حدثان في تاريخنا المعاصر، اي بعد سقوط السلطنة في إسطنبول، كان لهما التأثير الأكبر على كل ما يجري لهذه الامة من ويلات. الاول تكليف امير الحجاز بمخاطبة العالم الغربي لرسم سياسة المنطقة، والثاني عدم قدرة المقاومات على تنوعها من الإمساك بزمام الأمور نتيجة التباين بالرؤى فيما بينها فضلاً عن افتقادها لظهير لا يساوم على القضايا الكبرى من اجل ضمان النظام الذي اقامه.
الملفت في المشهد الحالي ان ما يسمى بالثورة السورية، انها اعتمدت نموذج الشريف حسين للتخلص من السلطنة الاسدية، ولذات الاعتبارات المذهبية والسلطوية، قد يعترض البعض على إطلاق نموذج الاسدية نظراً لبعض مواقف النظام التاريخية علماً ان هذا البعض كان لا يتوانى عن إلحاق سورية بالصفة ذاتها سورية الاسد كما كان حالهم مع دولة كمصر (مصر عبد الناصر) هذه الاختزالية للشعوب وللجغرافية هو ما جرت عليه العادة في هذه المنطقة منذ تولي الأمويين سدة الحكم الإسلامي.
إذا كان هذا حالنا مع العقيدة الدينية المقدسة واتينا بالغرب للتخلص من آخر نموذج قدمته، لما لا نفعل ذلك مع آخر نموذج عقائدي قدمه البعث في بغداد ودمشق؟ ولن يختلف الوضع مع نموذجي المقاومة في غزة وجنوب لبنان، هذه الثقافة الاختزالية مهما قدمت من تضحيات لن تحظى يوماً بالإجماع وستبقي للأعداء موطئ قدم لهم بالداخل.
الجميع يعترض عندما نطالب بتبني مشروع وطني أو قومي أو حتى أممي وهو الأمر الذي فرضته مؤخراً معركة غزة حيث يقف الرأي العام العالمي موقف متعاطف مع القضية الفلسطينية لم نشهده من قبل حتى يمكن القول انه أكثر تشريفاً من مواقف العرب وجامعتهم ومنظومة الدولة الاسلامية متحدة منفردة. اذ ان الرأي العام ينظر إلى القضية من منظار تحرري بينما المنظومتان العربية والإسلامية تنظر للأمر من موقع مذهبي وديني واي عملية تحرير يقوم بها هذا الفصيل أو ذاك قد تزلزل عروش وهم بغنى عن ذلك. ولا يعيبهم انتظار دورهم كما حال الثور الأبيض.
يقدم ترامب اليوم مادة اممية جديدة ويعلن بالفم الملآن كل من سيقف في طريق التحليق الاميركي الموعود سوف يلقى القصاص الدنيوي قبل ان يسلط عليه قصاص الآخرة وهو يمسك بالوثيقة الابراهيمية بمعية صديقه في الكيان الغاصب. تحدي جديد لا يستثني منه أحد بداً بالجارين الكندي والمكسيكي وصولاً للجزية التي طالب بها العربية السعودية حتى انه ومن باب الطرافة يمكن ان يكلف الجولاني بحلته الجديدة، كما كلف سابقاً آل عثمان المير فخرالدين بتحصيل الميري.
الانياب الترامبية كشرت ورأينا في الأمس نموذج صغير في القصر الجمهوري في بعبدا حيث بانت سعاد الاورتغوسية وفرح بها رهط لا بأس به من قاطني الصدفة في بلاد الأرز، ولا اعتقد أن قاطني الصدفة في عواصم هذا المشرق هم بعيدون عن هذا الفرح، ترامب خبير مصارعة ويعرف كيف يغري الجميع بالصعود معاً للحلبة لتقديم اكبر إثارة ممكنة بحيث يهلك الجميع ويحتفظ هو برديات النزال.