عمليات العدو العسكرية ومسمياتها التوراتية

جدد العدو الإسرائيلي عمليته العدوانية على غزة باسم جديد يزيد التشويق الإسرائيلي على التطورات التي يرسمها نتنياهو لعدوانه المستمر منذ نحو 500 يوم من الإبادة المستمرة. وتحت هذا الاسم «عربات جدعون» وهو بالعبرية «ميركافوت» جدعون الذي يحمل دلالات دينية وتاريخية وعسكرية، يحاول رئيس حكومة العدو تجديد زخم المعركة وقصده القضاء كليا على حماس كما هدفت اليه المعركة عند بدايتها، علما انه سبق ان تعددت أسماء عمليات العدو على غزة، باعتبارها ردا على عملية طوفان الأقصى وتحت عنوان معركته الوجودية والدفاع عن النفس على حد مزاعمهم. فكانت أولا «السيوف الحديدية» التي اعتبرها المتحدث السابق لجيش العدو تناسب عملية عسكرية محدودة وليست حربا طويلة، وهذا كان راي نتنياهو أيضا.

تم اختيار اسم اخر للعملية المستمرة وهو «جز العشب» التي تعكس استراتيجية استنزاف عسكرية طويلة وبأهداف تتمثل بتقليل قدرة الخصم المواجه على الحاق الأذى بالمهاجم، وأيضا بعقلية تناسب اعتبارات رئيس حكومة العدو الذي يعتبر غزة، منذ وقت غير قصير، انها الحديقة الخلفية لتل ابيب، ولا بد برأيه من تنظيف هذه الحديقة.

لأسماء العمليات العسكرية للعدو، أهداف ليس فقط سياسية، بل هي أيديولوجية ونفسية تستند بمعظمها على البعد الديني التوراتي وطبعا بقصد تعزيز التعبئة النفسية لجيشه.

وتعدّ وحدة الحرب النفسية في جيش العدو اسم العملية العسكرية، وفي هذا المجال يقول افيخاي ادرعي ومنذ عام 2014 ان الجيش يختار الاسم بعد اجراء فحص لمدى ملاءمته مع الرأي العام الإسرائيلي والدولي. لذلك نجد أسماء عملية «يوآف،» على اسم قائد «جيش داوود».

وهكذا نجد أسماء عمليات مثل «عمود السحاب» التي هي كلمة توراتية تستند الى خروج الرب كما يزعمون أمام بني «إسرائيل» في عمود سحاب.

أما عملية «الرصاص المصبوب» على غزة، فهي من اغنية للأطفال اليهود في عيد «حانوكا» وأيضا تم توقيتها مع أعياد حانوكا في ديسمبر عام 2008. بينما كانت عملية «حارس الاسوار» مستوحاة من اغنية عبرية قديمة كتبت على لسان أحد جنود العدو الحالم بأن يكون حارساً لأسوار القدس العتيقة.

وكانت عملية «الجدار الحديدي» التي أطلقها العدو في الضفة الغربية في كانون الثاني الماضي من هذا العام مستلهمة من مصطلح «الجدار الحديدي» الذي وضعه زئيف جابوتنسكي مؤسس وزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية عام 1923 ومعنى ذلك تنفيذ المشروع الصهيوني خلف جدار من حديد يعجز اهل الضفة العرب عن هدمه.

هناك قناعة عند قادة العدو ان الأسماء التوراتية للعمليات العسكرية من جيش العدو على الفلسطينيين، تضفي شرعية أكبر وهذا ما يقوله أكثر من باحث يهودي عن جيش العدو الذي يجهد طيلة وجوده منذ إعلانه دولته في فلسطين على استعمال الأسماء ذوي الرمزية دينية. ومنذ عام ال 48 عام النكبة للعرب كما تعارف، بينما كانت «عملية جدعون» هي التي سيطر فيها العدو على منطقة بيسان وقام بطرد سكانها، وهذا الاسم جدعون، كان اخر عمليات منظمة الهاغانا الصهيونية بين عامي 47 و48

اليوم وفي اظهار واضح لنوايا نتنياهو وقادة العدو باستكمال الحرب التدميرية، ها هو يعود الى اسم جدعون قائده التوراتي الذي انطلق بجيش يبلغ الثلاثين الفا لمواجهة الميديين (وهم بدو من الحجاز) وعاد  منتصرا ومعه فقط ثلاثمائة جندي…..كما تقول السردية التوراتية .هذه السردية  التي لم تثبت مصداقيتها التاريخية ابدا ،رغم ان علماء اثار العدو ينشطون لتثبيت مزاعمهم دون جدوى ،اذ لم يثبت الى الان أي من ادعاءات العدو عن حقائق في سردية تقوم على الأكاذيب الصهيونية وداعميها ولو باستغلال الدين في ابلغ عملية تزوير للتاريخ بحيث يخضعون كتاب ديني لمشروع استعماري عالمي هدفه الهيمنة بالقتل والابادة البعيدة كليا عن اية معايير دينية ….لا بد من الإشارة ان صمت العالم عن جرائم هذا العدو المتظللة بالدين ،سينتهي اجلا ام عاجلا .

ها هي مواقف الدول الغربية وقد بدأت بالتبدل بعدما انكشفت جليا المزاعم الصهيونية بالإبادة بقصد افراغ ارض غزة للهيمنة على الثروات وبمقاصد استراتيجية تريدها تل ابيب كما الأطلسي ،من هنا اختلاف تعاطي وسائل اعلام عالمية مع مذابح غزة ووصف ما يجري ب «العنف الاعمى ،جعل من غزة مساحة للموت حتى لا نقول مقبرة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *