الأهوار، بؤرة الحضارة، ومخزون التراث

إنّ سر بقاء سورية وحدة خاصة وأمّة ممتازة، مع كل ما مرّ عليها من غزوات من الجنوب والشمال والشرق والغرب، هو في هذه الوحدة الجغرافية البديعة وهذه البيئة الطبيعية المتنوعة الإمكانيات من سهول وجبال وأودية وبحر وساحل، هذا الوطن الممتاز لهذه الأمة الممتازة”

.- أنطون سعادة

تقع الأهوار جنوب العراق، وهي مناطق طبيعية لعدّة أنواع من الطيور المهاجرة في مواسم الشتاء وانواع عدّة من الاسماك المقيمة والمهاجرة التي تفد لأغراض التكاثر في الصّيف خاصّة.

أطلق عليها أسامٍ عدّة منها “البطائح”، جمع بطيحة، لأن المياه تبطّحت فيها، أي سالت واتّسعت في الأرض وكان ينبت فيها القصب.

يعيش سكّان الأهوار في جزر صغيرة طبيعية أو مصطنعة، ويستخدمون نوعاً من الزوارق يسمّى بالمشحوف في تنقّلهم وترحالهم.

للأهوار تأثير إيجابي على البيئة فهي تعتبر مصدر جيّد لتوفير الكثير من المواد الغذائية من الأسماك والطيور والمواد الزراعية التي تعتمد على وفرة وديمومة المياه مثل الأرُز وقصب السكّر.

شهدت الأهوار على ولادة وتطوّر الحضارة السّومرية ولم تكن طراز سكن فحسب، إنّما اسلوب تفاعليّ مع البيئة وتطوّرات المناخ.

تعود نشأة المسطّحات المائية في الأهوار التي تكوّنت من ترسّبات نهري دجلة والفرات، ومعها أسلوب بناء البيوت من القصب، إلى حوالي 5,000 سنة قبل الميلاد.

تمّ اكتشاف قنوات للري مرصوفة بألواح خشبية، الأمر الذي يقود الى فهم أسلوب التعامل السومري مع البيئة وتدبير شؤون المياه في حال إرتفاع منسوبها في نهري دجلة والفرات.

يساعد القصب المُستخدم في البيوت الطيور في بناء أعشاشها بخلاف الأسمنت، ممّا ساهم في تعزيز النظام الإكولوجي في هذا المتّحد الجغرافي وتكوّن المحميات الطبيعية، من أشجار وطيور وأسماك.

حذّرت منظمات البيئة الدولية والعراقية من التأهيل العشوائي لهذه المحميات الطبيعية، مطالبة استعمال المواد الطبيعية والناتجة من بيئة الأهوار، كالقصب والبردي، مشيرة إلى ضرر استعمال الطابوق أو الإسمنت في أعمال إعادة الترميم والتأهيل لهذه البيوت التي تُعد من التراث الثقافي والحضاري والإنساني.