تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديو تبدو فيه بريجيت زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تكيل له صفعة موجعة على باب الطائرة قبل الاقفال وبغض النظر ما إذا كانت الصفعة، صفعة دلال أو صفعة جدية فقد أثارت موجة من الاهتمام الكبرى ولفت العالم!
صفعة جعلت الناس يهزجون لهذا المنظر وكأنه جزء من مسرحية هزلية فكاهية. تسليهم في أيام الفراغ الذهني وضمور الفكر والمحل الاقتصادي.
مع الأسف الشديد، تحولت شعوب العالم الى شعوب تتسلى على مدى الساعات بوسائل التواصل وتهمل كل مشاغلها الأساسية حتى تلك التي تكون مصدرا للارتزاق والعمل وخاصة شعوبنا التي ورثت عشق «صندوق الفرجة» وهي في الأصل شعوب من الكسالى؛ لا عمل لها سوى الثرثرة والدردشة والكلام الفارغ على تيك توك وانيستا غرام من غير هدف أو قيمة في هذه الحياة سوى «طق الحنك» فقد ضربت هذه الشعوب عرض الحائط بالقيم الأساسية التي هي الجدية والعمل والمثابرة والتطلع نحو المستقبل من خلال بنائه في الحاضر.
المؤلم والمخزي أن الشعوب الغربية التي صدرت لنا هذه الوسائل مع التكنولوجيا والاتصالات تدرك إدراكا كاملا أن سبب الفشل العلمي والمهني وتكاسل الطلاب في المدارس والشرود الذهني لدى معظم الناس سببها قضاء الوقت في التفرج على التوافه واضاعة الوقت واللهو بأشياء غير منتجة وها هي الشعوب تسير نحو الانحلال والفناء بسبب غبائها.
في عام 2014 أصدر واحد من علماء النفس يدعى جريج ماكوين كتابا عنوانه:« الجوهرية أو السعي المنضبط للأقل » وقد تجاوزت مبيعات هذا الكتاب العالمية المليون نسخة ورشحه موقع(كود ريدرز) لأن يكون افضل كتاب في القيادة leadership والنجاح والذي يمكن قراءته مدى الحياة .
في هذا الكتاب يصف ماكوين الفلسفة الجوهرية التي تعود جذورها الى اليونان القديمة وضمّنه مجموعة من الإرشادات القائمة على اختيار نهج البساطة من أجل التقليل من الضوضاء في الحياة والتركيز على ما هو مهم حقا وذلك من خلال اتباع قاعدة القليل أفضل من الكثير وشدد كثيرا على مسألة التخلص وابعاد المشتتات ورفض المهام التي لا تتوافق مع أولوياتنا فالبساطة الجوهرية هي أسلوب حياة يركز على تبسيط حياتنا من خلال التخلص من الفائض والتركيز على ما هو ضروري حقا لمنفعتنا. ومن بين أهم الاشياء التي يجب أن نتبعها:
عدم استعمال الموبايلات ونحن نقوم بإنجاز اعمالنا المهمة فهي مصدر التشويش الأول وهي مصدر التشتيت للذهن والعقل وكما يقول المثل اللبناني:« تلهي الدب عن عليقه».
نحن نلتقط الخبر ونطوف به في كل مكان نطبل ونزمر له ومطلق الأخبار والقفشات التي نلهو بها وتضيع علينا أوقاتنا الثمينة، يتابع عمله بكل برودة وخاصة مخططاته لقتلنا واستعبادنا غير عابئ بمن كال الصفعة ومن تلقاها ، ومن مات او عاش وما إذا كان فقراء العالم يموتون جوعا أو يقضون سحقا تحت أطنان الأسمنت بعد الغارة الجوية والقنابل ذات المفعول المرعب والانفجارات الهدامة.
إن الذي يطلب النجاح عليه أن يركز على عمله بكل طاقاته ويبتعد عن السوشيال ميديا لعله بذلك يريح أعصابه وضميره على الأقل!!…
بقلم أنطوان يزبك