لبنان بأغلبيته مقاوم للعدو اليهودي

المنظمات اليهودية بمعونة الدول الأجنبية اغتصبت فلسطين واقتلعَت الشعبَ السّوري في فلسطين من أرضه وأسكنت في مكانه من يعتقد باليهودية ديناً. وبحاضرنا يكمل الجيش اليهودي، مدعوماً من الدول الأجنبية، على ما تبقّى من فلسطين ويدمّر غزة حجراً حجراً ويقتل الأطفال والأبرياء بدمٍ باردٍ وبوحشيةٍ قلّ نظيرها في كل تاريخ الشعوب. فقد حصلت مجازر مشابهة قام بها أسياد اليهودية عندما ذبحوا الشعب الآمن المسالم الأصيل في الولايات المتحدة الأمريكية. والجيش اليهودي المحتل هدم ويهدم القرى في الجنوب اللبناني، وقتل ويقتل الأطفال والنساء ويدمّر كل أسباب الحياة من شبكات كهرباء وماء ومدارس ومتاجر ومصانع ودور صحية، بهدف إلغاء الحياة في «الشريط الحدودي الوهمي،» بين لبنان وفلسطين. وقادة العدو يصرّحون علانية أنّهم باقون في الشريط الحدودي، بل يتنازعون الرأي فيما بينهم جهاراً بين من يريد التمدد إلى نهر الأولي أو البقاء فقط في جنوب الليطاني.

والعروبي العظيم رئيس الحكومة وبعض أعضاء حكومته ما تحرّكت مشاعرهم العروبية أو اللبنانية الجياشة. « والانكى ان رئيس الحكومة يربح جميلةً للبنانيين بعروبته» ويتشدّق ويقول: «أنا المدافع الأول عن القضايا العربية منذ نشأتي.» بدورنا نحن أبناء الشعب نسأله: هل العروبة تتطلّب منك التنكّر لفلسطين؟ وأنْ تنأى بنفسك عن مذابحها؟ وهل العروبة تجعلك تخضع للقرارات الأمريكية، وللدول المستسلمة والمطبّعة مع العدو والتوافق معها؟ وهي نفسها من تشارك العدو في ذبح أخوتك في العروبة في فلسطين. وهل العروبة أن تذعن وتضع جدول أعمال جلسة حكومتك كما أرادها المندوب الأمريكي توم باراك؟ وهل عروبتك توجب عليك تجريد سلاح المقاومة التي تصدّت للعدوان اليهودي وحرّرت لبنان وناصرَت فلسطين التي تدّعي أنها في قلبك وأنّك من المدافعين عنها؟ وهل العروبة التي تؤمن بها تمنعك من إعمار ما هدمه العدو؟ وهل العروبة تملي عليك منع الشعب من تكريم شهدائه؟ وهل العروبة تدعو إلى الاستسلام والعبودية؟

العروبة، كما قال بها كبار العروبيين، هي وحدة واتحاد وحرية واستقلال ورفض المستعمر والدفاع عن الأرض ومجابهة العدو اليهودي، وهذا تراث الرئيس عبد الناصر مملوء بهذه المبادئ. ولكن من يتتبّع حركتك السياسية يرى العروبة التي تؤمن بها بعيدة كل البعد عن العروبة وقادة العروبية ومنظريها. عروبتك ما هي؟ أهي ذاتك ومصالحك ولا تتعدّى فرديتك ومصالحك الشخصية؟ هذه ليست عروبة؛ هذه منافع فردية موظفة في خدمة الأجنبي والمشاريع الاستعمارية. عروبتك هي عروبة الدول المستسلمة للعدو اليهودي واللاهثة خلف التطبيع مع العدو. عروبة أهل بيروت وأهل طرابلس وأهل صيدا التي تدّعي تمثيلها هي عروبة سليم الحص وخالد علوان وعلي طالب ورشيد كرامي ومعروف سعد ومصطفى سعد ونتاشا ومحمد القبرصلي وعشرات الشهداء الأبطال؛ هي عروبة أنطون سعاده الحقة وعروبة جمال عبد الناصر وزكيّ الأر سوزي وساطع الحصري وأحمد بن بلّة وصلاح البيطار وميشال عفلق وجورج حبش وغيرهم كثير. أي عروبة تدّعي؟ لو تخبر اللبنانيون عن عروبتك ومبادئك. العروبة ليس تقوّلاً وزيفاً، العروبة تفرض عليك حفظ المقاومة وحفظ قوة لبنان. العروبة تفرض عليك حماية لبنان وجنوب لبنان وتدعيم وتقوية عناصر القوة فيه من مقاومة وجيش وقوى شعبية مناهضة للعدو اليهودي والمستعمر. العروبة تفرض عليك السماح بإعادة الإعمار وإرسال الجيش إلى الحدود، لا أن يصادر السلاح المقاوم، بل ليبني قوّة قادرة على التصدّي للعدوان والتوقيع اليهودي. ودور حكومتك أن تشرك المواطنين في الدفاع عن أرضهم لا أن تجردهم من سلاحهم. أيها الرئيس، نخبرك أنّ العدو المحتل فلسطين وجزءاً من جنوب لبنان جيش قوي ومصنّف تسليحاً من الجيوش الأولى في العالم؛ هو نفسه هذا العدو قد سلّح كل المغتصبين في القرى المغتصبة، فالحريّ بالجيش الضعيف تسليحاً بفضل الحكومات، أن تقرّر الحكومة تسليح المواطنين لمساعدة الجيش في صدّ أي عدوان.

 ليعلم رئيس حكومة لبنان، وهو يعرف تماماً أنّ المزاج الشعبي في لبنان ضدّ السلام مع العدو اليهودي وضدّ التطبيع؛ الشعب في لبنان قضيتُه الأولى فلسطين، ولبنان كله بأغلبيّته جند مقاوم للعدو والمستعمر، ولن تنجح حفنة من السياسيين الجدد التي أنشأها الأجنبي في تحويل لبنان من معقل الحرية والمقاومة إلى سجن كبير للعبودية. نقول لرئيس الحكومة: لقد ربحت مقعد رئيس الحكومة وخسرت عقول وقلوب كلّ الشعب في لبنان.