قطع الطريق على الفتنة

وكأنّ غرفة عمليّات واحدة قادت طوال الأسبوع الماضي عملية التحريض السياسي، لاتّهام فريق معين باختطاف وتصفية الشيخ أحمد الرفاعي في عكّار، شمالي لبنان. هذا الأمر تُرجم من خلال مواقف عدد من النواب والإعلاميين والناشطين السياسيين، إضافةً إلى محتوى نشرات أخبار وضعت جميعها الاتّهام لدى فريق سياسي معيّن، متمثّل بالحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ ومن خلفه حلفائه.

هذا التحريض الذي ما لبث أن ظهر فيه التلفيق، ومعه خبث النوايا واللعب بمشاعر ذوي القتيل، نتيجة إنجاز فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي كشف ذيول الحادثة المتمثلة بعملية استدراج كامل للشيخ الرفاعي ومن ثم تصفيته من قبل أقاربه بناءً على خلاف عائلي قديم.

ما حصل يفتح الباب للإضاءة على أمرين بالغَي الأهمية، يتمثل الأوّل بضرورة الانتباه إلى أن الفترة المقبلة ستشهد محاولات متجدّدة لجرّ لبنان نحو فتن داخلية متحرّكة، وأن حسن التعامل معها والانتباه من عدم الانجرار نحو ردّات فعل متسرّعة هو ما قد يمرّر المرحلة كما يجب.

في الأمر الثاني يجب التنويه بعمل الأجهزة الأمنية وتحديدًا شعبة المعلومات التي عمل ضباطها وعناصرها ليلًا نهارًا من أجل تجنيب البلاد فتنة تم التحضير لها طوال الأسبوع الماضي، مع العلم أن رواتب هؤلاء قد لا تصل إلى مئة دولار أميركي، ورغم ذلك قاموا بما يمليه عليه ضميرهم.

من هنا تأتي الدعوات للحكومة لتحمّل مسؤوليّاتها وإعادة ترتيب تعويضات عناصر الأجهزة الأمنية وأساتذة التعليم الرسمي وموظفي الدولة كافّة، كون إنتاجية واستمرار قطاعات الدولة بالعمل يؤمّن الاستقرار العام في لبنان.

سياسيًا، ينفي مصدر سياسي الأخبار التي تم ترويجها عن اتّفاق حصل بين حزب الله من جهة والجانب السعودي من جهة ثانية، حيثُ اتّفق الجانبان خلاله على تسمية إحدى الشخصيات لرئاسة حكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية.

وفي هذا الإطار تشير المعلومات أن مبادرة فرنسية قد تبصر النور الأسبوع المقبل، هدفها إجراء اتّفاق بين الكتل السياسية على “بوتقة” للحلّ، تتمثّل بربط اسم الرئيس المقبل للجمهورية بخطّة واضحة للإنقاذ، وكذلك باسم لرئاسة الحكومة، ما قد يدفع الأمور إلى الأمام في هذا الإطار. ورغم البرودة الواضحة في التعاطي مع الملف الرئاسي، لا يزال اسم الوزير سليمان فرنجية متصدّرًا بورصة السباق نحو بعبدا، إذ لم تظهر حتى الساعة أي نية لدى فريق الثامن من آذار للتراجع عن تبني ترشيح فرنجية.

إقليميًا، تشير الأجواء إلى إيجابية عربية كبيرة بالتعاطي مع سوريا، حيث يبدو أن الزلزال الذي ضرب شمالها قبل أسبوعين، حرّك المياه الراكدة وسرّع تظهير نوايا إنهاء شكل الحصار العربي على البلاد. في غضون ذلك، بدت زيارة الرئيس بشار الأسد إلى سلطنة عُمان، والتي تزامنت مع كلام إيجابي لوزير الخارجية السعودي حول سوريا، لافتة، بالإضافة إلى ما تبع الخطوتين من زيارة لوفد برلماني عربي جامع إلى دمشق.

كل هذا لا يؤشّر بالطبع سوى إلى أن قيادة الدول التي راهنت على إسقاط الدولة في سوريا منذ العام 2011 أدركت اليوم أن الاستقرار في المنطقة له عاصمة واحدة، وهي دمشق، ودونها لا يمكن المضي نحو مرحلة جديدة من النهوض الاقتصادي. وبحسب المعلومات، فإن أكثر من مسؤول عربي رفيع سيزور دمشق في الأسبوعين المقبلين تأكيدًا على فكرة أن مرحلةً جديدةً قد بدأت.

One thought on “قطع الطريق على الفتنة

Comments are closed.