نماذج الصراع ومفاتيح مدننا

هناك منهجية لكل فعل يراد منه تحقيق غاية والصراع الذي نخوضه منذ نهاية الحرب العالمية الأولى لا بد أن يخضع لمنهجية ما إذا كنا نريد الوصول إلى الغاية في استرداد الارض وبعث النهضة. يقول سعاده «المجتمع معرفة والمعرفة قوة » والمعرفة هنا ليست على طريقة المخابرات التي شهدنا فلأحها بكل شيء إلا بمسألة الصراع الذي تخوضه الامة.

خاضت الامة الصراع في بادئ الأمر باحتجاجات وانتفاضات حتى حرب ال 48، حرب كان على من يخوض الصراع ان يتنبه لأفعال بعض الأنظمة وجيوشها الجرارة بانها غير معنية باسترداد الارض بحيث اكتفت بقطعة من الكعكة في غزة والضفة. تحت تأثير الشارع والجماهير(الغفورة)

أطلت علينا نكسة ال 67، مرة أخرى يزداد منسوب الإيمان بان «الجمل بنية والجمال», لتأتي الأنباء لاحقاً بأفعال الأنظمة التي قيل انها تنضوي تحت مظلة الدفاع العربي المشترك وهي في الحقيقة تمد العدو بما خفي عنه من اسرار الهجوم المراد شنه.

 في حرب ال 73 يمكن القول بسقوط القناع عما حصل بال 48 إذ، جيل بكامله حتى فهم أهل الأرض أن العروى الوثقى الدينية والإثنية التي ابتدعت بعد سقوط السلطنة ليست متوفرة لنجدة فلسطين.

فصول الحروب الكلاسيكية والهزائم المتلاحقة جعلت القضية تعود لتلقى على اكتاف منظمة التحرير والحركة الوطنية اللبنانية وسند سوري وعراقي فضلاً عن الدعمين الليبي والجزائري كما والكويتي الذي نسج علاقة خاصة مع منظمة التحرير، الحرب اللبنانية بدل ان يبذل الجميع الجهد لإغلاق الملف وتفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر ألهت الأقطاب المذكورين أعلاه عن فلسطين ونجح من خطط لها ببعثرة الجهود  مع فريق أهل القضية بحيث قام عرفات بجعل شارون يصل بيروت ويذهب لاحقاً لقتال الاسد بطرابلس وجعل من طرابلس الشام «تورا بورا» قبل أن تصبح هذه الأخيرة عنوان لظلامية النضال لتلحق بها الشام بعد حين.

الفصل الأخير الذي شهدناه طوفان الأقصى يمكن اعتباره آخر فصول المنهجية التي اتبعت منذ ان كان وعد بلفور. فصل يأتي ضمن السياق العام للقضية. وهو فصل قد يعتبره البعض انتحاري وغير ذي جدوى ويدخل في الروز نامات الاقليمية والدولية، ينطلق هؤلاء من المشهد الميداني للدمار والخسائر التي لا تعوض في الأرواح متناسين ان كلفة الحرية والسيادة لا تخضع لقواعد الحساب العادية، وان المقاومات عبر التاريخ لم تكن لتنجز ما أنجزته لو ان حساباتها تقع تحت مفهوم العين لا تقاوم مخرز.

طوفان الأقصى وسنده اللبناني عرى كل المشاريع من واشنطن مرورا بموسكو وبكين ومعظم عواصم العروبة والإسلام وعليه ان يرسي منهج جديد في الصراع، فلدى اصحاب القضية منهج لا يقوم على الاتكالية، ان على عقيدة معينة او لدعم مادي خارجي بل على الحق والإنسانية والمعرفة فالأمة اليوم تمتلك كل المقومات اللازمة لإرساء منهجها هي  ،وقد جسدت وقفات العز التي لا يمكن للتاريخ تجاهلها ، كل ما تحتاجه للمضي قدماً في صراعها هو نبش تاريخها والبحث عن مكامن القوة فيه منذ التدجين لغاية إطلاق الاسرى والمعتقلين من سجون الاحتلال.

منشأ الصراع الصهيونية والكارتيلات التي استحدثتها في شتى حقول الانتاج إضافة إلى السحر الأسود البابلي كما تدعي(طبع العملة)، والمؤسف أنها تعرت في أذهان الرأي العام العالمي بعد ان لمس الحقد والكراهية التي تكنه حتى تجاه حديثي الولادة ، بينما نجد من يعيشون بين ظهرانينا لا يفتحون لها الأبواب وحسب بل وايضاً يسلمونها المفاتيح من خلال شعوذات الإبراهيمية وسواها  .وما المشهد الأخير في دمشق باستقبال الشرع لحاخامات نيويورك الصهاينة بينما جماعته يقومون بإذكاء الفتن الطائفية والمذهبية إلا لدليل على تسليم تلك المفاتيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *