتي قد تكون تقسيما ً او مجازراو تهجير يصيب الجميع.
بالأمس، دفعت وشابة لبنانيين معروفين بالغدر، على رئيس الجمهورية وقائد الجيش، الى الغاء دعوة الزيارة التي كان مقرراً ان يقوم بها قائد الجيش الى واشنطن بعد تبلغه الغاء مواعيد لقاءاته مع مسؤولين اميركيين عسكريين وسياسيين، وأيضا حفل استقبال السفارة اللبنانية هناك.
ترافق ذلك مع كلام أفصح عنه رئيس الجمهورية عما وصفه ب «بخ للسموم» حصل للإدارة الأميركية تركت اثراً بالغاً على أعضاء الكونغرس والإدارة السياسية، مكرسة الانحياز الأميركي الكامل لدولة العدو الإسرائيلي، ومتخطية حتى السيادة الرمزية للجيش اللبناني على ارضه.
والمصادفة ان هذا الفريق السياسي، احد وزراءه في الحكومة معني بالملف الديبلوماسي، وبالطبع هناك علامات استفهام، كثيرة على طريقة تعاطيه هو والحكومة بعنوان إحلال الديبلوماسية الرادعة بدل المقاومة، اذ لا يزال الجمود هنا سيد الموقف.
يهدف نجاحي السم هؤلاء الى عرقلة أي دور للجيش اللبناني، والى دق إسفين في العلاقة بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش بهدف الفصل بين السلطتين. دون تغييب هدف الأمريكيين الى إيقاع الدم بين الجيش اللبناني، والمقاومة، واهل الجنوب المقاومين والمدافعين على ارضهم، دون إلزام العدو الإسرائيلي بشروط الانسحاب من الأراضي المحتلة وتسليم الاسرى.
ظهر ذلك في تصريحات أعضاء من الكونغرس والحزب الجمهوري من لبنانيين يشكلون في واشنطن «لوبي» يتساوى مع اللوبي الصهيوني في الأداء والاستهداف.
القصف الذي طال قرى وبلدات الجنوب ومجزرة مخيم عين الحلوة، الأسبوع الفائت وأدى الى ما أدى اليه من استشهاد العشرات اطفالاً ورجالاً يشغل البعض منهم مسؤوليات إدارية في الدولة مثل مدير مدرسة، او عضو مجلس بلدي، او امين صندوق ونادي أطفال للعب الكرة، او طلاباً في باصات جامعاتهم.
المفارقة، ان لا جفن يرف للواشين، لا بل تستمر البروباغندا الإعلامية المساندة في نسج السموم والاحقاد المدمرة للروحية بين أبناء شعبنا.
يريد هؤلاء من الجيش اللبناني، ان يعتير أبناء الجنوب، إرهابيين مثل ارهابيي الأيغور والشيشان وليسوا اهل الأرض المدافعين عن بيوتهم فيقول أحدهم ان الجيش اللبناني يضيع فرصة حقيقية للتحرر من «ارهابيي» حزب الله المدعومين من إيران!! لا يأبه هؤلاء ان افراغ الجنوب هو مطلب العدو الإسرائيلي نفسه لإنشاء منطقة عازلة امنياً تريده خدمة لطمأنه مستوطنيها.
ان سياسة ارتهان الأنظمة للخارج هي التي تضيع سيادة أبناء الأمة على أمتهم الواحدة في كياناتها المقسمة وهكذا تضيع وحدة البلاد الروحية وتقدم دولنا المرتهنة ،رأس امتنا على طبق من فضة الى المشروع الصهيوني – الأميركي كما قدم هيرودوس رأس يوحنا المعمدان للعاهرة وكما تمت الوشاية بمكان فخر الدين للعثملي، وكما فعل سياسيين لبنانيين في اجتياح عام 1982، دافعين باتجاه تكريس حال الاحتلال على البلد، ولم يفلحوا.

