غزة تحتاج إلى إنقاذ… وتحتاج إلى أمل

لم تكن بلادنا تستطيع أن تنعم بالهدوء والاستقرار منذ انطلاق المشروع المعادي، ولكننا اليوم قد دخلنا في حالة استثنائية من الاضطراب في كل الساحات في غزة في الضفة الغربية، ومن شرق الجولان إلى شرق الفرات وما بينهما، ومن جنوب الليطاني إلى سائر الأراضي اللبنانية.

في الشام، يسير مشروع طريق داوود دون اعتراض من حاكم دمشق الجديد وقد جاوزت المناطق التي احتلتها دولة الاحتلال مساحة لبنان، وهي تلتف لتتصل بمشروع الدولة الكردية في شرق الفرات فيما يضرب الاحتلال بالطيران والصواريخ قلب دمشق ومطار حماه، وأصبحت الارض السورية من اقصاها إلى أقصاها مستباحة  من (الإسرائيلي) والتركي والكردي والامريكي الذي استولى على مطار الضمير، وكل ذلك لا يقلق أبو محمد الجولاني الذي يسارع النظام العربي بتأهيله دوليا من خلال ترتيب لقاءه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارة الأخير للرياض المرتقبة.

لبنان على موعد مع زيارة ملكة جمال البرتقال نائبة المبعوث الأمريكي والتي أعلنت أن زيارتها ستكون بهدف بحث نزع سلاح المقاومة، لا لوقف العدوان (الإسرائيلي) المتواصل والذين طال الضاحية الجنوبية لبيروت أول أمس فيما يطل من ثقوب الجرذان من يقول: اذا كانت الدولة عاجزة عن نزع سلاحي المقاومة فمن الممكن تلزيم هذه المهمة (المقاولة) إلى دولة الاحتلال في الجنوب وإلى أبو محمد الجولاني في الشرق.

في فلسطين يتم القتال من جانب واحد أو بكلمات أكثر دقة يتم القتل الذي يستهدف اهل غزة لا المقاومة التي وان كانت لها بقايا إلا أنها غير منظورة، وقد ترافق مع عمليات القتل الجماعي والإبادة حرب التجويع، اذ تفيد بعض التقارير الدولية ان قرابة مليون فلسطيني في غزة مهددون بالموت جوعا خلال فترة قصيرة ان لم يتم توفير الطعام لهم.

 منفذ غزة هو مصر التي منعت دخول الصحفيين الأجانب فأصبحت هذه الحرب هي الحرب الوحيدة في العالم التي لا تغطيها الصحافة العالمية، وإنما ما تبقى من الفضائيات العربية، ومصر التي تتقاضى 20,000 دولار رسوم على كل شاحنة إغاثة إذا سمح (الإسرائيلي) بمرورها تستطيع مصر أن أرادت إدخال الشاحنات دون إذن (إسرائيلي) ولكن هذا الموقف السلبي يعطي الانطباع الأكبر بان مصر قد أصبحت وغيرها من دول نظام العربي شركاء شراكة كاملة في الحرب على غزه.

أول أمس جرت مكالمة هاتفية بين الرئيس الأمريكي ونظيره المصري حول الأوضاع في المنطقة وعلى راسها مسالة غزة يقول الرئيس الأمريكي أن الحديث كان جيدا وان توافقا قد جرى بينه وبين الرئيس المصري، فيما تشير القاهرة ان الرئيس المصري أبلغ ترامب رفض مصر لمشروع التهجير وانه طلب من الولايات المتحدة بالضغط على (إسرائيل) لوقف حربها فمن نصدق ترامب الصريح الفض ام من يلتزم بالحظر الإسرائيلي على إدخال المساعدات.

أعلنت القمة العربية الأخيرة عن تبني مشروع مصري لإعادة أعمار غزه وليكون بديلا لمشروع ترامب القاضي بتهجيره أهل غزة وتحويلها إلى مشروع عقاري سياحي، وهو الموقف الذي حاول الملك عبد الله الثاني الاحتماء به أثناء زيارته لواشنطن، ولكن اليوم نرى ان قادة النظام العربي ينسحبون من الموضوع، الإمارات تؤكد أنها ليست معنية بذلك ينطبق على السعودية فالنظام العربي التابع يريد التخفف من المسالة الفلسطينية التي يراها متلازمه مع المقاومة، وهم بذلك واهمون بان مساله فلسطين من الممكن الخلاص منها وشطبها.

غزه لازالت صامتة رغم الألم ولكنها تحتاج إلى الأمل الذي تفتقده، ومن دروس التاريخ ان غرناطة اخر معقل عربي في الأندلس قد صمدت أمام حصار قشتالة واراجون وقاتل الغرناطيين بشجاعة فيما كانوا يقفون على أسوار مدينتهم وكلما لاح لهم خيال في الأفق ظنوا أن أهل المغرب أو مصر والشام قد وصلوا لنجدتهم ولكن عندما لم تاتي النجدة وفقد الامل سقطت غرناطة، فالقلاع تسقط من الداخل عندما يهزم المحاصرون معنويا.

ولعل هذا حال أهل غزة الذين شاهدنا عودتهم إلى شمال القطاع قبل شهرين في مشهد مثير للإعجاب، رأيناهم يجلسون على تلال أنقاض منازلهم وهم يعقدون الآمال على جبهات الإسناد ومحور المقاومة وعلى ان تتحرك الشعوب بشكل قادر على إجبار الحكام على اتخاذ المواقف لا غاثتهم وإنقاذهم، ولكن المحور انكفأ ولم يتحرك أحد وساد صمت الشعوب لدرجة منحت الفرصة للحكام للامعان في استخفافهم بغزة  واهلها.

غزه تحتاج إلى انقاذ… غزه تحتاج إلى نصرة و إلى من يبعث الامل في اهلها، واهل غزه مقاومه وحاضنه شعبية يستحقون ان نقدم لهم كل ما نستطيع من دعم واسناد وضغط لا جبار النظام العربي على إبداء شيء من الحياء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *