لمناسبة الأوّل من آذار صدر عن عمدة الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي:
مائةٌ وواحدٌ وعشرون مرّةً إحتفلنا بالأولِ من آذار، وسنحتفلُ به مئاتَ المرّاتِ، وتتداور الأجيالُ القادمةُ والتي لم تولد بعدُ آلافَ المرّات على إحياء هذا العيد، عيد ولادةِ الفكرِ والوعيِ القوميَّين، ولادةِ فتى آذار، ولادةِ رجلٍ أعطىَ للحياةِ معنىً، وللحقيقةِ برهاناً علمياً (نشوء الأمم). إنّه أنطون سعاده، الذي وقفَ نفسَه على أمّتهِ السوريّة ووطنِه السوري، عاملاً لحياتِهما ورُقِيِّهما، ولتحقيق المبادئ التي وضَعَها (قسم الزعامة 1935).
أيّها القوميون الاجتماعيون، يا أبناء الحياة، يا أبناءَ أكبرَ مدرسةٍ فكريةٍ على هذه البَسيطة، إنّ الخطرَ اليهودي الذي استشرَفَه سعاده منذ أكثر من مائة عامٍ ما زال قائماً، بل هو اليوم أشدُّ خطراً وشراسةً، وإنّ أنيابَ المطامِعِ التركية ما زالت بارِزةً.
وأمامَ هذين الخطرَين نستَحضِر نداء الزعيم في 2 آذار 1947 للعودة إلى «ساح الجهاد»، هذه العودةُ التي عبَّرَت عنها إرادةُ القوميين عند كلّ المحطّات وفي كل المِحَن والتحدّيات منذ ما قبل قيام دولة الكيان الغاصب عام 1948، مروراً بالثمانينيات حتى أيامنا هذه في معركة «طوفان الاقصى» التي خضناها جنباً إلى جنب مع كل قوى المقاومة في لبنان وفلسطين حيث امتزجت دماءُ شهدائنا بدماء المقاومين على مساحة الوطن، هذا و قد سطَّر نسور الزوبعة ملاحمَ بطوليةً، بدءاً من عملية «وجدي الصايغ» عام 1982 في سوق الخان، وصولاً إلى العمليات الاستشهادية التي أرست معادلة الردع والمقاومة، ومنعت العدو من تحقيق أهدافه. هذه الإرادةُ التي أثبَتَتْ أنّ القوّة راهن عليها صاحب العيد والتي فعَلَت وغيَّرَت وجْهَ التاريخ.
أيها القوميون الاجتماعيون، يا أبناء الأول من أذار،
اليوم، ونحن نواجه تحديات جديدة، وفي ظل محاولات العدو ومن خلفه كل القوى الاستعمارية العمل لرسم خريطة جديد لمنطقتنا ووطننا بدءاً مما رست عليه الحال الخطرة في الكيان الشامي وتزامناً مع الحصار الاقتصادي ومحاولات تفتيت مجتمعاتنا وإضعاف روحنا القومية، يبقى حزبنا السوري القومي الاجتماعي، ركيزةً أساسيةً في التصدي لمشاريع التقسيم والفتنة، فكان القوميون في طليعة المدافعين عن الاستقرار والسلم الأهلي، تماماً كما كانوا في طليعة المقاومين في وجه الاحتلال، حيت ارتقى ثلة من شهدائنا الأبطال على طريق فلسطين وإسناداً لغزة، والذين قاوموا وما زالوا يقاومون مشروع التوسع اليهودي وتهجير شعبنا الفلسطيني من وطنه.
أيها القوميون كما دافعتم عن لبنان وفلسطين والشام وقدمتم أسمى البطولات والتضحيات ثقتنا كبيرة بأنكم لن تتوانوا بالدفاع عن الشام وكل بقعة من وطننا رفضا لمشاريع اليهود التوسعية ونبذاً للفتنة والتقسيم.
أيها الرفقاء، أن ما يميز جهود السوريين القوميين الاجتماعيين في هذه المرحلة هو هذا التكامل في الدور من خلال الجمع بين العمل العسكري والاجتماعي والثقافي والتوعوي في تكامل يعكس فهما عميقا لدورهم النضالي.
حيث يبقى الحزب السوري القومي الاجتماعي نموذجاً حياً بإلتزامه الثابت تجاه قضايا الأمة.
أيها القوميون الاجتماعيون، أن مؤسساتكم القومية الاجتماعية التي تبني المجتمع الجديد ونظام الحياة الجديدة فيه، هي حيز الثورة والتغيير الأساسي في بنية مجتمعكم وهي أداة النهضة الوحيدة وهي بالتالي الأداة الأساسية الأولى لنضالكم القومي الاجتماعي.
لتكن هذه الذكرى محطة انطلاق متجدد لنا للتجذر في عضوية هذه المؤسسات معرفةً وسعياً وإدراكاً وفهماً وإيماناً وعملاً حثيثاً منظماً فاعلاً فيها وبها، فهي لنا أولاً غاية نحقق فيها الوجود القومي الاجتماعي، وهي لنا ثانياً وسيلة نقاتل فيها وبها ركائز المجتمع القديم البالية المفسخة لوحدة الأمة ووحدة جهود شعبنا، وهي لنا ثالثاً وسيلة نقاتل عبرها واستناداً إليها جيوش الغزاة الصهاينة وحلفاءهم في كل شبر من أرضنا المحتلة، كما نقاتل عبرها واستناداً إليها أداة العمالة والارتهان والتآمر المستمرة في تحالفها مع الأعداء على تقسيم الأرض وتفتيت المجتمع.
بهذا الوعي وبهذا الإيمان وبهذا الصراع نكون ما يجب أن نكون
بصاحب العيد زعامة وقدوة ودليلاً روحياً وفكرياً ومنهجياً ونضالياً، نبعث النهضة وننقل بلادنا من شرور التفتيت والتشتيت ونصنع لها السلام والوحدة فتحيا سورية ويحيا سعاده.